قضت محكمة القضاء الإدارى فى الإسكندرية، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين صالح كشك ومحمود النجار وخالد شحاتة، ووائل المغاورى نواب رئيس مجلس الدولة فى 150 حكمًا، ببطلان تحصيل محافظ البحيرة مبالغ 3 ملايين جنيه على سبيل التبرع الإجبارى لـ150 مواطنا بمختلف قرى ومراكز محافظة البحيرة كمقابل لمنحهم تراخيص بناء، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزام المحافظ بأن يرد للمواطنين تلك المبالغ المحصلة منهم دون وجه حق وإلزامه المصروفات.
ورفضت المحكمة فى 250 حكمًا أخرى إلزام المحافظ برد 6 ملايين جنيه لـ250 مواطنا عجزوا عن تقديم صور رسمية، ما يفيد بتبرعهم بتلك المبالغ.
وقالت المحكمة إن المشرع الدستورى وضع أصلا عاما من مقتضاه عدم تكليف المواطنين بأداء ضريبة، إلا إذا صدر بها قانون، أما الرسم وهو مبلغ من المال يجبيه أحد الشخصيات العامة من أفراد المواطنين نظير خدمة معينة تؤديها الدولة إليه فلا يجوز فرضه إلا فى حدود القانون ويكتفى فيه المشرع بتقرير مبدأ الرسم تاركا شروط دفعه وتحديد سعره إلى سلطة أخرى.
وأضافت المحكمة أنه باستقراء نصوص قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 ولائحته التنفيذية، فإنها قد خلت من ثمة نص يجيز للمحافظين فرض تبرعات إجبارية على المواطنين مقابل الحصول على تراخيص البناء سوى الرسوم المقررة قانونا فى الشأن، ومن ثم لا يجوز للمحافظين تحصيل أى مبالغ أخرى من المواطنين تحت مسمى تبرع أو خلافه آخذا بعين الاعتبار أن التبرع يجب أن يكون واضحا الدلالة فى نية المتبرع ومقصده وإلا حاد المحافظ وأجهزته التنفيذية والمحلية والإدارية عن الأوضاع والإجراءات القانونية التى لا معدى من التقييد بها فى هذا المضمار، وقد كشفت سيل الدعاوى للمواطنين عن أن المحافظ فرض جبايته على المواطنين بصورة جماعية، وبهذه المثابة لا يجوز للمحافظ أو أجهزته المحلية أو الإدارية تحصيل مثل هذه المبالغ تحت أى مسمى ولو كانت تبرعات لمجافاة ذلك أحكام الدستور وعدم استقامته على سند صحيح من القانون.
وذكرت المحكمة أن الثابت بالأوراق أن 150 مواطنا بمختلف قرى ومراكز محافظة البحيرة تقدموا للإدارة للحصول على تراخيص بناء، إلا أنها قامت بإجبارهم على تحصيل مبالغ مالية مقدارها 3 ملايين جنيه كل مبلغ يختلف عن الآخر على سبيل التبرع، وقدموا للمحكمة صورا رسمية، ما يفيد ذلك، حال أن الدستور لا يجيز للمحافظين إجبار المواطنين على دفع التبرعات مقابل أداء خدمات لهم، وبهذه المثابة فإن محافظ البحيرة يفرض إتاوة على المواطنين دون سند قانونى ترتب آثارا وأعباء مالية على المواطنين الذين يحترمون القانون ويتقدمون بطلبات للحصول على تراخيص بالبناء.
وقالت المحكمة إن هذا التصرف من جانب المحافظ يجعل المواطنون يعزفون عن احترام السبل القانونية السليمة فتنتشر ظاهرة البناء دون ترخيص وما يصاحبها من العشوائيات التى تنال من الكيان المعمارى الأصيل، فضلا عن ضياع الأموال والأرواح نتيجة غياب الدولة عن الرقابة على أعمال البناء بل أن فرض الجباية على المواطن الملتزم بأحكام القانون ليستصدر ترخيصا لمنزله يجعله فى مركز قانونى أسوأ من الآخر الذى لا يحترم القانون ولا يحصل على ترخيص بالبناء وهى نتيجة شاذة تأباها العدالة، فمن ثم يكون تحصيل المحافظ لذلك المبلغ جباية على المدعين دون سند من القانون، مما يتعين معه الحكم ببطلان هذا التحصيل، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزامه بأن يرد لهؤلاء المواطنين تلك المبالغ المحصلة منهم دون وجه حق.