ننشر نص كلمه رئيس الكنيسة الإنجيلية خلال الاحتفال بعيد الميلاد

ينشر" انفراد" نص كلمة القس أندريه زكى رئيس الطائفة الانجيلية والتى القاها فى الكنيسة اليوم الثلاثاء بمناسبة عيد الميلاد ، تحت عنوان " الميلاد ومعنى الحياة. وقال القس اندريه زكى رئيس الطائفة الانجيلية :- - الإخوة والأخوات الكرام: يسرني أن اهنئكم اليوم بعيد الميلاد المجيد، الذي نحتفل فيه بذكرى ميلاد السيد المسيح، - الذي جاء بالأمل والرجاء للإنسانية التائهة الباحثة عن المعنى. • احتفال وسط انتشار كورونا: - ولا يخفى عليكم اليوم أننا نحتفل بعيد الميلاد وسط أجواء لم نختبرها من قبل، - إذ تسبب انتشار جائحة كورونا حول العالم في خسائر كثيرة في الأرواح، - كما أن الخسائر الاقتصادية والاجتماعية اجتاحت بلدان كثيرة. • شكر لله من أجل بلادنا: - نشكر الله لأجل القيادة السياسية وحكومة بلادنا الذين اتخذوا قرارات حكيمة وصائبة وتوفير كافة سُبل الرعاية اللازمة للمصابين. • مشاركة بالإصابة الشخصية: - لكن دعوني اخبركم: لقد أُصِبت شخصيًا بهذا الفيروس، انا وكل افراد عائلتي، - وذلك خلال الأسبوع الأخير من سبتمبر الماضي. - اريد اليوم أن احدثكم عن خبرتي مع كورونا - وكيف تجعلني هذه الخبرة افهم ميلاد المسيح بشكل فريد هذا العام. خبرة كورونا الشخصية: • بدايات الإصابة: - لقد اصبت في أواخر سبتمبر وقمت بعمل تحليل وأشعة والتي لم يكن بها أي إشارة للإصابة بكورونا كانت جيدة واستمريت لمدة أسبوع كامل يتم علاجي على انها نزلة برد. - وفي نهاية الأسبوع الأول وبإصرار الأصدقاء قمت بعمل مسحة وكانت النتيجة انني مصاب بكورونا رغم ان التحاليل والأشعة قالت عكس ذلك، - وهذا ما تسبب في إصابة اسرتي بالكامل. • نتيجة المسحة الإيجابية والانعزال التام: - حينما أُصِبت بفيروس كورونا، وحينما تم تأكيد الإصابة بنتيجة المسحة الإيجابية، بدأت في الانعزال عن العالم حتى يتم الشفاء بالكامل. - خلال هذه المرحلة كان لدىّ ثلاث خبرات رئيسية اشاركها معكم: الخبرة الأولى: الإحساس العميق بالمجهول: o ففي كل مرة كنت أدخل للنوم لم يكن لدىّ أدنى فكرة عمّا سيحدث صباح اليوم التالي. كان هناك شعور عميق بأن الغد مجهول، لا يمكن التكهن به وما سيحمله لي من احداث. هل ستسوء الحالة أكثر، أم ستتحسن؟ o كانت خبرة الإصابة بكورونا وسط كل اخبار الموت التي اسمعها من حولي في أماكن عديدة مختلفة لمن اصابهم المرض بمثابة تعميق الشعور الوجودي الخطير بأن الغد غير مضمون. o وفي كل مرة كنت استيقظ في الصباح اشكر الله انني مازلت حيًا. وكان هذا يحمل استبصار جديد لي في كل صباح: لو أنني استيقظت حيًا اليوم، فهذا بسبب نعمة الله، لا بسبب قدراتي الخاصة. الخبرة الثانية: الاقتلاع من الجذور: هناك ثلاث دوائر تمثل لي الحياة بأكملها: الأسرة، الخدمة، والعمل. o على مدار أسابيع العزل اثناء المرض، اختبرت كيف تم اقتلاعي بالكامل من هذه الجذور العميقة في حياتي. اختبرت كيف أنه في ليلة وضحاها، في غمضة عين، تم اقتلاعي بالكامل من كل الجذور والأساسيات التي ترتكز عليها حياتي واحلامي وآمالي. o أما خدمتي برئاسة الطائفة الإنجيلية وبالكنيسة بشكل عام التي عشت عمري كله لأجلها، فوجدتني بعيد عنها، واتابع اخبارها من بعيد وفي صمت.. o وكذلك انعزلت عن عملي، فلم أستطع أن أكون متواجدًا في كل مجالات العمل سواء بالهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية أو برئاسة الطائفة الإنجيلية أو بكافة مناحي العمل التي امارسها بشكل يومي. الخبرة الثالثة: العزل o في العزل المنزلي تشعر أن كل شخص يبتعد عنك، لأنك تصبح مصدر للعدوى. o كل من كان يتهافت على رؤيتك والجلوس معك أصبح يتحاشى اللقاء معك ولا يمكن أن يخالطك بأي شكل مقبول. o الكتاب المقدس يحدثنا في العهد القدم عن شريعة الأبرص الذي كان يُعزل من المجتمع ويخرج لخارج المحلة يعيش هناك حتى يطهر من مرضه (راجع لاويين 13 – 14). o أقول لكم بصدق: لم تكن هذه خبرة سهلة على النفس بل كانت خبرة وجود قَلِق. o وأصبحت شهادة المسحة السلبية بمثابة شهادة رجوع للحياة مرة أخرى! • معنى الحياة وسط الإصابة بكورونا: - وسط هذه الخبرات الثلاثة، روحت اسأل نفسي: ما معنى هذه الحياة؟ - سأل يعقوب الرسول نفس السؤال: "لأَنَّهُ مَا هِيَ حَيَاتُكُمْ؟ إِنَّهَا بُخَارٌ، يَظْهَرُ قَلِيلًا ثُمَّ يَضْمَحِلُّ." (يع 4: 14). • وهذا ليس سؤال شخصي، بل هو سؤال البشرية كلها: كل واحد فينا يسأله لنفسه في مراحل متفرقة من الحياة: ما معنى هذه الحياة؟ ولماذا نعيش إن كنّا بهذه الهشاشة ويمكن أن نموت في أي لحظة؟ • فِهم ميلاد المسيح وسط كورونا: انطلاقا من هذا السؤال نفهم معنى ميلاد السيد المسيح وأهميته القصوى لنفهم لماذا نعيش اليوم؟ المجوس والملك والقصر • النص: "وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ، فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ، إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: «أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ». فَلَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ اضْطَرَبَ وَجَمِيعُ أُورُشَلِيمَ مَعَهُ." (مت 2: 1 – 3). • ملك حقيقي وملك مزيف: جاء المجوس ليسجدوا لملك حقيقي رأوا علامة ميلاده في السماء، هذا الملك الحقيقي هو المسيح. ولكن يستدعيهم ملك مزيف إلى قصره، هو هيرودس. • موسى/ يسوع – فرعون/ هيرودس: ودائمًا هناك ملوك مزيفين، يستمدون قيمتهم الحقيقية من السلطة، كما فعل فرعون قديمًا حينما حاول أن يقتل الطفل موسى، وهكذا فعل هيرودس حينما حاول قتل يسوع. في الحالتين يصدر كل منهما قرار بالقتل الجماعي ليتخلص من الطفل، وفي الحالتين يتدخل الله لينقذهما. • هيرودس يستمد قيمته من سلطته ومركزه: حينما وُلِد المسيح كان هيرودس الكبير هو الحاكم سياسي الذي ملك على البلاد في الفترة 37 – 4 ق. م. وكان يخاف على منصبه أشد الخوف لدرجة أن يوسيفوس المؤرخ اليهودي يخبرنا أنه قتل اثنين من أبنائه لأن كان لديه هواجس بأنهم يريدون الاستيلاء على عرشه. كان هيرودس مستعدًا أن يفعل أي شيء ليحافظ على سلطته ومركزه ومنصبه ونفوذه وقوته. • هيرودس يُصاب بكورونا: ولكن أدعوكم لثواني قليلة أن تتخيلوا معي لو أن هيرودس بيننا الآن في هذا الزمان وقد أُصِيب بكورونا، ماذا كان سيحدث لأحلامه؟ هل كان المركز والمنصب والنفوذ سيظل بنفس القدر الكبير في عينيه؟ وانا هنا لا اتحدث فقط عن ملك شرير، ولكن اتحدث عن البشر، فكلنا نضع آمالنا في أمر أو آخر في حياتنا وعندما يلهينا هذا عن معنى حياتنا الحقيقي. وجسيم بسيط صغير لا يُرى بالعين المجردة زلزل معنى الحياة. • ميلاد الملك الحقيقي سبب الإضطراب للملك المزيف وكل اورشليم: لاحظ أن في عدد (3) هيرودس خاف من الملك الحقيقي المولود، وكل مدينة اورشليم اضطربت. لماذا كل هذا الخوف من مجرد طفل بسيط؟ في الحقيقة، سبب هذا الخوف في اورشليم هو الرعب الذي آثاره هيرودس في البلدة. وكأن الجميع يعرف مقدار خوف هيرودس من فقدان سيطرته على زمام الأمور. قصر وبيت • قصر مليء بالخوف وبيت مليء بالسلام: ذهب المجوس يبحثون عن الملك، فكان الطبيعي يبحثون في القصر. ولكن بين قصر هيرودس وبيت يسوع مسافة شاسعة. لقد وجدوا الطفل يسوع في بيت بسيط ولكن مليء بالفرح. يقول النص: " فَلَمَّا رَأَوْا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحًا عَظِيمًا جِدًّا." (مت 2: 10). السجود الحقيقي والعبادة • سجود المجوس للملك الحقيقي في البيت: وحينما وجد المجوس يسوع مع امه "خروا وسجدوا له" (مت 2: 11). رغم أن المجوس كانوا علماء فلك وعلوم وفكر كبار من بابل، ولكن هنا نرى نموذج آخر إذ لا يستنكف المجوس بالسجود ليسوع. المجوس يعرفون أن يسوع هو الملك الحقيقي، ومهما كان عِلمهم أو مكانتهم العلمية مرموقة، فإنهم يسجدون للملك الحقيقي. • سجود هيرودس المزيف وسجود المجوس الحقيقي: أدعوكم اعزائي أن تتأملوا كيف أن هيرودس يكذب بادعائه أنه يريد أن يسجد للمسيح حينما يعثروا على مكانه (مت 2: 8). ولكن المجوس منذ بداية القصة "فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ" (2: 2) وحتى نهايتها "فخروا وسجدوا له" (2: 11) يسجدون للملك الحقيقي. نعم، هناك سجود حقيقي وسجود مزيف. • السجود هو العبادة: اعزائي، نحن دائمًا نعبد، ولكن قد نعبد المنصب، السلطة، المال، والقوة، ونصبح مقيدين بهم ولهم. ولكن المجوس لم يفعلوا ذلك، بل سجدوا للملك الحقيقي. وهنا أدعوكم أن نسجد للملك الحقيقي. هدايا المجوس • هدايا المجوس الغالية: انا لن اتطرق لطبيعة هدايا المجوس، لأن متى كل ما يريد أن يقوله بذلك هو أن المجوس قدموا أغلى ما عندهم للمسيح. وهذه دعوتي لكم اليوم: قدموا كل ما لديكم للمسيح، لأن فيه وحده الرجاء الحقيقي، والشبع الحقيقي، والراحة الحقيقية. • هدايانا الغالية: كذلك قدم أغلى ما عندك لخدمة اخيك المحتاج والمريض الذي لا يجد من يساعده ولا يهتم بأمره. أدعوكم أن نحتفل بالميلاد عن طريق المحبة العملية لكل الضعفاء والمقهورين بالمرض والفقر. ليكن احتفالنا بالميلاد بمثابة دعوة جديدة أن نعيش انسانيتنا وسط وباء لا يفرق بين أحد. ميلاد المسيح لنا اليوم • نحن والمجوس: هل نسعى أن نجد قيمة حياتنا في امر مادي، أو منصب اجتماعي، أو مركز قيادي مثل هيرودس؟ أم أننا سنكون في بساطة المجوس الذين وهم علماء كبار استقبلوا خبر ولادة المسيح بالفرح؟ هل نحن مثل هيرودس؟ إن كان اماننا ورؤيتنا لأنفسنا تعتمد على منصبنا او مركزنا فلنعلم أننا يمكن أن نتجرد منها في أي لحظة. • الفراغ الوجودي لا يملأه إلا فرح المسيح: نحن نسعى طوال الوقت لنملأ فراغ حياتنا الوجودي بالعمل، أو العلاقات، أو حتى قد نستخدم الخدمة لتشبع اشتياقنا الداخلي العميق. ولكن أقول لكم بكل وضوح: وسط كورونا، لم أجد فرح حقيقي إلا في علاقتي مع الله. • فرح الرب قوة: قال نحميا قديمًا للشعب "فرح الرب هو قوتكم" (نح 8: 10)، نعم هو قوة نعيش بها اليوم حتى وإن كنّا ضعفاء من الخارج، وهو قوة لأنه المعنى الحقيقي للحياة. لذلك نقول مع الرسول بولس: " لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ، بَلْ وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْنَى، فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا." (2 كو 4: 16). • الخلاصة: فلنثبت في المسيح وليكن هو وحده فقط محور فرحنا الثابت والحقيقي فيكون الميلاد معنى جديد للحياة..



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;