أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى، أن التحديات التى فرضتها جائحة كوررنا وتبعاتها لن تثنينا عن النهوض بأجندتنا الأفريقية، بل هى تزيد من إصرارنا على المضى قدمًا فى تنفيذ خططنا وإعادة البناء بشكل أفضل من أجل تحقيق أهداف أجندة الاتحاد الأفريقى 2063.
وأشار إلى أن تفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية فى مطلع هذا العام لخير مثال على نجاح جهودنا الجماعية، مؤكدًا على دعم مصر الكامل لها، وعلى ضرورة الإسراع فى تنفيذ استحقاقاتها واستكمال مراحل التفاوض بشأنها وتفعيل السياسات الخاصة بها.
جاء ذلك خلال كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى، المسجلة، خلال الجلسة الرئاسية تحت عنوان"سبل التعافى من جائحة كورونا بما يعزز السلام والتنمية المستدامين فى افريقيا" بالنسخة الثانية من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين
وإلى نص الكلمة..
أصحاب الفخامة والسعادة رؤساء الدول والحكومات الأفريقية،
السيدات والسادة،
الحضور الكريم،
يسعدنى فى مستهل كلمتى أن أرحب بكم جميعًا فى الدورة الثانية من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين، تلك المنصة الأفريقية التفاعلية التى دشناها معًا خلال رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى فى عام ۲۰۱۹ للدفع بأجندة طموحة تعمل على توثيق العلاقة بين استقرار حالة السلم والأمن وتحقيق التنمية المستدامة فى قارتنا، وعلى تعزيز التعاون بين دولنا ومع شركائنا.
لقد حالت الظروف الاستثنائية التى فرضتها جائحة كورونا دون أن نعاود اجتماعنا وجهًا لوجه فى مدينة أسوان العام الماضى، إلا أن مصر حرصت على عقد الدورة الثانية من المنتدى بشكل افتراضى للبناء على قوة الدفع الذى ولدته الدورة الأولى وما حققته من نجاحات، وانطلاقًا من إيمانها بأن الوقت الراهن هو الأمثل لنتدارس معًا التحديات الجسيمة التى تواجه قارتنا، لنناقش ونبحث أفضل السبل والآليات لدعم جهودنا المشتركة من أجل التعافى من الجائحة وإعادة البناء بشكل أفضل للعبور بقارتنا من تلك الأزمة إلى بر الأمان.
السيدات والسادة،
لقد أثبتنا خلال العام الماضى أن التحديات التى فرضتها الجائحة وتبعاتها لن تثنينا عن النهوض بأجندتنا الأفريقية، بل هى تزيد من إصرارنا على المضى قدمًا فى تنفيذ خططنا وإعادة البناء بشكل أفضل من أجل تحقيق أهداف أجندة الاتحاد الأفريقى 2063.
ولعل تفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية فى مطلع هذا العام لخير مثال على نجاح جهودنا الجماعية، وأعاود التأكيد على دعم مصر الكامل لها، وعلى ضرورة الإسراع فى تنفيذ استحقاقاتها واستكمال مراحل التفاوض بشأنها وتفعيل السياسات الخاصة بها.
كما تعتبر مشروعات البنية التحتية ركيزة أساسية لجهود التنمية والتعافى فى افريقيا، فما أحوجنا الآن إلى مشروعات طموحة مثل مشروعات النقل والطرق والربط الكهربائى العابرة للحدود لتعزيز التكامل الاقتصادى والاندماج الإقليمى المنشودين، فضلًا عن تهيئة بيئة مواتية لتحقيق مستويات أعلى من النمو وتوفير فرص عمل، بما يسهم فى تجاوز التداعيات الاقتصادية للجائحة. وتجربة مصر الرائدة فى مشروعات البنية التحتية تعد مثالًا يسعدنا مشاركته مع أشقائنا.
وأود أيضًا إبراز أهمية تكنولوجيا المعلومات فى التعامل مع تداعيات الجائحة ودورها المحورى فى كافة أوجه حياتنا خلال هذه الفترة، وهو ما يؤكد على ضرورة زيادة الاستثمارات فى مجال التحول الرقمى فى قارتنا بما يعظم الاستفادة من الفرص التى توفرها هذه التكنولوجيا فى مختلف المجالات.
كما أن التعافى الشامل من الجائحة يتطلب تطوير السياسات التنموية المستدامة التى تشمل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، حيث أظهرت الجائحة تداخل وتشابك المخاطر والتحديات التى تواجه مجتمعاتنا ودولنا، وإننى على ثقة أن مناقشات المنتدى ستوفر فرصة مواتية لتبادل الخبرات والآراء حول كيفية تطوير تلك السياسات.
السيدات والسادة،
بخلاف الأعباء الثقيلة التى حلت على عاتق دولنا بسبب جائحة کورونا، ما تزال إفريقيا تعانى من أخطار النزاعات المسلحة، والحروب الأهلية، بما يهدد من استدامة الأمن فى القارة. كما باتت سهام الإرهاب تحاول تقويض استقرار شعوبنا، فضلًا عما تجلبه من ظواهر عابرة للحدود مثل تهريب وانتشار الأسلحة وتفاقم الجرائم المنظمة والاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية والنزوح القسري. وقد أسهمت الجائحة بما سببته من تداعيات اقتصادية واجتماعية جسيمة فى تفاقم هذه الأخطار، وهو ما يتطلب توحيد الجهود لدعم الأطر والآليات الأفريقية لمنع وتسوية النزاعات، وتعزيز قدرات دول القارة للتعامل مع التهديدات والمخاطر القائمة، فضلًا عن أهمية التركيز على النهوض بدور المرأة فى أجندة السلم والأمن، والاستثمار فى تطبيق نهج وقائى للأزمات، والعمل على توثيق العلاقة بين الأطراف الفاعلة فى مجالات السلم والأمن والتنمية، بما يسهم فى معالجة الأسباب الجذرية للنزاعات.
وفى هذا السياق، أود التأكيد على أهمية اختيار "الفنون والثقافة والتراث" كموضوع الاتحاد الافريقى لعام ۲۰۲۱ باعتباره القوة الناعمة فى تقارب الشعوب، بما يساعد على التعامل مع التحديات بفكر مستنير يرقى لثقافة وحضارة دولنا الأفريقية، ويعزز من السلم والأمن والتنمية فى قارتنا العظيمة.
كما أن تحقيق السلام المستدام يتطلب تحصين الدول الخارجة من النزاعات ضد الانتكاسات عن طريق بناء قدرات مؤسساتها على الصمود وتمكينها من تأدية مهامها الموكلة إليها ودفع عجلة التنمية. من هذا المنطلق، نؤكد التزامنا بالاضطلاع بمسئوليتنا فى ريادة ملف إعادة الإعمار والتنمية فى مرحلة ما بعد النزاعات، من خلال تفعيل مركز الاتحاد الأفريقى المعنى بهذه القضية على أرض مصر لوضع الخطط والبرامج التنموية، بالتنسيق مع كل دولة معنية وفقأ لأوضاعها وأولوياتها الوطنية، وبحث أفضل الآليات والسبل لتنفيذها على أرض الواقع، كما أن رئاسة مصر للجنة بناء السلام التابعة للأمم المتحدة تفتح الباب أمام تعزيز التعاون بين الاتحاد الإفريقى والأمم المتحدة فى هذا المجال.
أصحاب الفخامة والسعادة رؤساء الدول والحكومات الأفريقية،
السيدات والسادة،
فى تلك الظروف الاستثنائية التى يشهدها عالمنا اليوم فى ظل تفشى جائحة كورونا، تؤكد مصر على أن التضامن الدولى أمر ملح حتى تخرج الإنسانية من هذه الأزمة فى سلام وأمان. فعلى الرغم من جهودنا الإقليمية والدولية لمواجهة الجائحة، فإن المرحلة الراهنة جاءت بتحديات جديدة فى مقدمتها توفير اللقاح اللازم لشعوبنا، حيث يهمنى التأكيد فى هذه المناسبة على المطلب الأفريقى بضرورة أن يتم توفيره بشكل أكثر إنصافًا وعدلًا تلبية لمطالب شعوب قارتنا.
السادة الحضور،
اختتم كلمتى على أمل بلقاء فعلى قريب، بعد أن نكون قد طوينا صفحة الوباء، بما يتيح عقد الدورة القادمة من المنتدى وجهًا لوجه فى أسوان، أرض الحضارة والتاريخ.