أكد الشيخ أحمد تركى، من علماء الأزهر الشريف، أنه يجوز الاستفادة من الخنزير طبيًا بإنتاج الأنسولين، وخيوط الجروح والعمليات والأنسجة المستخدمة فى دعامات القلب، والاستعانة بكليته لإحياء إنسان مريض بفشل كلوى ويحتاج إلى كلية، مع حرمة أكل لحمه كما نص القرآن الكريم.
وأضاف فى تصريحات لـ"انفراد"، كما يجوز إنتاج السموم من العقارب والحيات لإنتاج الأمصال والأدوية والتى يقدر اللتر الواحد من تلك السموم بعشرة ملايين دولار، وبخة السموم الواحدة فى الهواء من الكوبرا وهى تدافع عن نفسها قد يصل ثمن السم فيها إلى مئات الدولارات.
وتابع: رغم أن النبى صلى الله عليه وسلم أمرنا بقتلها حتى لا يتعرض إنسان للدغ، إلا أن إنتاجها حلال عندما تم توجيهه إلى النفع بعدما كان فقط للقتل والضرر.
وأوضح أنه لا ينبغى عرض هذه المسائل العلمية على الفقهاء للحكم عليها بالحل أو الحرمة قبل عرضها على العلم لبيان مساحة النفع والضرر والمصلحة والمفسدة، لماذا؟، لأن مساحة الحرام فى القرآن لها حدود، وحدودها ما هو منصوص على حرمته صراحةً، قال تعالى: «قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» (151) الأنعام.
واستطرد؛ هذه المساحة مساحةٌ ضيقة جدًا، حيث أن الآيات التى تناولت النهى عن المحرمات وقررت ما هو محرم على الإنسان فى حياته 219 آية بالتكرار، فقد يتكرر تأكيد النهى الواحد عدة مرات، كحرمة القتل، تكررت تأكيدًا عدة مرات، وكحرمة أكل أموال الناس بالباطل، وأكل مال اليتيم، وحرمة تناول الميتة والدم ولحم الخنزير... إلخ.
ولا يجوز الحكم بالحرمة على أى شىء مستجد لا نص فيه إلا بثبوت ضرره ويكون ضرره أكثر من نفعه (وإثمهما أكبر من نفعهما )، فأى اكتشاف جديد لا ينبغى عرضه على الفقهاء بدايةً، ولكن مكانه الطبيعى قاعات العلم والتخصص للوصول إلى حقيقة المصالح والمفاسد، أو المنافع والأضرار، فإذا تبينت مساحات النفع والضرر بأبحاث علمية موثقة، وكان النفع أكبر من الضرر، فهذا مباح. ولا يتم الحكم عليه بالحرمة إلا بعد التأكد من أن الضرر أكبر من النفع، وفى هذه الحالة، سيرفضه علماء التخصص لخطره على الصحة العامة.
وأضاف أنه من العبث استدعاء آراء فقهية من القرن الرابع الهجرى كانت تأخذ بالأحوطيات الفقهية، وتصورها العلمى محدود للغاية بحكم عصرها البدائى الرتيب، وكانت آراؤهم لهذا العصر وعلاقتها بالخنزير فقط هل نأكله وندبغ جلده أم لا؟، ومن الجنون جعل هذه الآراء الفقهية فى مقابل العلم ومصالح العباد والبلاد فى عصرنا الحاضر، فنحن لا نعارض النصوص القطعية فى التحريم، إنما نعارض الآراء الفقهية المؤولة للنصوص إذا عارضت العقل والمنطق والعلم ومصلحة الإنسان التى قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنتم أعلم بشؤون دنياكم ».
وقال: أرى أن العقل الجمعى الدينى مسموم ويحتاج إلى علاج وتنقية من السموم حتى لا تنعكس سمومه على صورة الإسلام وهدى النبى الأعظم صلى الله عليه وسلم الموصوف بالمحجة البيضاء، كما أرى أن الإسراع بتحريم كل ما هو جديد حضاريًا من قبل بعض المتشرعين بدعوى الالتزام بالدين، طفولة على مستوى التفكير والرشد، ومسىء لدين الله تعالى وللقرآن الكريم، الذى دعانا إلى التفكر والرؤية والنظر والذكر والتدبر من خلال 2500 آية فى القرآن الكريم، كما أعلن رفضى بكل قواى العقلية وعلمى الأزهرى المتواضع لعرض هذه المسائل العلمية على لجان الفتاوى الدينية قبل عرضها على لجان الـ ethics « أخلاقيات البحث العلمى ».