أكد السفير عمرو رمضان، مندوب مصر الدائم بالأمم المتحدة فى جنيف، أن أية قرارات تعتمدها الأمم المتحدة حول مسألة الشذوذ الجنسى وحقوق المثليين لا قيمة لها، لأنها لن تغير شيئاً فى الواقع العالمى الذى يرفض فيه الجانب الأكبر من المجتمعات والثقافات هذه الممارسات وأساليب الحياة التى تروج لها الدول الغربية، ومن يدور فى فلكها، دون أى احترام للتنوع والخصوصيات الدينية والثقافية والأخلاقية والاجتماعية لمختلف دول العالم.
وأضاف "رمضان"، أن بعض الدول اللاتينية، كالبرازيل والأرجنتين وتشيلى والمكسيك، ومن خلفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، صعدت تناول هذا الملف خلال الدورة الثانية والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان، وطالبت بتعيين خبير مستقل لمتابعة مسألة التوجه الجنسى وحقوق الشواذ والمثليين تحت غطاء مكافحة العنف ضدهم، بما فى ذلك مسائل غاية فى الخطورة، كحق هذه الفئات فى الزواج وتبنى الأطفال، وهو الأمر الذى يتعارض بشكل صارخ مع القانون الدولى لحقوق الإنسان والسيادة الوطنية للدول الأعضاء فى الأمم المتحدة، فى ضوء أنه يسعى من باب خلفى لتأسيس حق خلافى لتصنيف البشر قانونياً وفقاً لميولهم وسلوكياتهم الجنسية.
جاءت هذه التصريحات فى سياق تعقيب المندوب الدائم المصرى على جلسة مجلس حقوق الإنسان، التى استمرت بعد ظهر الخميس 30 يونيو لأكثر من أربع ساعات، وانتهت باعتماد المجلس لمشروع القرار الذى يطالب بإنشاء هذه الولاية الجديدة، بعد أن صوتت 23 دولة لصالح القرار مقابل معارضة 18 دولة له، وامتناع 6 دول عن التصويت، ولم يتمكن وفد مصر من المشاركة فى عملية التصويت فى ضوء أن مصر لا تحظى حالياً بعضوية مجلس حقوق الإنسان.
وأضاف "رمضان" أن الوفد المصرى رفض مشروع القرار الذى يخالف القيم المصرية، وتحرك فى إطار المجموعة الإسلامية بتنسيق مع الدول متشابهة الفكر من خارجها، حيث تم وضع خطة التحرك التى اتبعتها المجموعة الإسلامية فى معارضة مشروع القرار ما ساهم بفاعلية للحشد ضد الأفكار والمفاهيم غير الأخلاقية التى يروج لها لها وصولاً لإدراج سبعة تعديلات موضوعية مهمة مقترحة من مصر والمجموعة الإسلامية على مشروع القرار، بالرغم من تمريره بالتصويت فى نهاية المطاف، وتم التصويت على هذه التعديلات كذلك بعد أن رفضها أصحاب القرار، إلا أن غالبية الدول الأعضاء فى مجلس حقوق الإنسان صوتت لصالحها بينما لم تنجح أربعة تعديلات أخرى.
وشملت التعديلات التى أدرجت على القرار النص على احترام الخصوصيات الدينية والثقافية للشعوب، والتشديد على أن الممارسات الخاصة للأفراد تقع خارج نطاق القانون الدولى ولا ينبغى فرضها كمصطلحات خلافية وغير مُتفق عليها، وأهمية احترام النقاشات الوطنية والحوارات الداخلية فى القضايا التى تتسم بدرجة عالية من الحساسية، والتنديد بالترهيب والضغوط التى تُمارس ضد دول الشرق للتأثير على مسارات النقاشات الوطنية بها، وكان الأهم هو التعديل الذى نوه بأن تنفيذ هذا القرار سيكون فى إطار حدود الحق السيادى للدول ووفقاً لأولوياتها التنموية وفى سياق احترم القيم الدينية والأخلاقية والثقافية. وتُعد هذه السابقة الأولى فى تاريخ مجلس حقوق الإنسان التى يتم التمكن من إدخال هذا الكم من التعديلات التى تُغير بشكل كبير من التوجه العام لمشروع قرار. وتجدر الإشارة إلى أن التعديل الخاص بإجهاض الولاية المُزمع إنشاؤها سقط بفارق صوتين فقط حيث صوت لصالحه 19 دولة بينما صوتت ضده 17 دولة، وإمتنعت 8 دول فى حين لم تشارك فى التصويت ثلاثة دول.
وذكر السفير عمرو رمضان أن المقاومة الشرسة التى واجهها مشروع القرار وما تم إلحاقه به من تعديلات جاء نتيجة التعاون والتنسيق الوثيق الذى حدث بين الدول العربية والإسلامية وعدد من الدول الأفريقية وبعض الدول الأخري. وأشاد فى هذا الصدد بالمواقف الحازمة التى اتخذتها دول كالسعودية وباكستان ونيجيريا والإمارات وقطر والمغرب وبنجلاديش والمالديف واندونيسيا وتوجو وساحل العاج والكونغو وبوروندى وكينيا وروسيا والصين وقيرغزستان بل وحتى جنوب أفريقيا ودول ككوبا وفنزويلا والإكوادور الذين برغم توافق مشروع القرار مع تشريعاتهم الوطنية رأوا فيه محاولة للهيمنة والاستعلاء من جانب الدول الغربية. وفى المقابل جاءت مواقف دول مثل إثيوبيا وغانا وبوتسوانا وناميبيا مفاجئة ومخيبة للآمال لا سيما فى ظل عدم احترامها لقرار القادة الأفارقة فى قمة كمبالا عام 2010 برفض المساعى الرامية لفرض أية مفاهيم خلافية غير مُتفق عليها كالتوجه الجنسى.
وأشار السفير رمضان إلى أن وفد مصر خلال الملاحظات الختامية التى سيلقيها اليوم فى نهاية دورة المجلس ستؤكد على أن نتيجة التصويت على مشروع القرار والتعديلات المُقدمة ضده تعكس انعدام التوافق حوله وحول ولاية الخبير المستقل التى أسسها وسيشدد على تأييد مصر بشكل كامل للموقف الإسلامى الذى قرر عدم الاعتراف بها ومقاطعتها بشكل تام.