بوجوه مستبشرة فى أن ينال أصحابها رضا الله وغفرانه، وصلت اليوم الأحد إلى المدينة المنورة، بعثة حجاج أسر شهداء الشرطة؛ حيث كان في استقبالهم اللواء علاء الأحمدي مساعد وزير الداخلية للشئون الإدارية رئيس بعثة الحج المصرية بمطار الأمير محمد بن عبدالعزيز.
وفور هبوط الطائرة التى أقلت أسر شهداء الشرطة، الذين ضحوا بحياتهم من أجل تحقيق أمن وآمان الوطن، بدت على الوجوه مشاعر الأسى والألم على فراق الزوج أو الابن أو الأب، ولكن فور خروجهم من المطار، تبدلت تلك المشاعر وحلت مكانها مشاعر اللهفة على زيارة الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، وبيت الله الحرام وآداء شعائر العمرة والحج، طمعا فى أن يغفر الله لأصحابها ذنوبهم ويتقبل حجتهم ويعيدهم كيوم ولدتهم أمهاتهم من جانب، ويصبرهم على فراق أحبتهم شهداء الواجب من جانب آخر.
قلوبهم كانت منقسمة فور وصولهم إلى فندق إقامتهم المطل على المسجد النبوي الشريف، نصفها وجيعة على فراق أعز الناس إليهم، والنصف الآخر فرحة بالمنحة الإلهية التى منحهم الله إياها بحج بيته الحرام، من خلال الرحلة التى قدمتها وزارة الداخلية هدية إيمانية لأسر شهدائها، نظير ما قدموه من بطولات سطروا بها أسماءهم بأحرف من نور فى سجلات الواجب والشرف.
ولم يكتف اللواء علاء الأحمدي باستقبال أسر الشهداء بمطار الأمير محمد بن عبدالعزيز، لكنه حرص أيضا على اصطحابهم إلى فندق إقامتهم؛ حيث تم استقبالهم بالورود والأناشيد الدينية، بالإضافة إلى قيام مسئولي الفندق بإعداد تورتة كبيرة عليها علما مصر والسعودية، تأكيدا على العلاقات القوية والمتينة والتي تربط البلدين الشقيقين من جانب، وتقديرا لأسر شهداء الشرطة من جانب آخر.
وحرص موفد وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى الأراضى المقدسة، على لقاء عدد من أسر شهداء الشرطة، والذين أعربوا عن سعادتهم الغامرة، بحج بيت الله الحرام، مؤكدين في الوقت نفسه فخرهم واعتزازهم بتضحيات أزواجهم وفلذات أكبادهم فى سبيل تحقيق أمن الوطن، واستعدادهم لبذل الغالي والنفيس وتقديم المزيد من الشهداء من أجل مصلحة أرض الكنانة.
وشدد أسر شهداء الشرطة على أن عزاءهم فى فقدان الابن أو الزوج أو الشقيق، هو رفعة اسم مصر عاليا، وأنهم شاركوا فى تحقيق أمن الوطن بدمائهم الطاهرة التى خلدتهم فى تاريخ الشرف والواجب، مثمنين جهود وزارة الداخلية في تقديم كافة أوجه الرعاية المتكاملة لهم.
من جانبها، قالت الحاجة نبيلة السيد حرم الشهيد الرائد محمود عطية، إن وزارة الداخلية لا تألوا جهدا في خدمة أسر الشهداء، وليس هناك دليلا أكثر من هذه الرحلة الإيمانية التي يحلم بها الجميع، وأضافت قائلة "الشهيد راح وربنا كرمنا بسببه، ربنا يرحمه.. هو كان دائما بيطلب الشهادة، وبسببه نحن مكرمون حاليا، وأحب أشكر وزارة الداخلية إللي مش سايبانا أبدا، وتحيطنا بالاهتمام الدائم".
بدورها، قال الحاج المهندس أحمد هيبة من أسرة الشهيد الرائد أحمد فاروق بدران، إن استقبال بعثة القرعة لأسر الشهداء يفوق الوصف، ويثلج قلوب أسر الشهداء المفجوعة على فلذات أكبادها، مؤكدا أنه كان يتمنى أن يكون الشهيد حاضرا، ليرى زملاءه وأشقاءه في وزارة الداخلية، وهم يعملون على مدار الـ24 ساعة لخدمة أسرته، سواء على أرض الوطن أو في الأراضي المقدسة.
وقالت الحاجة صفاء سليمان زوجة الشهيد اللواء ياسر عسر "زوجي الشهيد البطل انقتل إلى جوار ربه منذ عامين، لكن ظروف جائحة كورونا أدت إلى توقف الحج، لكني عندما علمت بهدية وزارة الداخلية لي هذا العام، باختياري ضمن حجاج أسر الشهداء، وقلبي لم يتوقف عن الخفق، فرحة بتلك الرحلة الإيمانية التي طالما تمنيتها، وشعرت بكيفية مساندة الدولة ممثلة في وزارة الداخلية لأسر الشهداء، واهتمامها الكامل بكل صغيرة وكبيرة تخصهم".
من جانبها، قالت الحاجة كارمن شحاتة والدة الشهيد المقدم عبدالرحمن عادل عبدالرحمن باكية، "الحمد لله .. فخورة بابني البطل، وهو عايش وهو شهيد، وأنا سعيدة بلقب (والدة الشهيد).. إبني كان حاجة حلوة في حياتي وفي حياة الناس كلها، ولا يتأخر أبدا في خدمة أى محتاج .. وإن شاء الله هو اللي حيدخلني الجنة".
من جانبه، أكد اللواء علاء الأحمدي مساعد وزير الداخلية لقطاع الشئون الإدارية رئيس بعثة الحج المصرية، أن اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، وجه بتقديم كافة أوجه التسهيلات لأسر شهداء الشرطة، منذ لحظة مغادرتهم أرض الوطن، مرورا بوصولهم إلى الأراضي المقدسة لآداء المناسك، وحتى عودتهم سالمين غانمين إلى ديارهم.
وأضاف اللواء الأحمدي قائلا "ما تقدمه وزارة الداخلية لأسر شهداء الشرطة الأبرار الذين ضحوا بأرواحهم الطاهرة من أجل تحقيق أمن وآمان مصر، هو أقل من الواجب تجاه أبطال سطروا بطولات، وصنعوا ملحمة وطنية سيذكرها التاريخ أبد الدهر؛ حيث خاضوا مع زملائهم حربا شرسة ضد كل من تسول له نفسه ترويع شعب مصر العظيم، والإضرار بمقدرات الوطن، ولكن هؤلاء الأبطال وغيرهم، وقفوا صدا منيعا أمام تلك المحاولات التى لم ولن تنجح في زعزعة استقرار الوطن".
وأوضح أن أرواح شهداء الشرطة الأبطال وبطولاتهم، لن ينساها التاريخ، مشددا على أن تضحياتهم الغالية وبطولاتهم، لن تزيد زملاءهم إلا قوة وإصرارا على مكافحة الإرهاب الأسود، والتصدي للجريمة بشتى صورها، وبذل الغالي والنفيس من أجل تحقيق أمن المواطن والحفاظ على مقدرات الوطن.
تأتي المناسبات دائما لتكون فرصة لإظهار الاحتفاء بكل ذوى فضل، وليس هناك مناسبة أفضل من موسم حج بيت الله الحرام الذي تهفو إليه كل القلوب، وليس هناك أفضل ممن قدم الغالي والنفيس من أجل رفعة شأن وطنه..وهو الشهيد.
وذوو الشهداء يستحقون التحية من الجميع، فهم الذين دفعوا ثمن تضحيات أحبتهم من فراق وفقدان الأب والأخ والابن، ولأن الدولة على أعلى المستويات لا تنسى ذوي الشهداء، وتتحرى كل مناسبة لتقديم التقدير والعرفان لأسر الشهداء، تأتي وزارة الداخلية كعادتها دائما، لترد ولو جزءا يسيرا من الجميل لهم، من خلال إهدائهم رحلة الحج، عرفاناً وتقديراً لما بذله أبناؤهم وأزواجهم من نفيس وغال من أجل أمن وسلامة وطننا والحفاظ عليه.