أكد الرئيس الفلسطين محمود عباس "أبومازن"، أن حل قضية نقص المياه في الوطن العربي يقتضي وضع استراتيجية عربية موحدة وشاملة تدافع عن الحقوق التاريخية في المياه العربية في مواجهة الاحتلال، أو الاستغلال، أو التغوّل عليها، ووضع الخطط لمواجهة العجز المائي والغذائي في ظل التحديات القائمة.
جاء ذلك في كلمة الرئيس الفلسطيني اليوم الأربعاء في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العربي الرابع للمياه، الذي تنظمه دولة فلسطين ويعقد تحت رعايته في الجامعة العربية، وألقاها نيابة عنه عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية نائب رئيس الوزراءزياد أبو عمرو.
وقال الرئيس عباس: "الأمن المائي العربي يشكل تحديا كبيرا لقرابة 453 مليون مواطن عربي، وهي قضية تستحوذ على اهتمام الدول العربية، كما تمثل ذلك بقرار جامعة الدول العربية بإنشاء مجلس وزراء المياه العرب"، مؤكدا على ضرورة الاستجابة للطلب المتزايد على المياه والغذاء، اللذين يشكلان تحديا كبيرا في ظل محدودية المصادر في الوطن العربي، وفي ظل الجفاف، والتصحر، وسوء الاستخدام، وأيضاً استخدام المياه كسلاح، وتعاظم النزاعات، خاصة على المياه العابرة للحدود.
وأكد الرئيس الفلسطيني رفضه أن تبقى المياه الفلسطينية رهن الاحتلال الإسرائيلي أو السيطرة أو الاستغلال غير القانوني، مضيفا: "سنتوجه إلى الجهات الدولية المختصة لوقف عدوان الاحتلال على مياهنا".
وأضاف عباس، أن البحر الميت يشكّل نموذجاً آخر للاعتداء على مياهنا، حيث يتقلص عاماً بعد عام، بسبب تحويل مياه الأنهر أو حبسها، وغياب الاتفاق حول التحصيص والادارة، بما يتوافق مع مبادئ واعراف القانون الدولي، مضيفا: "نحن نرفض أن تبقى مياهنا رهن الاحتلال أو السيطرة أو الاستغلال غير القانوني في الأنهار من منابعها إلى مصباتها، وفي الأحواض الجوفية العابرة للحدود، وسوف نتوجه إلى الجهات الدولية المختصة لوقف هذا العدوان على مياهنا".
وقدم الرئيس الفلسطيني، في كلمته التهنئة للرئيس عبدالفتاح السيسي ومصر، على تنظيم ورعاية وقيادة مؤتمر الأطراف الـ 27 للتغيّر المناخي، والذي عقد في شرم الشيخ، ولما تحقق من نجاح ونتائج لمواجهة الاحتباس الحراري، ووقوف الدول إزاء التزاماتها، وهو ما يؤكد على أهمية دور مصر دولياً وإقليمياً وعربياً.
وقال إن مياه الوطن العربي العابرة للحدود هي قضية عربية ومسألة أمن قومي عربي، فمياه النيل من مصبِّه وعلى طول مجراه، هي أمن قومي مصري وسوداني وعربي، ونحن نقف مع أشقائنا في مصر والسودان في مطالبهما في كلّ مايتعلق بموضوع سد النهضة، وفي ضمان عدم المساس بأمنهما المائي أو الزراعي أو ذلك المتعلق بالطاقة، داعيا إلى التوصّل لاتفاق قانوني ملزم بين مصر والسودان وإثيوبيا، اتساقاً مع البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن في سبتمبر 2021، وذلك على النحو الذي يكرِّس التعاون ويرسِّخ المصالح المشتركة بين شعوب المنطقة.
وأضاف أن موقفنا هذا ينطبق على مصادر المياه العربية كافة، وخاصة في فلسطين، حيث تقوم دولة الاحتلال بسرقة الأرض وبناء المستوطنات عليها، وسرقة مياهنا وبيعها لنا، ما خلق أزمة مياه خانقة لدينا، انعكست آثارها على تقليص حجم الزراعة والتنمية والتطور في بلدنا بشكل عام، وعلى الجوانب الصحية والبيئية لحياتنا على حدٍ سواء.
وتابع عباس: "إن الصراع بيننا وبين الاحتلال لا يقتصر على المياه، أو على مواردنا الطبيعية التي تنهبها دولة الاحتلال العنصري، أو طمس روايتنا الوطنية، بل يشمل هذا الصراع وجودنا المادي والوطني على أرضنا، أرض فلسطين بعاصمتها القدس الشريف"، مضيفا: "نحن ندرك أننا لن نحصل على حقنا في مياهنا طالما ظل هذا الاحتلال العنصري جاثماً على صدورنا، ولذلك فإن دحر هذا الاحتلال يشكّل الأولوية القصوى بالنسبة لنا".
ودعا إلى التعاون العربي المشترك لإيجاد المصادر البديلة للمياه في مشاريع كبرى يستفيد منها الجميع، وذلك في ظل النقص الحاد في المياه في الدول العربية، متطلعا إلى الدعم العربي من أجل نيل الحقوق المائية في فلسطين.
ونبه الرئيس الفلسطيني إلى أنه نتيجة للسيطرة الإسرائيلية على مصادرنا المائية وسرقتها، تصل حصة الفرد في فلسطين بمعدلها العام إلى قرابة 87 لتراً يومياً، وفي بعض التجمعات لاتتجاوز الحصة 20 لتراً، بالمقارنة مع معدل ما يستهلكه المستوطن الاستعماري الإسرائيلي والذي يصل إلى 580 لتراً يومياً، مضيفا: أهلنا وشعبنا في قطاع غزة مياههم شحيحة وغير صالحة للاستهلاك البشري بشهادة تقارير الامم المتحدة والمنظمات الدولية".
وقدم الرئيس أبومازن الشكر للدول العربية وللدول المانحة، على الدعم المالي والفني لبناء شبكات وخطوط المياه، ومحطات الصرف الصحي، ومحطات التحلية والدعم الفني، وهو ما يساعدنا على الصمود والبقاء، لأننا شعب مصمم على الصمود والبقاء.
وأعرب عن سعادته لتمكن سلطة المياه الفلسطينية، بدعم عربي ودعم الأصدقاء من الدول المانحة والمنظمات الدولية، من الحد من تلوث البحر وتنظيف وادي غزة، والحد من تصريف المياه العادمة إلى الحوض الجوفي وإلى البحر.
وأعرب الرئيس الفلسطيني، في ختام كلمته، عن تمنياته بخروج المؤتمر بالتوصيات التي تضمن تعزيز الأمن المائي العربي والوطني، والأدوات اللازمة لذلك، من أجل ترسيخ الأمن المائي العربي، والتعاون الاقليمي من أجل ازدهار الشعوب العربية وترسيخ السلام والاستقرار لشعوب الأمة العربية.