قام مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، بإعداد تحليلاً تحت عنوان "تكنولوجيا كابلات الألياف الضوئية... ودورها في التحول الرقمي"، أوضح من خلاله مفهوم إنترنت الألياف الضوئية، وأنواعه، ومميزاته.
أشار مركز المعلومات إلى أن تكنولوجيا كابلات الألياف الضوئية أصبح لها دور أساسي في درجة كفاءة وسرعة الإنترنت، حيث تربط تحت سطح البحر القارات معًا والتي تمتد لآلاف الأميال، كما تتبادل البيانات بسرعة الضوء تقريبًا، وفي الوقت نفسه، تعتمد أيضًا مراكز البيانات الضخمة التي تستضيف جميع التطبيقات المستندة إلى السحابة على اتصالات الألياف، وعلى نحو متزايد، تشق كابلات الألياف الضوئية هذه طريقها مباشرة إلى منازل الأفراد والشركات، وتزودهم بإنترنت سريع وموثوق.
أشار التحليل إلى مفهوم إنترنت الألياف الضوئية مشيراً إلى أنه اتصال بيانات يتم نقلها من خلال كابلات مملوءة من الزجاج الرقيق أو الألياف البلاستيكية، وتنتقل البيانات من خلالها على شكل نبضات أشعة ضوئية، وتكون سرعة الإنترنت بالألياف الضوئية أسرع بنحو 20 مرة من الكابلات العادية، أي بمعدل واحد جيجابيت في الثانية.
وأضاف المركز في تحليله أن هناك ثلاثة أنواع من كابلات الألياف الضوئية تتضمن: الألياف الضوئية إلى المنازل أو المباني ويستخدم هذا النوع لتوصيل الإنترنت للمنازل أو المباني، ويعد الأسرع والأكثر موثوقية، مقارنة بباقي الأنواع الأخرى، والألياف الضوئية إلى الحواجز ويستخدم هذا النوع عن طريق توصيل أو تركيب كابلات الألياف الضوئية مباشرة للحد من الحواجز بالقرب من المنازل أو الشركات، وذلك من خلال إيصال الألياف إلى عمود الطاقة خارج المنزل أو الشركة، والألياف الضوئية إلى الجوار؛ وذلك يكون عن طريق اتصال الألياف الضوئية إلى مسافة ميل واحد فقط من المنزل أو الشركة، ولكن يأخذ هذا النوع وقتًا أطول عبر الأسلاك المعدنية؛ مما يجعله أبطأ الأنواع من بين الخيارات الثلاثة.
وأكد التحليل أن لاستخدام تكنولوجيا كابلات الألياف الضوئية في الإنترنت مميزات عديدة منها؛ أنها ذات سرعة عالية، حيث توفر سرعات تحميل وتنزيل تتراوح من 100 ميجابايت إلى 10 جيجابايت (عمل) في الثانية وهذه السرعات أعلى بكثير مما يمكن أن تقدمه ADSL، بالإضافة إلى المصداقية حيث إنها تتيح الاتصال المباشر وغير المتقطع بمقر العمل وبالتالي القضاء على العوامل الخارجية التي تعوق أو تؤخر نقل البيانات واستقبالها أو تقليلها، كما تقضي الألياف الضوئية على الاختلاف بين سرعات التنزيل والتحميل حيث يوفر الإنترنت السلكي التقليدي دائمًا سرعات تنزيل أعلى من سرعات التحميل ولكن مع الألياف الضوئية فمن الممكن تحميل أو تنزيل المستندات أو الصور أو مقاطع الفيديو عبر الإنترنت بالسرعة نفسها، وتسهل عمليات الرقمنة حيث يسهل إنترنت الأعمال عبر الألياف الضوئية التبادل المستمر للبيانات وربط الأشخاص والمنظمات والمباني التجارية مما يمكن المواطنين والحكومات والشركات من توحيد الجهود والمساهمة معًا في استخدام الموارد بشكل أكثر ذكاءً وفعالية.
وأشار التحليل إلى أنه على الرغم من مميزات كابلات الألياف الضوئية، فإن هناك بعض التحديات، وهي: عدم توافر الألياف الضوئية في كل الأماكن البعيدة، كما أن شبكة الألياف الضوئية تحتاج لإنشائها فترة زمنية أطول، كما أنه من المكلف إنشاء شبكة ألياف ضوئية في منطقة ريفية قليلة السكان أكثر مما هو في منطقة حضرية؛ ويرجع ذلك إلى العدد الأكبر من المستخدمين المحتملين.
أما دور كابلات الألياف الضوئية في دعم اتصالات الإنترنت في العالم، فمنذ ظهورها شهدت انتشارًا على نطاق واسع مع زيادة الاهتمام بها منذ العقد الماضي، وقد كشف تقرير أبحاث السوق العالمية لصناعة الكابلات الضوئية لعام 2018 عن معدل نمو سنوي مركب لصناعة كابلات الألياف الضوئية بلغ 11.45% بين عامي 2013 و2018، وكان تقرير صادر عن " Million Insights projects " قد توقع بأنه سيسجل معدل نمو سنوي مركب بنسبة 12.6% بحلول عام 2022.
ومن الجدير بالذكر أن الألياف الضوئية اليوم تعمل على تحسين تدفق الاتصالات عبر عدد من الصناعات والقطاعات التي تشمل؛ قطاع الرعاية الصحية، فهناك إجراء غير جراحي يُعرف بالتنظير الداخلي يتضمن أدوات ألياف ضوئية عالية القدرة على المناورة، والتي يمكن أن تصل إلى التجاويف ومناطق أخرى من الجسم قد تكون بعيدة المنال، والقطاع العسكري، حيث تلعب دورًا مهمًا في مجموعة واسعة من التطبيقات العسكرية ربما يكون أبرزها توفير حلول مترابطة في البيئات القاسية، وقطاع الزراعة حيث يعد تحسين المياه وإدارتها من الاهتمامات الرئيسية في الزراعة الحديثة، حيث تسمح الألياف الضوئية بمراقبة دقيقة لجودة المياه وصحة خطوط الأنابيب، وقطاع التعليم من المدارس الابتدائية إلى الجامعات البحثية حيث يعتمد المعلمون بشكل متزايد على الألياف الضوئية لتحديث المؤسسات الأكاديمية بسرعة، وقطاع النقل، مع تنفيذ أنظمة المرور الذكية (ITS)، قد يصبح الازدحام في ساعة الذروة يومًا ما شيئًا من الماضي، وبفضل الألياف الضوئية، يمكن لأنظمة النقل الذكية (ITS) إدارة تدفق حركة المرور بشكل أكثر فعالية، وتقليل أوقات التنقل وحتى منع وقوع الحوادث.
وأشار التحليل إلى أهم المشروعات الواعدة لكابلات الألياف الضوئية على مستوى العالم، حيث تعد شبكة كابلات المحيط الهادئ الخفيفة أحد أكثر مشروعات الألياف الضوئية طموحًا في العالم حتى الآن، يربط هذا المشروع الثوري بين لوس أنجلوس وهونج كونج، ويشتمل على أكثر من 8 آلاف ميل من كابلات الألياف الضوئية في البحر، ولديها قدرة كبيرة تبلغ 144 تيرابايت في كلا الاتجاهين.
بالإضافة إلى مبادرة Simba والتي يقودها Facebook، حيث تأمل منصة الوسائط الاجتماعية في تطويق القارة بأكملها بكابل بيانات تحت الماء، والذي سيوفر بشكل مثالي الوصول إلى أسواق جديدة مع تقليل تكاليف النطاق الترددي أيضاً.
وأوضح التحليل الجهود الوطنية في التوسع في إنترنت الألياف الضوئية، مشيراً إلى قيام الحكومة المصرية بتنفيذ مشروعات خاصة بتطوير البنية التحتية للاتصالات واستخدام كابلات الألياف الضوئية؛ لرفع كفاءة وسرعة الإنترنت، باستثمارات قدرت بحوالي 2 مليار دولار؛ مما ساهم في تضاعف متوسط سرعة الإنترنت الثابت في مصر عدة مرات عما كان عليه الحال في يناير 2019، وجعل مصر الأولى إفريقيًا في متوسط سرعة الإنترنت الثابت في 2022، مقارنة بالمركز الأربعين على مستوى القارة عام 2019، كذلك فقد تم ربط أكثر من 18 ألف مبنى حكومي من إجمالي 33 ألف مبنى على مستوى الجمهورية بشبكة كابلات الألياف الضوئية لتقديم الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين على نسق رقمي.
كما تم الاتفاق مع وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية على إدراج توصيل كابلات الألياف الضوئية للمنازل والمباني الجديدة على مستوى الجمهورية ضمن الاشتراطات الخاصة بالبناء، بالإضافة إلى مشاركة وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تنفيذ مبادرة "حياة كريمة" من خلال توصيل شبكة كابلات الألياف الضوئية لإتاحة خدمات الإنترنت فائق السرعة لأكثر من 3.5 مليون منزل.
وأكد التحليل أن مصر لديها العديد من المزايا التنافسية التي تجعلها أهم ممر رقمي عالمي للبيانات، وتؤهلها لتكون مصدر جذب واستضافة لأكبر مراكز البيانات العملاقة، حيث يمر بها 13 كابلًا بحريًّا، ومن المخطط حاليًا إنشاء أكثر من خمسة كابلات أخرى؛ كما أنه يتم توفير مسارات من كابلات الألياف الضوئية العابرة داخل مصر؛ لخدمة مرور البيانات الدولية عبر أراضيها بشكل مؤمّن من خلال شبكة ألياف ضوئية مخصصة للعبور الدولي، يبلغ طولها أكثر من أربعة آلاف كيلو متر مربع.
وأفاد التحليل أن استخدام كابلات الألياف الضوئية في الإنترنت، له أهميته حيث إنها تزيد من سرعته وكفاءة استخدامه بالنسبة للأفراد والشركات، ولذلك قامت الحكومة المصرية مؤخرًا بزيادة حجم الاستثمارات في مجال صناعة الألياف الضوئية؛ لدورها في تحسين خدمات الإنترنت مما يساعد على الإسراع في تحقيق منظومة التحول الرقمي وضمان مجتمع رقمي في المستقبل.