تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، عقدت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عصر اليوم الثلاثاء، الملتقى العلمي الثامن عشر لهيئة كبار العلماء، في رحاب الجامع الأزهر، تحت عنوان «حجة النبي في ضوء السنة النبوية.. معطيات ودلالات»، وذلك بحضور نخبة من كبار علماء الأزهر الشريف؛ تألفت من الدكتور أحمد معبد عبد الكريم، عضو هيئة كبار العلماء، والدكتور مصطفى محمد أبو عمارة، أستاذ الحديث بجامعة الأزهر، والدكتور حسن الصغير، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، وقدّم اللقاء الدكتور أيمن الحجار، الباحث بهيئة كبار العلماء.
أكد الدكتور حسن صلاح الصغير، الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن الله تعالى قد أوجب الحَجّ على كلّ مسلم مرّة واحدة في العُمر، بشرط الاستطاعة، والتي تتحقق بتحصيل أسبابها المباحة، ومن خلال الكسب الحلال، مشددا على أن من كان زاده وراحلته من كسب غير حلال؛ كالرشوة، أوالمتاجرة في المخدرات، أو السطو على حقوق الآخرين في الميراث، وغير ذلك، فهو مستطيع في الظاهر، لكن عمله غير مقبول عند الله تعالى، لإن الله طيب لايقبل إلا الطيب.
وأضاف الأمين العام لهيئة كبار العلماء، أن الاقتصاد في النفقة، من أسباب تحصل الاستطاعة في الحج، ، بأن يكون المسلم من المنفقين بالمعروف، مقتصدا في نفقته، غير متكلف ولامبالغ، لأن ذلك ينافي شرط الاستطاعة، وهو مكروه في الشريعة، مؤكدا أن التكافل الاجتماعي والتصدق على الفقراء والمحتاجين أولى من حج النافلة لمن أدى حج الفريضة؛ وذلك من باب أن النفقة المتعدية أولى من النفقة القاصرة، كما أن الله تعالى يسّر مناسك الحج لعباده الحُجّاج، وجعل لهم في أمرهم سعة؛ فقد يسّر عليهم في الصلاة، ورخّص لهم أن يقصروا فيها، ويجمعوا بين الصلوات، والتيسير في وجوب الحَجّ مرّة واحدة في العُمر.
وأكد الدكتور مصطفى محمد أبو عمارة، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن حجة الوداع الذي حج فيها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هي حجة البلاغ، حيث بين صلى الله عليه وسلم فيها الكثير من الأمور، وصحح فيها الكثير من المخالفات التي كانت ترتكب في شعيرة الحج قبل الإسلام، مثل منع الطواف بالبيت الحرام عراة من غير ثياب، أو منع العمرة في الأشهر الحرم، فكان النبي صلى الله عليه بتوجيهاته لأمته ونصحه مصححا لهذه العبادة، وحافظا لها من مظاهر التحريف، وإتمام لأمر هذا الدين الذي جاء لسعادة البشرية.
وأوضح د.أبو عمارة أن النبي عليه الصلاة والسلام تأخر في الحج بعد فرضيته، بسبب ظروف الدعوة ومحاولات قريش لزعزعة دعوة الإسلام، فانتظر النبي حتى يستقر الأمر، لكي يؤدي الشعيرة بصورتها الكاملة التي طبقها عليه الصلاة والسلام كاملة بصورة عملية وأخذها عنه أصحابه.
من جانبه بيّن الدكتور أحمد معبد عبد الكريم، عضو هيئة كبار العلماء، أن حجة الرسول صلى الله عليه وسلم لبيت الله الحرام، روى تفاصيلها العديد من الصحابة، إلا أن سيدنا جابر بن عبد الله، رضي الله عنه، هو صاحب أطول رواية في بيان مناسك الحج، مؤكدا أن الصحابة الكرام كانوا حريصين أشد الحرص على مرافقة رسول الله في حجته، ليشاهدوه بأعينهم، ويسمعوا منه بآذانهم؛ ليقتدوا به صلى الله عليه وسلم في قوله وفعله، لافتا أن في ذلك أبلغ رد على دعاة الثقافة والتنوير الذين يسعون للتشكيك والطعن في شعائر الحج من وقت لآخر، قائلا:«إن شعائر الحج جزء من الوحي السماوي، وما كان من الوحي ليس للعقل أن يطعن فيه».
كما تحدث عضو هيئة كبار العلماء، عن معالم حجة الوداع، والتي بيّن فيها النبي صلى الله عليه الحقوق والواجبات، كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع بالمرأة ورعايتها وإكرامها والحفاظ عليها كزوجة وأم وأخت، وكشريكة في بناء المجتمع .
وفي ختام الملتقى أكد الدكتور أيمن الحجار، الباحث بهيئة كبار العلماء، على ضرورة استنطاق شعيرة الحج لنأخذ منها الدروس والعظات ومن ذلك الامتثال لأمر الله في أداء أوامره، والمحافظة على الوحدة والألفة بين الناس، والتكافل الاجتماعي بين الناس، وما ينبغي للمسلم من حقوق وواجبات نصت عليها خطبة الوداع.