تجرد أب من مشاعر الأبوة والإنسانية حينما طلب من وزارة الداخلية محو اسمه من شهادة ميلاد نجله، مؤكداً انه ليس أبيه، وأنه تزوج من سيدة وأنجبت ولد على فراش الزوجية، وطلقها وتزوج بأخرى ولم ينجب لمدة ثلاث سنوات.
تتلخص الوقائع عندما تزوج عادل أ ع"، من "هبة ع ع خ"، وانجبت ولد على فراش الزوجية وتم تسميته عبد الرحمن، وطلقها، وتزوج بأخرى ولم ينجب منها أطفالا لمدة 3 سنوات، وأجرى فحوصات طبية لمعرفة السبب، فتبين من خلال الفحوصات والتحاليل أنه عقيم لا ينجب، الأمر الذى دفعه لإجراء تحليل DNA للطفل، والذى تبين من خلاله أن الطفل لا يمكن ان يكون ابنه بيولوجيا.
وفور الخلاف بينه وبين زوجته والطلاق، قام الزوج بإقامة الدعوى رقم 2098 لسنة 2011 بمحكمة الأسرة بعين شمس طالبا الحكم بنفى نسب الولد له، والمحكمة قضت برفض الدعوى، فقام بالاستئناف على الحكم برقم 6762 لسنة 129 ق امام الدائرة 132 أحوال شخصية والذى قضت أيضا برفض الاستئناف وتأييد الحكم، فقررالأب أن يتقدم بطلب الى مصلحة الاحوال المدنية لمحو اسمه من خانة والد الطفل في شهادة الميلاد المؤرخة فى 19 يونيه 2005، فقام بتوجيه انذار على يد محضر برقم 6583 لوزير الدخلية ورئيس مصلحة الاحوال المدنية، إلا أنه لم يتم الرد عليه، فأقام دعوى أمام القضاء الإدارى، حملت رقم 67958 لسنة 67 قضائية، يطالب خلالها بالزام وزارة الداخلية بمحو اسمه من شهادة ميلاد الطفل.
وقضت الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإدارى، بمجلس الدولة، برئاسة المستشار أحمد الشاذلى، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين حازم اللمعى ومحمد قنديل، وبسكرتارية إبراهيم سيد محمود ومعروف مختار، برفض طلب الأب بمحو اسمه من شهادة ميلاد طفله، وأودعت حيثياتها التى أكدت خلالها أنه نجله.
وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها، إن الدستور المصرى القائم مستظلاً بأحكام الشريعة الاسلامية قد عنى بالأسرة باعتبارها أساس المجتمع ولما كان الطفل هو أضعف حلقات الاسرة وثمرة قيامها فإن المشرع قد عني بإثبات نسبه الى والديه حماية له ولبنيان المجتمع مستنداً فيها الى أن الإسلام دين يقوم على الفطرة المستقيمة واستخدام لعاطفة الأبوة في حفز الهمة للتربية السليمة للأطفال حرصاً على بقاء النوع الإنسانى، وإعلاء لقول الله تعالى"ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله" وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "الولد للفراش وللعاهر الحجر" فإن ثبوت وجود فراش قائم عند ولادة الصغير كاف لاثبات النسب.
وأضافت المحكمة، أنه إذا كانت القاعدة الأصولية تقوم على وجوب اتخاذ كافة الطرق لاثبات النسب مع الاحتراز في اثبات الفراش حتى يقوم عليه الدليل الشرعى، فإن طرق إثبات النسب تتمثل فى ثبوت الزوجية والإقرار والبنية الشرعية ولم يشترط المشرع لاثبات النسب وجود وثيقة زواج رسمية لأن المنع الخاص بعدم سماع دعوى الزوجية او الاقرار بها والمنصوص عليها في المادة 17 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم إجراءات التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية لا يمتد الى دعوى النسب بل إنه قد استقر بشأنها على أنه لا يشترط في اثبات عقد الزواج العرفى تقديم العقد بل يكفى إن تثبت بالبينة حصوله وحصول المعاشرة الزوجية في ظله، باعتبار أن البينة الشرعية هى إحدى طرق اثبات النسب على ما هو مستقر عليه فى هذا الخصوص.
وأوضحت المحكمة، أن المدعى قدم صورة تقرير الطب الشرعى أثناء نظر دعواه أمام هيئة مفوضى الدولة بمحكمة القضاء الإدارى، تفيد بعدم قدرته على الانجاب إلا أنه تبين أنه ورد به وصف الحالة المرضية للأب وانتهى التقرير إلى عدم قدرته على الانجاب حالياً ولم يشر من بعيد أو من قريب الى عدم قدرته على الانجاب أثناء فترة زواجه بأم الطفل، فضلا عن أنه لم يطلب نفى نسب الطفل إليه إلا بعد مدة طويلة وهى مدة تكفى لتغير الحالة الصحية للإنسان بصفة عامة وهو ما يؤكد بجلاء حكمة إلهية قررها الشرع الحنيف قرآنا وسنة نبوية تغطى مساحة الظن والشك داخل الإنسان ويحفظ الحقوق وتبرئ من غث القول والفعل.
وأكدت المحكمة، أن طلب الأب بمحو اسمه من شهاده ميلاد نجله قد قامت على سند غير صحيح من واقع أو قانون جديرة بالرفض وهو ما تقضى به المحكمة.