قضت الدائرة السابعة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار الدكتور محمد ماهر أبو العينين، وعضوية المستشارين مجدى صالح الجاحى، وأحمد محمد الإبيارى، نواب رئيس مجلس الدولة، بانعدام الخصومة بالنسبة للمرحوم المستشار محمد إبراهيم سليمان، وقبول التنازل عن رد المستشار الدكتور عبد الفتاح صبرى أبو الليل، لانتهاء خدمته، وقبول طلب الرد وتنحية المستشار القائم بعمل رئيس دائرة فحص الطعون بالدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا والمستشارون الواردة أسمائهم فى طلب الرد عن نظر الطعن رقم 74236 لسنة 62 ق عليا مع رد الكفالة لطالب الرد فى قضية "تيران وصنافير".
وأقامت المحكمة حكمها على أن حياد القاضى وتجرده من المبادئ الأساسية لأى محاكمة منصفة وهما مكونان أساسيان لاستكمال عدالة القاضى، وجاء بالقرآن الكريم العديد من الأيات التى تدعو إلى الحكم بالعدل والحق، وجاءت إعلانات حقوق الإنسان متضمنة صراحة على ضرورة استقلال القضاء وحياده ونزاهته كأساس لهذه المحاكمة المنصفة، وقرنت المحكمة الدستورية العليا فى مصر بين استقلال القضاء الوارد فى سائر الدساتير المصرية وبين ضرورة حياد القاضى وتجرده بدءا من دستور 1923 وانتهاء بدستور 2014 ، فى المواد 97 و 184 و 186 منه، فلا يمكن تصور استقلال القضاء دون أن يكون القضاء محايدا ومتجردا من الميل لأحد الخصوم، وبهذا أضفت المحكمة قيمة دستورية على هذا المبدأ.
وجاءت نصوص قانون المرافعات منظمة لإمكان رد القاضى عن نظر الدعوى إذا افتقد الحيدة الواجبة وتضمنت المادية 148 منه اربع حالات لجواز رد القاضى، ثلاثة منها محددة فى حالات خاصة، وجاءت الحالة الرابعة عامة، حيث جاء بها أنه يجوز رد القاضى إذا كان بينه وبين أحد الخصوم عداوة أو مودة لدى القاضى تخضع لتقدير المحكمة التى تنظر طلب الرد، ويكفى فى ذلك وجود مؤشرات ودلائل تكفى لاقتناع القاضى الذى ينظر طلب الرد بأن القاضى أو القضاة المطلوب ردهم يفتقدون الحياد فى نظر الدعوى أو الطعن وهذا السبب الرابع من أسباب الرد هو سبب غير محدد.
ويتطلب من القاضى المطلوب رده الرد تفصيلا نفيا أو إيجابا على أسباب رده، وبالنسبة للطعن الماثل فإن أسباب رد رئيس وأعضاء الدائرة الأولى فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا تدور حول محورين أن بعض أعضاء الدائرة منتدبين لدى جهات حكومية وإدارية، وبعض هذه الجهات خصم مباشر فى الطعن الذى تنظره الدائرة، والمحور الآخر وجود سرعة غير عادية فى نظر الطعن وفى غير الأوقات المقررة لنظر الطعون أمام الدائرة المحددة وفقا لقرارات الجمعية العمومية للمحكمة وهو مايوحى بوجود ميل للدائرة للحكم على نحو متحيز.
وقد تبين لهذه المحكمة وهى تنظر طلب الرد أن أعضاء الدائرة - وبالمخالفة لقانون المرافعات - قد قاموا بالرد الجماعى على أسباب الرد فى ذات يوم تقديم طلب الرد بعبارات عامة مرسلة تضمنت أن الدائرة اطلعت على أسباب الرد فى ذات يوم تقديم طلب الرد بعبارات عامة مرسلة تضمنت أن الدائرة اطلعت على أسباب الرد، ووجدتها ليست من الأسباب المحددة للرد طبقا لقانون المرافعات، ولما كان هذا الرد يعد مصادرة على المطلوب ويجعل من الدائرة المطلوب ردها وكأنها حكمت فى ما هى مختصمة فيه.
وإدراكا من المحكمة التى تنظر طلب الرد لمخالفة طلب الرد الجماعى للقانون ، حيث نص القانون على أن عدم رد القاضى يوجب تنحيه عن نظر الدعوي طلبت من كل عضو فى الدائرة على حدة، وبخطاب سرى وشخصى أن يرد على ماجاء بطلب الرد من أسباب ومنها ماهو محدد مثل الندب لجهات حكومية لها صلة بالنزاع، وكذلك السرعة غير العادية في نظر الطعن وقبل خروج رئيس المحكمة للمعاش ببضعة أيام، فضلا عن ان المحكمة التى تنظر طلب الرد طلبت ضم كامل لملف الطعن المنظور أمام الدائرة المطلوب ردها لأن طالب الرد أصر على أن هناك مستندات أودعتها الحكومة أمام الدائرة المطلوب ردها وهذه المستندات تبرز صحة ماجاء بطلب الرد المقدم منه لما ادعاه، إلا أن الدائرة المطلوب ردها عاودت الإجابة بصورة جماعية رددت فيها ذات العبارات السابقة من أسباب الرد ليست هى التى نصت عليه الماده 148 من قانون المرافعات، كما أنها امتنعت عن ضم المستندات التى قدمتها الحكومة أمامها معللة ذلك بأن هذه المستندات ليست لها قيمة فى نظر طلب الرد.
وهنا تجلى واضحا لهذة المحكمة أن الدائرة المطلوب ردها، فضلا عن مخالفتها لنصوص قانون المرافعات المرافعات الذى يجعل يدها مرفوعة عن ملف الطعن المطلوب ردها عنه طالما أن طلب الرد مازال قائما فإنها قد منعت المحكمة من تحقيق دفاع الخصوم أمامها برفضها تقديم هذه المستندات، فى حين أن هذه المستندات تم تقديمها من هيئة قضايا الدولة فى جلسة علنية أمام الخصوم جميعا، وهو مايضفى مصداقية حول ادعاءات طالب الرد بوجود أوراق أو توقيعات أو أسماء لأعضاء هذة الدائرة فى هذة الأوراق من شأنها أن تعزز طلب الرد المقدم منه، فلم يكن فى وسع هذه المحكمة إلا إعمال قرينة النكول على مسلك هذه الدائرة المطلوب ردها ومفاد هذة القرينة أنه فى حالة من كلفته المحكمة بإيداع أوراق أو مستندات ورفض ذلك، فإن المحكمة تحكم لصالح الطرف الآخر وفقا لما جاء بمذكراته مادامت هناك قرائن تدعم صحة هذا القضاء، وقد ظهر للمحكمة من الملابسات السالفة البيان أن الدائرة المذكورة قد افتقدت الحيدة الواجبة فى نظر الطعن المقام أمامها على حكم محكمة القضاء الإدارى، وأن هناك من المودة مع أحد الخصوم يرجع معها عدم استطاعتها الحكم فى هذا الطعن بغير ميل ومن هنا وجب تنحيتها عن نظر هذا الطعن.