أكد المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، أهمية التمسك بالمنهج العلمى باعتباره الضمانة الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة التى ننشدها خلال المرحلة المقبلة، مشيراً إلى أن جزءاً كبيراً من هذا المنهج يقوم على التخطيط الجيد وإعداد البرامج والإستراتيجيات اللازمة، جاء ذلك خلال افتتاحه مبنى معهد التخطيط القومى عقب تطويره.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن معهد التخطيط له دوراً كبيراً منذ نشأته فى عام 1960، وسيكون له دور أكبر خلال المرحلة المقبلة، بما يضمنه من كفاءات، وما يحويه بعد التطوير من تجهيزات توفر المناخ المناسب للعمل على إعداد الخطط المستقبلية.
وصرح السفير حسام القاويش المتحدث الرسمى لرئاسة مجلس الوزراء، أن رئيس الوزراء استعرض خلال كلمته عدداً من التحديات التى تواجه الوطن خلال المرحلة الراهنة، مشيراً إلى التحديات الأمنية على الصعيد الداخلى بما تواجهه البلاد من إرهاب يؤثر على عدد من موارد العملة الصعبة ومن ذلك الموارد السياحية، وأيضاً على الصعيد الخارجى فى ظل حالة عدم الاستقرار التى تعيشها بعض بلدان المنطقة المحيطة بمصر.
وعلى الجانب الاقتصادى، أشار المهندس شريف إسماعيل إلى أن معدلات النمو فى مصر خلال السنوات الخمس الماضية بلغت 2%، ثم وصلت فى العام الماضى إلى 2.4%، مؤكداً على أن الحكومة تعمل على رفع معدلات النمو إلى 6% ليشعر بها كافة المواطنين، موضحاً أن التنمية تبدأ من خلال العمل والإنتاج وتطوير البنية التحتية، ولا بد أن تصل نتائجها إلى المواطن البسيط فى كافة المحافظات وكذلك صعيد مصر.
وأضاف رئيس الوزراء أن الاقتصاد المصرى يواجه أيضاً عجزاً فى الموازنة، بلغ خلال الأعوام الماضية 12.2% ثم انخفض فى العام الماضى إلى 11.5%، مشيراً إلى أن ذلك العجز بالإضافة إلى الأعباء التى تتمثل فى الإنفاق الحتمى وخدمة الدين وأقساطه، والأجور ودعم السلع والمنتجات الأساسية، وتطوير البنية التحتية، والتى تعانى من مشكلات، وهو مابدا جلياً فيما حدث فى محافظتى الإسكندرية والبحيرة بعد سقوط الأمطار الغزيرة.
وأشار إلى أن هناك أيضاً عجز فى ميزان المدفوعات، نظراً لزيادة الواردات التى تمثل ضغطاً على العملة الصعبة والضرورية لتوفير الاحتياجات الأساسية من السلع الغذائية والغاز والمشتقات البترولية.
وأضاف رئيس الوزراء أن الخدمات فى مصر لا يتم إدارتها بصورة اقتصادية، حيث تقدم الخدمة بسعر أقل من التكلفة الخاصة بها، لذا فهناك عجز فى تطوير هذه الخدمات وصيانتها والحفاظ عليها. وأشار إلى أن الحكومة تدرك ضرورة العمل بشكل اقتصادى فاعل، دون المساس بحقوق غير القادرين ومحدودى الدخل، وعلى مدى زمنى مناسب.
وأشار المتحدث الرسمى إلى تشديد رئيس مجلس الوزراء خلال كلمته على أن المرحلة المقبلة تتطلب التعامل بشفافية كاملة، ووضوح تام فى طرح المشكلات أمام المجتمع حتى يمكن العمل سوياً على حلها، كما أن التحديات الكبيرة التى يواجهها الوطن تحتاج إلى تكاتف كافة القوى الوطنية، والسعى لجذب المزيد من الإستثمارات، وتحييد المواطن البسيط بعيداً عن أى تأثير من جراء الإجراءات المتعلقة بحل المشكلات الإقتصادية.
وأكد رئيس الوزراء أن المشروعات القومية التى يجرى العمل على تنفيذها سيكون لها تأثير إيجابى على اقتصاد مصر وستؤتى كل نتائجها خلال المستقبل القريب، وعلى رأسها مشروعات تنمية وزراعة المليون ونصف المليون فدان، وشرق التفريعة، والمنطقة الاقتصادية بقناة السويس، واكتشافات الغاز، وإقامة محطات الكهرباء.
من جانبه، ثمن الدكتور كمال الجنزورى رئيس وزراء مصر الأسبق، الجهود التى بذلت للعمل على تطوير هذا المعهد الهام، وجعله بهذه الصورة العصرية التى تواكب كافة التطورات المحلية والإقليمية والعالمية، مؤكداً أنه لا يمكن للتخطيط أن يعمل أو يؤدى دوره إلا إذا كانت الدولة على هذا القدر من الاهتمام بالاستفادة من مخرجات التخطيط وخططه وبرامجه واستراتجياته فى عملية الإدارة الرشيدة وتحقيق النمو الاقتصادى والتنمية المستدامة.
كما ألقى وزير التخطيط كلمة أكد خلالها أن التخطيط له دور هام فى ظل اقتصاديات السوق، وتوحيد الرؤى حول إستراتيجية واضحة للتنمية على المدى القصير والبعيد، مؤكداً أن تطوير معهد التخطيط القومى يأتى لخلق بيئة جاذبة للكفاءات لتؤدى دورها المنوط فى إعداد الإستراتيجيات لعملية التنمية، وأن الكوادر القائمة على المعهد متميزة وذات خبرة كبيرة سواء فى مصر والشرق الأوسط، بالإضافة إلى كفاءات المعهد المهاجرة التى تعمل فى العديد من المراكز المرموقة على مستوى العالم، مشدداً على ضرورة الدمج بين القدرة على الحلم والتمكن من الأدوات العصرية لعملية التخطيط.
وأكد وزير التخطيط أن الأسابيع القليلة القادمة ستشهد الإطلاق الرسمى لإستراتيجية التنمية المستدامة ( مصر 2030) والتى تمثل الإطار الحاكم لكل الاستراتيجيات، حيث شارك فى وضعها كافة شركاء التنمية من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدنى، وسيتم طباعتها باللغتين العربية والإنجليزية، وإطلاق الموقع الذى يتضمن هذه الإستراتيجية.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الإحتفالية تأتى بمناسبة استكمال عملية التطوير الشامل للبنية التحتية وخدمات المعلومات والاتصالات للمعهد، وبما يسمح بتهيئة الظروف لبيئة عمل جديدة تدعم قيام المعهد واضطلاعه بدوره كأحد مراكز البحث والتفكير العلمى الرائدة فى مجالات التخطيط والتنمية على المستويين المحلى والإقليمى، وبما يساند أيضاً اضطلاع المعهد بدوره المعتاد فى دعم جهود تحقيق أهداف التنمية المستدامة فى مصر من خلال تقديم الرؤى والبدائل العلمية والعملية لصانعى السياسات ومتخذى القرارات فى مختلف مجالات ومناحى التنمية.
كما خضع المعهد لعملية تحديث متكاملة خلال السنوات القليلة الماضية، سواء فى دوره وخططه وأساليب عمله، ومن أبرز معالم هذه العملية تطوير البناء المؤسسى للمعهد، وتعزيز دوره كمركز تفكير مستقل من خلال إصدار قانون جديد للمعهد فى مطلع عام 2015. ويسعى المعهد لإنتاج ونشر المعرفة وتقديم حلول مبتكرة لصانعى السياسات ومتخذى القرارات على كافة المستويات فى مجالات التخطيط والتنمية, كما يسعى لنشر فكر التخطيط والتأكيد على دوره كوسيلة فعالة لتنمية المجتمع بحيث يكون جزء من ثقافة الفرد والمؤسسة والدولة ككل.
وقد تأسس معهد التخطيط القومى فى عام 1960، مرافقاً لأول خطة خمسية للتنمية فى مصر، ومستهدفاً إجراء البحوث والدراسات المتعلقة بإعداد الخطط التنموية للدولة ووسائل تنفيذها، ودراسة الأسس والأساليب العلمية للتخطيط والتنمية. وخلال الخمس وخمسين سنة الماضية صار المعهد نموذجاً رائداً، حيث أقيم على غراره عدد من المعاهد العربية والأفريقية، واكتسب شهرة عالمية بفضل ما أنجزه من بحوث وتقارير للنهوض بالتخطيط والسياسات التنموية، وبفضل مساهمات هيئته العلمية و ما ساهم فى تأهيله من كودر ساندت عملية التخطيط فى مصر وغيرها من الدول العربية والأفريقية، فضلاً عن مساهماتهم فى عدد من المؤسسات الإقليمية والدولية.
ويقوم المعهد بالعديد من الأنشطة من بينها إعداد وتنفيذ البحوث والدراسات التطبيقية التى تفيد أغراض التنمية والتخطيط على المستويات المحلية، والإقليمية، والقومية، وكذلك تأهيل الكوادر التخطيطية الوطنية من خلال برامج الدراسات العليا (ماجستير التخطيط والتنمية) وإعداد وتنفيذ البرامج التدريبية طويلة وقصيرة الأجل فى مجالات التنمية والتخطيط، فضلاً عن قيام المعهد بتقديم الاستشارات للمؤسسات الوطنية والاقليمية المعنية بالتنمية.
كما أن المعهد قد مر بعدة تغيرات وتطورات هامة، تمثلت فى زيادة أعداد الكوادر العلمية، وتطوير أنشطته العلمية، وتطوير هيكله التنظيمى، واتساع دائرة خدمات المعهد، كما اتسعت دائرة علاقاته مع العديد من المنظمات المحلية والإقليمية والدولية فى إجراء العديد من البحوث والدراسات التطبيقية بغرض توفير المؤشرات التخطيطية اللازمة للقطاعات الاقتصادية والاجتماعية.
وتتمثل أهم إصدارات المعهد فى سلسلة قضايا التخطيط والتنمية، المجلة المصرية للتنمية والتخطيط، سلسلة المذكرات الخارجيــة، سلسلة كراسات السياسات، التقرير الوطنى للتنمية البشرية، تقارير التنمية البشرية للمحافظات، والتقرير الاقتصادى المصرى، وفى النهاية فإن المعهد يتطلع لأن يكون ضمن أفضل خمس مؤسسات علمية مصنفة محلياً وإقليمياً فى مجالات التخطيط والتنمية خلال السنوات الخمس القادمة.