أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، أن من أهم ما يجب وضعه فى الحسبان عند الحديث عن تفكيك الفكر المتطرف هو التفرقة الواضحة بين الثابت والمتغير، بين البشرى والمقدس، مضيفا أن أكثر الجماعات المتطرفة تعطى كلام البشر ضربًا من القداسة قد يصل لدى بعض عناصرها إلى مساواة قدسيته لكلام الخالق عز وجل، كوسيلة للسيطرة على أتباعهم والعمل على تسليمهم المطلق لرأى مرشدهم.
وأضاف جمعة، فى كتابه تفكيك الفكر المتطرف المنشور عبر موقع الوزارة ، ومركز الإمارات للدراسات، أن كلام بعض علماء العقيدة أو حتى علم الكلام، وبعض المحسوبين على الدعوة من غير المتخصصين، أو كلام بعض كتاب التاريخ والسير، قد يرقى عند بعض أصحاب الفكر المتطرف إلى درجة النص القرآنى، على أن أحدهم قد يجادلك فى فهمك للنص القرآنى إن تناقض مع شىء من كلام شيخه أو مما دُسَّ له عبر كتبهم ومحاضراتهم وتفسيراتهم وتأويلاتهم، ولا يسمح لك أن تناقضه أو تناقشه فى كلام شيخه المقدس لديه.
وأشار الوزير، إلى أن قضية تأليه البشر أو تقديسهم أو رفعهم إلى درجة المهديين المنتظرين أمرٌ خطِر جدًا على التفكير المنطقى السليم، مما يوجب علينا وبإلحاح التفريق الواضح بين النص المقدس والنتاج الفكرى البشرى حول هذا النص.
وقال الوزير، إن النص المقدس ثابت وأقوال البشر متغير وكذلك كل النتاج الفكرى، مرتبط بفقه الزمان والمكان والحال، ولا يجوز إنزال الثابت منزلة المتغير ولا العكس، وإذا ميزنا ذلك تمييزًا واضحًا فككنا كثيرًا من الإشكاليات ونقضنا أكثر مقولات المتطرفين.
وأكد جمعة، أننا نشهد موجات إرهابية عاتية، ربما لم يشهد التاريخ مثلها فى عتوها وتنظيمها واحترافها للإرهاب، ووجود منظمات وجهات دولية تدعمها وتمولها وتمدها بالسلاح والعتاد لإشاعة الفوضى فى منطقتنا وأوطاننا، ما يتطلب منا العمل ليلاً ونهارًا لمواجهة هذه الجماعات وتحصين شبابنا من الوقوع فى براثنها أو الانخداع بأفكارها الضالة.
وتساءل جمعة: هل القضية تتمحور حول تفكيك الفكر المتطرف أو تفكيك الجماعات المتطرفة؟، مشيرا إلى أننا فى حاجة ملحة إلى تفكيك هذا وذاك، غير أن تفكيك الفكر أهم وأولى، لأنك إذا فككت جماعة اليوم قد تظهر لك أخرى غدًا، ولكنك إذا فككت الفكر المتطرف جففت المنابع الفكرية للجماعات الإرهابية والمتطرفة كلها.