أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد إليها كيف يقبض ملك الموت أرواح الكثير من البشر فى وقت واحد رغم اختلاف أماكنهم؟ قائلة: الموت فى اللغة: ضد الحياة، يقال: مات يموت فهو ميت وميت ضد حى، والموت فى الاصطلاح: مفارقة الروح للجسد.
وأضافت والمتوفى على الحقيقة هو الله -سبحانه وتعالى- قال الله تعالى: ﴿قل يا أيها الناس أن كنتم فى شك من دينى فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذى يتوفاكم﴾، ويقول تعالى: ﴿والله خلقكم ثم يتوفاكم﴾، فأسند التوفى إليه سبحانه، ثم خلق الله ملك الموت وجعله الملك الموكل بقبض الأرواح، يقول الله تعالى: ﴿قل يتوفاكم ملك الموت الذى وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون﴾.
وخلق الله أعوانا لملك الموت يقول تعالى: ﴿حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون﴾، ويقول تعالى: ﴿فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم﴾، ويقول تعالى: ﴿ولو ترى إذ الظالمون فى غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم﴾، وأخرج عبد الرزاق، وأحمد فى "الزهد"، وابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ فى "العظمة"، وأبو نعيم فى "الحلية" عن مجاهد قال: "جعلت الأرض لملك الموت مثل الطست يتناول من حيث شاء، وجعل له أعوان يتوفون الأنفس ثم يقبضها منهم".
وأضافت دار الإفتاء وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس: "أنه سئل عن ملك الموت: هل هو وحده الذى يقبض الأرواح؟ قال: هو الذى يلى أمر الأرواح، وله أعوان على ذلك، غير أن ملك الموت هو الرئيس، وكل خطوة منه من المشرق إلى المغرب"،وقال الإمام الطبرى فى تفسيره لقوله تعالى: ﴿توفته رسلنا﴾: "فإن قال قائل: أو ليس الذى يقبض الأرواح ملك الموت، فكيف قيل: ﴿توفته رسلنا﴾، "والرسل" جملة وهو واحد؟ أو ليس قد قال: ﴿قل يتوفاكم ملك الموت الذى وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون﴾ ؟ قيل: جائز أن يكون الله -تعالى ذكره- أعان ملك الموت بأعوان من عنده، فيتولون ذلك بأمر ملك الموت، فيكون التوفى مضافا، وإن كان ذلك من فعل أعوان ملك الموت إلى ملك الموت؛ إذ كان فعلهم ما فعلوا من ذلك بأمره، كما يضاف قتل من قتل أعوان السلطان وجلد من جلدوه بأمر السلطان إلى السلطان، وإن لم يكن السلطان باشر ذلك بنفسه، ولا وليه بيده، وقد تأول ذلك كذلك جماعة من أهل التأويل كابن عباس، وقتادة، ومجاهد، والربيع بن أنس".
قال القرطبى: "قوله تعالى: ﴿توفته رسلنا﴾ المراد: أعوان ملك الموت، قاله ابن عباس وغيره. ويروى أنهم يسلون الروح من الجسد حتى إذا كان عند قبضها قبضها ملك الموت. وقال الكلبى: يقبض ملك الموت الروح من الجسد ثم يسلمها إلى ملائكة الرحمة أن كان مؤمنا أو إلى ملائكة العذاب أن كان كافرا. والتوفى تارة يضاف إلى ملك الموت، كما قال: ﴿قل يتوفاكم ملك الموت الذى وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون﴾، وتارة إلى الملائكة لأنهم يتولون ذلك، كما فى هذه الآية وغيرها. وتارة إلى الله وهو المتوفى على الحقيقة، كما قال: ﴿الله يتوفى الأنفس حين موتها﴾، ﴿قل الله يحييكم ثم يميتكم﴾، فكل مأمور من الملائكة فإنما يفعل ما أمر به".
وبناء عليه: فإن ملك الموت موكل بقبض الأرواح وله أعوان كما سبق بيانه، فلا يصعب حينئذ تصور قبضه لأرواح متعددة فى زمن واحد بواسطة أولئك الأعوان من الملائكة.