أكد الدكتور خالد سمير، عضو مجلس نقابة الأطباء، أن أسباب رواج تجارة الأعضاء فى مصر هي بعض آراء المتطرفين فى مصر، دونًا عن علماء الإسلام فى العالم كله وفى مصر، واصفا تلك الآراء بالعائق أمام الطريق الصحيح للحصول على الأعضاء البشرية.
وأضاف "سمير" فى تصريحات لـ"انفراد"، أن أحد تلك الآراء كانت للدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، والذى أكد أن رأى الإسلام هو تحريم التبرع بأى عضو أو جزء من جسم الإنسان سواء من الأحياء أو الأموات، مضيفا: "حقيقة أننى أعتقد أنه لا يعرف أنه برأيه هذا يقتل الجرحى والمرضى، ويسوق لدين قاس، ولا يمكن أن يكون هو نفسه الدين الذى خاطب الله رسوله بقوله " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".
وتابع: "ما أستغربه فى مصر أن بعض الشيوخ لا يقولون أنا رأيى كذا فى هذا الموضوع، وإنما يدعون أن هذا رأى الإسلام، وأعلم تماما أن الإسلام دين يسر وصالح لكل زمان ومكان وأن فهم وتفسير آيات الله، وما ورد فى الحديث الصحيح يبنى على مقدار علم البشر والذى قد يتغير بتغير مدى هذا العلم".
وأضاف عضو مجلس نقابة الأطباء:"أعلم جيدا أن فقهاء الإسلام الكبار، كانوا يخشون الفتوى إما خشية، أو أنهم كانوا حريصين على إظهار أن تلك الآراء مبنية على فهمهم الشخصى، وأن كلام كل إنسان يحتمل الصواب والخطأ، ولا يلزم إلا صاحبه، وربما جمع قول الإمام مالك بن أنس رحمه الله: "كل كلام يؤخذ منه ويترك إلا كلام صاحب هذا المقام (وهو يشير إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم)، موضحاً أن الوضع الآن غير ذلك، مضيفًا: "الحقيقة أن رأى الدكتور كريمة لم يراع مريضًا عاجزًا وقد دنا الموت منه إلا من أمل خافت باستبدال أعضائه الحيوية التى توقفت عن العمل بأخرى".
وتابع سمير: "قال كريمة أن الفقهاء عرفوا الموت بأنه مفارقة الروح للجسد، لكن بالنسبة له أن موت المخ ليس موتا، وكأنه يعرف ما هى الروح؟ وكيف ومتى تفارق الجسم عند الموت؟ وعلل رأيه بتبرير غريب لا علاقة له بالموضوع، قائلا: أنه إذا قتل شخص مريض مات مخه، فإنه يوقع عليه القصاص لأنه قتل حيا وليس ميتا، أى أنه فسر رأيه فى انكار موت من مات مخه بما يفتى به نتيجة هذا الإنكار، وليس بتوضيح أسباب هذا الإنكار".
واستطرد: "الحقيقة أن علماء الطب فى كل العالم، وعلماء الفقه والشريعة فى كل العالم عدا بعض العلماء أصحاب الآراء المتشددة فى مصر، قد فهموا أن الروح سر من أسرار الله، لا نعرف كيف أو أين هى ومتى وكيف تغادر الجسد، وربما لن نعرف أبدا، فكان تركيزهم على فهم نتائج مفارقتها للجسد وعرفوه بأنه استحالة عودة الوعى والإدراك للإنسان وهو مالا يحدث إلا عند الموت التام لجميع خلايا المخ، أما خلايا الجسم الأخرى فموتها أو حياتها لا يؤثر على حياة الإنسان فقد تموت، ويظل واعيا مدركا عاقلا، وقد يموت الإنسان وتظل خلاياه حية وإلى الأبد، حيث يمكن حفظ الخلايا مجمدة إلى الأبد وتعود لنشاطها بمجرد تدفئتها، وهذه ليست حياة لإنسان وإلا كان البشر جميعا مخلدون".
واستنكر الدكتور خالد سمير، تحريم "كريمة" التبرع بأعضاء المتوفى مبررًا كلامه بأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "كسر عظم الميت ككسره حيا"، قائلا:"هو فهم غريب لقول الرسول الكريم، الذى يقصد به تجنب الإهمال فى معاملة الميت، والتعامل مع الجسد بعناية ورفق حتى بعد الموت لأن فى النهاية الجسد يأكله الدود، فهل يمكن أن نفهم أن أكل الدود لجسد الميت كأكله لجسد الشخص حيا".
ووصف توضح الدكتور أحمد كريمة، بأن موت المخ ليس موتا، بأنه يفتى بما ليس له به علم وهو الطب، موضحا أن الموت ليس شأنا شرعيا، وإنما هو شأن طبى بحت والمنوط بالمحافظة على حياة الإنسان وتقرير حدوث الموت هو الطبيب وليس رجل الدين.
وتعليقاً على استناد "كريمة" لمدرسة الشيخ محمد متولى الشعراوى، والإمام الأكبر السابق الشيخ جاد الحق على جاد الحق، التى تحرم نقل الأعضاء، قال عضو مجلس نقابة الأطباء: "أؤكد أننى أعلم من شهود ثقة أن الشيخ الشعراوى قد غير رأيه قبل وفاته، وأحل نقل الأعضاء للضرورة، ودفع الضرر الأكبر وهو الموت، وأما الشيخ جاد الحق فعالم كبير اجتهد و أخطأ و كل ابن آدم خطاء".
وأشار إلى أن المرضى فى مصر يموتون، والأحياء يخطفون ويقتلون، ويغرر بهم ليقطع من أجسادهم، دونا عن باقى دول العالم لعدم وجود أعضاء بشرية من متوفين، فى الوقت الذى يتوفى فيه عشرات الآلاف من المرضى سنويا، كان يمكن انقاذ حياتهم بنقل أعضاء بشرية لهم، إلا أن هذه الآراء المتشددة منعت ذلك، مؤكدًا على ضرورة تغيير الخطاب الدينى فى مصر لمواجهة المتشددين والذين يفتون بغير علم، وإنما بناءً على فهم شخصى، يسيئون به لدين سمح كريم، لم يجعله الله إلا رحمة بالإنسان.