يُسدل الستار اليوم الخميس على فعاليات الدورة العاشرة للقمة العالمية لطاقة المستقبل، المنعقدة في أبوظبي، بعد أن شهدت نمواً ملحوظاً في النشاط التجاري، وارتفاعاً بنسبة 60 % في عدد الاجتماعات التي استضافتها القمة.
وتهدف القمة العالمية لطاقة المتقبل، التي استضافتها شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" تحت مظلة أسبوع أبوظبي للاستدامة، إلى دفع عجلة الأعمال التجارية في القطاعات المتصلة باستدامة الطاقة والمياه وإدارة النفايات، في وقت يقول المنظمون إن التسارع في سوق الطاقة المتجددة بجميع أنحاء الشرق الأوسط وجنوب آسيا "كان له تأثير واضح في الأعمال التجارية في هذا الحدث".
وأكّد سعادة محمد جميل الرمحي، الرئيس التنفيذي لمصدر، أن نجاح القمة العالمية لطاقة المستقبل على مدى عقد من الزمان يرتكز على أسس الشراكة الفعالة التي تجمع المؤسسات الحكومية والشركات في سبيل تحقيق هدف مشترك "يتمثل بإنجاح العمل في تطوير مصادر الطاقة المتجددة، والتمكّن من التعويل عليها في الحصول على الطاقة، وجعلها مجدية من الناحية التجارية".
وقال إن الأيام الأربعة للقمة أكدت عِظم المنافع التي يمكن جنيها من التعاون المثمر، وعلى ما يمكن تحقيقه من خلال العمل الجادّ، معرباً عن سروره لاستضافة حدث شجع إثارة نقاش بنّاء، وأفضى إلى تبادل المعرفة والخبرات بين المشاركين من أنحاء المنطقة والعالم، وساهم في توطيد علاقات دائمة مع شركاء في الداخل والخارج، وأضاف: "استطاعت القمة العالمية لطاقة المستقبل مرة أخرى أن تُلهم المعنيين آليات حقيقية لصنع القرار، وبوسعنا أن نفاخر بأن الدورة العاشرة من هذا الحدث الدولي شكّلت ساحة لإبرام اتفاقيات وإقامة شراكات وإطلاق مبادرات مهمة من شأنها أن تتقدّم بقطاع الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة إلى الأمام".
وفي حين لم تتأكّد بعدُ أرقام مشاركة الزوار النهائية، فإن الحسابات الأولية تُظهر أن الأرقام ستكون متسقة مع التقديرات التي سبقت إقامة الحدث، والتي أشارت إلى مشاركة حوالي 880 جهة عارضة من 40 بلداً، و38,000 مشارك من 175 بلداً، بينهم نحو 1,675 رئيساً تنفيذياً من 128 بلداً. وكان حدث العام الماضي شهد مشاركة 850 جهة عارضة و35,000 مشارك.
لكن حجم مؤشرات النشاط التجاري الذي شهدته القمّة يتجاوز النمو في المشاركة، بالرغم من أن قيمة معظم الصفقات التي تم توقيعها خلال الحدث بقيت غير معلنة. إذ أظهرت الحسابات التي أجريت في بداية اليوم الأخير من أيام الحدث استضافة نحو 8,600 اجتماع عمل في سياق برنامج تواصل الأعمال الخاص بالتوفيق بين المشترين والبائعين، وذلك بالمقارنة مع حوالي 5,300 اجتماع عمل عقدت في دورة العام الماضي أي بارتفاع يقرب من 62 بالمئة.
وأجرى منظمو القمة العالمية لطاقة المستقبل هذا العام تحسينات على النهج المتبع في عملية التوفيق بين المشترين والبائعين، مقدّمين برنامجاً خاصاً باستضافة المشترين، وأداة توفيقية رقمية ذكية توصي بأنسب الاجتماعات التي يمكن المشاركة فيها والمنتجات التي يمكن استعراضها، علاوة على خدمة استقبال وإرشاد في موقع إقامة الحدث للمشترين، ومنصة لمطابقة المنتجات والعارضين.
ولا تشمل تلك التقديرات الاجتماعات التي رُتبت مع الوفود الحكومية الرسمية الباحثة عن إبرام اتفاقيات شراكة لتنفيذ الخطط الحكومية الطموحة في مجال الطاقة المتجددة.
وأتاحت الخطط السعودية الرامية لإضافة ما يقرب من 10 غيغاواط من قدرات إنتاج الكهرباء من مشاريع الطاقة المتجددة إلى مزيج الطاقة في المملكة، فرصاً تجارية فورية مثلما كان متوقعاً. ونجح منظمو القمة العالمية لطاقة المستقبل في ترتيب اجتماعات خاصة جمعت بين أعضاء الوفد الرسمي السعودي ونحو مئة من المطورين والمستثمرين وموردي التقنيات. وأكّد معالي وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي، خالد بن عبدالعزيز الفالح، الذي ترأس وفد المملكة إلى العاصمة الإماراتية للمشاركة في الحدث، أن الجولة الأولى من عطاءات المشاريع التي تبلغ قيمتها حوالي 50 مليار دولار سيتم إطلاقها في غضون أسبوعين.
أما خطط الهند الرامية لإضافة 175 غيغاواط من الكهرباء المتولدة من مصادر الطاقة المتجددة بحلول العام 2022، فاستقطبت بدورها اهتماماً كبيراً لوحظ خلال لقاءات موسعة جمعت أعضاء الوفد الرسمي الهندي بشركاء محتملين تحت عنوان الاستثمار. ومن جانبه، عقد وزير الطاقة الهندي، بيوش غويال، اجتماعات مع "مصدر" وهيئة كهرباء ومياه دبي، بمشاركة لاعبين رئيسيين في سوق الطاقة المتجددة الهندية مثل "أفادا إنرجي" و"ميتراه إنرجي".
وشاركت في القمة، التي كانت فعالياتها انطلقت يوم الإثنين 16 يناير في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، وفود رسمية أخرى من بلدان بينها المغرب والأردن وكازاخستان والمملكة المتحدة وفنلندا وباراغواي وسري لانكا وكوستاريكا ونيبال.
وتضمّن أبرز ما جرى الإعلان عنه في القمة العالمية لطاقة المستقبل، خططاً مشتركة بين هيئة كهرباء ومياه دبي ومصدر للشروع في بناء المرحلة الثالثة من مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، التي ستتمتع بقدرة إنتاج تبلغ 800 ميغاواط، وستكون عند اكتمال العمل بها أكبر منشأة للطاقة الشمسية الكهروضوئية في العالم. كذلك شهدت القمة إطلاق دولة الإمارات صندوقاً لمشاريع الطاقة المتجددة في منطقة البحر الكاريبي بقيمة 50 مليون دولار، وإبرام اتفاقية تعاون بين كل من مصدر والمؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء وشركة نبراس للطاقة، لتطوير مشاريع في الطاقة المتجددة والمستدامة، فضلاً عن إعلان مصدر عن شراء حصة قدرها 25 بالمئة في مشروع "هاي ويند" التجريبي لمزارع الرياح البحرية العائمة في بحر الشمال بإسكتلندا، والإعلان عن اتفاقية بين مصدر و"بيئة" لتطوير محطة لتحويل النفايات إلى طاقة في الشارقة، بسعة تصل إلى 300 ألف طن.
ومن المنتظر أن تقوم مصدر كذلك بتقديم خدمات استشارية لمشروع تشييد محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في جمهورية سيشل، قدرتها 5 ميغاواط ومتصلة بشبكة التوزيع.
وقال أرا فرنزيان، المدير العام لشركة ريد الشرق الأوسط للمعارض، الجهة المنظمة للقمة العالمية لطاقة المستقبل بالشراكة مع مصدر، إن القمّة شهدت نمواً في نشاط المشترين وتحرّكات جادّة مردّها إلى أن كثيراً منهم يرى في الحدث "مكاناً مثالياً للشروع في مفاوضات تجارية مع مجموعة واسعة من الموردين"، وأضاف: "في كل هذا النشاط والمستوى العالي من الجدية تأكيد لنجاح الحدث، فمصادر الطاقة المتجددة تحرّكت قُدماً وتجاوزت بوضوح النقطة التي كنا نحاول عندها تشكيل سوق للطاقة المتجددة، وها نحن اليوم جزء من بيئة عمل تجارية تتسم بالنشاط والحيوية".
وعُرضت في برامج المعرض والمؤتمر في القمة العالمية لطاقة المستقبل، إلى جانب مصادر الطاقة المتجددة، أحدث التطورات في مجال تخزين الطاقة، الذي يُنظر إليه باعتباره مسألة أساسية لتأكيد فعالية مصادر الطاقة المتجددة كمصادر ثابتة وموثوق بها للطاقة. كما عُرضت أحدث الابتكارات في مجالات حيوية أخرى مثل التقاط الكربون. وتعكس هذه التطورات النضج الحاصل في سوق الطاقة المستدامة.
يُذكر أن نطاق القمة العالمية لطاقة المستقبل، التي انطلقت في العام 2008، اتسع ليتجاوز التركيز الرئيسي على الطاقة، حتى بات الحدث اليوم يضمّ عدة فعاليات مصاحبة تغطي عدداً من الأسواق المترابطة. واستضافت دورة 2017 من القمة العالمية لطاقة المستقبل كلاً من القمة العالمية الخامسة للمياه، التي انعقدت في إطار شراكة استراتيجية مع هيئة مياه وكهرباء أبوظبي، ومعرض ومؤتمر "إيكو ويست" الرابع، الذي يقام بشراكة مع تدوير (مركز إدارة النفايات – أبوظبي).
كذلك أقيم للعام الثاني تحت مظلة القمة، معرض الطاقة الشمسية الذي انطلق العام الماضي، والمكرس لعرض التطوّرات الحاصلة في سوق الطاقة الشمسية، فيما شهد هذا العام إطلاق الدورة الافتتاحية الأولى من معرض كفاءة استهلاك الطاقة.