"تحت الترابيزة" من أهم المصطلحات المتداولة فى حياتنا اليومية، تتدرج من مجرد "إكرامية" لموظف بسيط لتصل قيمتها لملايين كرشوة، ورغم أن عقوبات جرائم الرشوة رادعة إلا أنه فى الآونة الأخيرة، باتت ظاهرة تستحق الدراسة كما نحتاج إلى الإجابة عن عدة أسئلة أبرزها لماذا تنتشر تلك الجريمة رغم عقوباتها الرادعة؟
على مدار الأيام كانت حملات الأجهزة الرقابية على أذرع الفساد فى بعض المناصب المرموقة، صادمة للمواطنين، الذى أصبح لسان حالهم لماذا نعانى من الفقر وكل تلك الأموال تسرق ؟.
ووفقا لقانون العقوبات، فإن عقوبة الرشوة تصل إلى السجن المؤبد إلا أن هناك بعض الثغرات يستغلها دفاع المرتشين للإفلات من العقوبة الملائمة لهم.
وصف جرائم الرشوة فى قانون العقوبات
المادة 103 من قانون العقوبات نصت على أن يكون المرتشى موظفا عاما أو أن يدخل فى طائفة معينة اعتبرها فى حكم الموظفين العموم، كما اشترطت لجريمة الرشوة أن يقبل الموظف الوعد بالعطية الذى صدر من الراشى .
عقوبة الرشوة فى القانون
تصل عقوبة جريمة الرشوة إلى السجن المؤبد ويمكن للقاضى أن يخفض العقوبة إلى الحد المسموح به طبقا لنص المادة 17 عقوبات إذا اقترنت الجريمة بأحد الظروف المخففة.
معيار الكفاءة.. أحد أسباب تزايد تلك الظاهرة
لماذا جرائم الرشوة فى تنامى مستمر، رغما أن عقوبتها مشددة؟
يجيب وليد سعيد، المحامى بالنقض: "بعيدا عن المواد القانونية هناك أسباب أخرى أهمها كيفية اختيار الموظفين العموم فى المصالح الحكومية، والذى يستند على معايير خاطئة منها الوساطة والمحسوبية، وهنا يصبح هدف الموظف فى المقام الأول جمع الأموال واستغلال نفوذه لتحقيق أكبر قدر من مصالحه.
ثغرات يستغلها دفاع المرتشين لتخفيف العقوبة
وحول الثغرات التى يستغلها دفاع المرتشين لتخفيف العقوبة، فسر "وليد سعيد": يستند أغلب الدفاع إلى قانون الإجراءات الجنائية الذى ينص على عدم السماح بتسجيل مكالمات بين المرتشى والراشى إلا عقب الحصول على إذن من القاضى، وغياب هذا الشرط يعد ثغرة للإفلات من العقوبة، لأن ما يترتب على الضبط يعد باطلا.
وأضاف المحامى بالنقض أن الثغرة الثانية هى ضرورة أن يكون هناك اتفاق مسبق بين الراشى والمرتشى، لإثبات الجريمة، وهذا ما يصعب فى كثير من الأحيان، ويمكن الطعن فيه".
وفى قراءة سريعة لأشهر قضايا الرشوة، نجد على سبيل المثال قضية رشوة الخبير المثمن المعروف لإحدى مأمورى الضرائب، التى أشرف عليها نيابة الأموال العامة بشرق القاهرة الكلية منذ عدة أشهر، كشفت أن نص القانون على براءة الراشى إذا اعترف بالواقعة يفتح باب لانتشار تلك الجرائم، خاصة أن العقوبة تسقط عنه إذا اعترف بالواقعة، وهذا ما يجعل الراشى يستسهل أن يسلك هذا الطريق السريع لقضاء مصالحه، وإذا تم ضبطه فهناك مخرج سريعا ايضا من الواقعة وكأن شيئا لم يكن.
وفى هذه النقطة، يؤكد الدكتور محمود مصطفى، المحامى بالنقض، أن تلك المادة لابد من تعديلها حتى تقع عقوبة على الراشى لأنه طرف هام فى القضية.
"الروتين" وراء تزايد الظاهرة
وأشار "مصطفى" إلى أنه بعيدا عن العقوبات يعتبر "الروتين" والتعسف الذى يواجه المواطنين لقضاء مصالحهم لدى الهيئات الحكومية أكثر طريق يؤدى إلى انتشار الرشوة، فلابد من إعادة النظر فى بعض التعليمات والإجراءات الخاصة بمصالح المواطنين.