قال تقرير صادر عن مركز بحوث السوق التابع لشركة فاروس للأوراق المالية، إنه فى نهاية عام 2015/2016 شهد الاقتصاد المصرى ضغوطًا شديدة مسجلاً عجزًا فى الموازنة والحساب الجارى بنسبة 12.2% و5.6% من إجمالى الناتج المحلى.
وتضمنت الضغوط الدفاع عن سعر صرف الجنيه مقابل عوامل خارجية ضاغطة، حيث تراجعت عائدات السياحة بنسبة 48.8% فى 2015/2016، كما تراجعت تحويلات العاملين بنسبة 13.2% فى 2015/16 ما دفع الاحتياطى النقدى ليسجل مستويات قياسية منخفضة ليصل إلى 15.5 مليار دولار فى يوليو 2016 (تغطية الواردات لمدة 3 شهور)، فضلاً عن وجود سوق موازية نشطة أدت إلى تداول الجنيه المصرى بسعر أقل من السوق الرسمية بنسبة 30%.
بدء المرحلة الأولى من الإصلاح فى النصف الأول عام 2016/17
فى ظل هذه الأعباء، بدأت الحكومة المصرية المرحلة الأولى من الإصلاحات المصرية المرتقبة فى النصف الأول عام 2016/17 ضمن برنامج إصلاحى متسع النطاق لإعادة الاتزان إلى الاقتصاد الكلى، وتضمنت إجراءات الإصلاح فى الستة شهور الأولى من السنة المالية الحالية ما يلى:
- تطبيق ضريبة القيمة المضافة التى من المفترض أن تعمل على توسيع القاعدة الضريبية.
- الموافقة على قانون الخدمة المدنية، الذى من شأنه رفع إنتاجية القطاع العام إلى جانب التحكم فى زيادة أجور القطاع العام (26% من ميزانية المصروفات).
- تقليل دعم الطاقة (الكهرباء فى أغسطس 2016 والوقود فى نوفمبر 2016)، وتحرير سعر الصرف، وتوقيع برنامج المساعدات النقدية لمدة 3 أعوام مع صندوق النقد الدولى.
بعد إجراءات الإصلاحات الاقتصاد المصرى شهد تحسن التدفقات الأجنبية
رفع اثنان من وكالات التصنيف الائتمانى، وهماFitch & S&P، لأفق الاقتصاد لمصر من سلبى إلى مستقر، إلى جانب أن محافظ البنك المركزى كشف عن تدفق 7.5- 8 مليار دولار إلى القطاع المصرفى فى صورة إيداعات أجنبية بالإضافة إلى 1 مليار دولار فى سوق الأسهم المصرية وسندات الخزانة.
الجدير بالملاحظة أن آثار التدفقات النقدية ظهرت بوضوح من خلال فوارق سعر الصرف بالبنوك التى تناقصت بشكل ملحوظ بعد تعويم سعر الصرف فى 3 نوفمبر 2016.
إضافة إلى ذلك، ارتفع صافى احتياطى النقد الأجنبى بالبنك المركزى إلى 24.3 مليار دولار (تغطية الواردات لمدة 5.2 شهور) بنهاية شهر ديسمبر 2016.
ويشير ذلك إلى ثقة قوية فى الاقتصاد المصرى فى الوقت الحالى نظراً لوجود برنامج إصلاحى أكثر مصداقية، نتوقع أن يستقر سعر صرف الدولار قرابة 18.20 جنيه بنهاية عام 2016/17 بمتوسط سعر 15.30 خلال السنة المالية.
فى الوقت ذاته، ارتفعت معدل التضخم العام إلى 23.3% فى ديسمبر 2016 (سجل معدل التضخم الأساسى 25.9%) ليوافق توقعاتنا التى جاءت فى التقرير الصادر بتاريخ 6 نوفمبر 2016، حيث توقعنا أن يتراوح معدل التضخم بين 22- 25% على المدى القصير.
مزيد من الإصلاحات وتوقعات بالتعافى خلال السنة المالية المقبلة
وتوقع التقرير دخول الحكومة المصرية فى مرحلة جديدة من البرنامج الإصلاحى خلال الستة شهور المقبلة، وتتمثل العناصر الأساسية لأجندة الإصلاحات فى تقليل عجز الموازنة وتيسير مناخ الأعمال فى مصر والتى تتلخص فى الخطوات التالية:
- الموافقة على قوانين استثمار وإفلاس جديدة، والتى من شأنها زيادة الاستثمار المحلى وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
- نية وزارة المالية المصرية لإصدار قانون ضريبى جديد يعمل على تحسين الأنظمة السداد الضريبى واسترداد الضرائب مقابل اقتراح رفع الضرائب من البرلمان.
- إجراء الاكتتاب العام الأولى لشركات القطاع العام والتى من شأنها تحسين سيولة سوق الأسهم المصرية، جذب الاستثمارات الأجنبية وزيادة إيرادات الحكومة، ونتوقع زيادة أولية بقيمة 10 مليار جنيه كإيرادات إضافية من بيع حصة 20% من الكيانات الحكومية التالية: بنك القاهرة، شركة إنبى، شركة الإسكندرية للزيوت المعدنية، وشركة سيدى كرير.
- تقليل دعم الغذاء من خلال تحديث قاعدة بيانات الكارت الذكى، ما سوف يقلل من المصروفات الحالية.
- تطوير إستراتيجية عامة لتطوير قطاع الطاقة فى مارس 2017 (إعادة هيكلة الهيئة العامة للبترول وإعادة تشكيل دعم الطاقة).
- التركيز على الضمان الاجتماعى والتحويلات النقدية، ورفع معدلات الشمول المالى (زيادة الرهون وتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة).
- إحكام إدارة المخاطر فى البنوك وزيادة نسب كفاية رأس المال استعداداً للمرحلة الثالثة من تطبيق بازل 3.
وتوقع التقرير وصول النمو الاقتصادى إلى 3.8% فى عام 2016/17، ثم يتحسن فيما بعد ليصل إلى 4.5% فى 2017/18 فى ضوء: اختفاء خلل الإنتاج الناجم عن نقص الحملة الأجنبية والقيود، وتحسن ائتمان القطاع الخاص فى ضوء تقليل عجز الميزانية (متوسط نصيب الحكومة من الائتمان المحلى وصل الى 65.3% فى 2015/16 وانخفاض مستوى دين القطاع الخاص إلى 18.6% من إجمالى الناتج المحلى فى 2015/16) وخاصة مع معدلات خفض الدعم المتوقعة فى 2017/18، وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى ضوء إجراءات تحفيز الاستثمار.
كما توقع وصول متوسط معدل التضخم إلى 19.5% فى 2016/17، ثم يتراجع إلى 13.6% فى 2017/18 بسبب: تلاشى تأثير انخفاض سعر الصرف، تعديل نمط الاستهلاك، وزيادة نمو إجمالى الناتج المحلى الحقيقى، وبطء تعافى الأسعار السلع على المستوى العالمى.
وتوقع أيضًا تقليص العجز المالى ليصل إلى 10.8% من إجمالى الناتج المحلى فى 2016/17، ثم يصل إلى 9.5% فى 2017/18 نتيجة:
- إلغاء دعم الطاقة تدريجياً (دعم الوقود خلال 3 سنوات ودعم الكهرباء خلال 5 سنوات)، والحد من معدل النمو المرتفع لأجور القطاع العام، تحسين تدفق الإيرادات من خلال نظام للضرائب والجمارك أكثر سهولة وفاعلية، زيادة مصادر الدعم النقدى ودعم الغذاء، إلى جانب نفقات رأس المال الداعمة للنمو.
- تحسن بيانات الميزان التجارى فى ضوء تعويم الجنيه وبرامج تشجيع الصادرات واكتشاف حقول غاز جديدة.
- هناك توقعات بتناقص عجز الحساب الجارى إلى 13.9 مليار دولار فى 2016/17، ثم 9.2 مليار دولار فى 2017/18، ومن المحتمل تحسن سعر صرف الجنيه خلال العامين المقبلين.
وقال التقرير إن هناك ثلاثة مخاطر رئيسية تواجه المستقبل الاقتصادى هى تنفيذ السياسات، المخاطر السياسية، الأحداث الخارجية السلبية، وفحص الأداء الاقتصادى للمنافسين على المستوى الإقليمى خلال العامين المقبلين يشير إلى جاذبية التحول الاقتصادى فى مصر.
ويذكر أن من أهم ما جاء فى تقرير صندوق النقد الدولى، أنه من المتوقع أن يتعافى إجمالى المحلى ليصل إلى 5-6% على المدى المتوسط، من المتوقع تناقص عجز الحساب الجارى إلى 3% من إجمالى الناتج المحلى فى 2018/19، أن الفجوة التمويلية فى فترة البرنامج تبلغ حوالى 35 مليار دولار.
وتركز السياسة النقدية على خفض معدل التضخم إلى الأرقام الأحادية، والنتائج الإيجابية لتحرير سعر الصرف ستستغرق فترة زمنية لتحقيقها، واستمرار التذبذب وعدم الاستقرار.
ومن المتوقع تراجع العجز بوجه عام خلال فترة البرنامج من 12.1% من إجمالى الناتج المحلى إلى 4.7% فى 2020/21.
وقال الصندوق إن السلطات المصرية تطور أجندة إصلاحات شاملة لقطاع الطاقة، تخطط الحكومة لإصدار قانون جديد لمنح التراخيص (قانون الاستثمار)، يتم اعتماده فى مارس 2017.
كما تنوى إصدار قانون إعسار جديد، يتم اعتماده فى 30 يونيو 2017، تعمل الحكومة على تطوير خطة لترشيد نظام ترويج الصادرات وتقليل الحواجز غير الجمركية أمام التجارة، والمراجعة الأولى سوف تتم بناء على الأداء فى ديسمبر 2016، وفيما بعد، وفقاً لاستقرار حالة الاقتصاد الكلى ستكون المراجعات نصف السنوية كافية.