أكد المنسق المقيم للأمم المتحدة فى مصر ريتشارد ديكتوس أن الأمم المتحدة سوف تقدم الدعم الفنى والسياسى والاستشارات للحكومة المصرية من أجل الاستفادة من مواردها لتحقيق التنمية الاقتصادية فى البلاد..مشيرا إلى أن المساعدات التنموية التى لا تقل نسبتها عن واحد فى المائة من الناتج الإجمالى المحلى سوف تكون عاملا محفزا وليس أساسيا لتحقيق التنمية المستدامة فى مصر.
وقال ديكتوس ـ فى حديث خاص مع مندوب وكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم ـ أن اتفاق الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولى كان الخيار الوحيد على المدى الطويل لخفض معدلات الفقر وتوفير فرص عمل جديدة، وهذا لن يحدث إذا لم يستطع الاقتصاد تحقيق النمو وجذب الاستثمار وتصدير المنتجات..لافتا إلى أن هناك فترة عصيبة بين تنفيذ إجراءات الإصلاح الاقتصادى من بينها تعويم الجنيه المصرى وتحقيق النمو الاقتصادى فيعانى الفقراء من ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
ونوه بأن منظمات الأمم المتحدة تعمل بقوة مع الحكومة المصرية على دعم شبكات الأمان الاجتماعى، من بينها تنفيذ مشروع التغذية المدرسية بالتعاون مع وزارة التعليم، فضلا عن العمل مع الشركاء لمساعدة اللاجئين السوريين فى مصر..مؤكدا أن توفير فرص عمل جديدة هو الحل للقضاء على الفقر وأن شبكات الأمان الاجتماعى تعد حلا مؤقتا فى المرحلة الحالية..مشددا على ضرورة أن تعمل هذه الشبكات بشكل جيد فى المرحلة الراهنة لحماية الفئات الهشة فى المجتمع من الصدمات الاقتصادية الشديدة.
وأعرب ديكتوس عن تفاؤله بمستقبل مصر فى ضوء الإجراءات التى اتخذت بالتنسيق مع صندوق النقد والبنك الدوليين، والتى تحظى بدعم المجتمع الدولى من أجل إعادة هيكلة الاقتصاد المصرى بهدف إقامة قاعدة صناعية قوية لتوفير المنتجات للسوق المحلى وتصدير الفائض إلى الدول الأفريقية.
كما أعرب عن اعتقاده بأن مصر سوف تشهد تحسنا حقيقيا للاقتصاد غالبا بعد عام ونصف من الآن فى ضوء استقرار العملة المحلية وخلق فرص عمل، وأيضا ضخ استثمارات جديدة فى فترة تتراوح ما بين ثلاث إلى خمس سنوات مقبلة.
وأضاف أن هناك حاليا استثمارات ضخمة فى قطاع البترول والغاز، ومن المؤكد أن انتعاش قطاع السياحة سوف يكون دافعا لتحسن الاقتصاد.
وردا على سؤال حول أولويات عمل الأمم المتحدة فى المرحلة المقبلة، قال ديكتوس" أن المنظمة الدولية سوف تركز على ثلاث محاور، أولها العمل على سد الفوارق بين فئات المجتمع حيث يوجد تفاوت كبير فى العمالة والدخل بين المحافظات ومثال على ذلك بورسعيد التى تشهد أدنى معدلات للبطالة فيها بينما تحتل محافظة قنا المرتبة الأولى من حيث معدلات البطالة والفقر فى البلاد.
وأضاف بالنسبة للمحور الثاني" أن المنظمة الدولية ستركز على زيادة نسبة مشاركة النساء فى الاقتصاد والحياة الاجتماعية، موضحا أن الحكومة المصرية وضعت استراتيجية قوية لتمكين المرأة والتى من المؤكد سوف تحظى بدعمنا، والمحور الثالث هو دعم الشباب وخلق فرص عمل لهم ومشاركتهم بشكل أكبر فى تحقيق التنمية..فضلا عن توفير الخدمات الصحية والاجتماعية لهم .
وتابع" نعمل مع وزارتى التعاون الدولى والخارجية على تطوير الاتفاقية الإطارية للشراكة مع منظمة الأمم المتحدة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهذا يتطلب التعاون بشكل أفضل مع الحكومة والمجتمع المدنى والقطاع الخاص فى إطار شراكة أوسع مشددا على ضرورة إحداث توازن بين تحقيق التنمية الاقتصادية والبيئة".
وقال إن مصر تواجه ثلاثة تحديات: الأول وهى مساحة الرقعة الزراعية ولهذا قررت الحكومة تنفيذ مشروع استصلاح أربعة ملايين فدان والتحدى الثانى هو توفير مياه كافية للشرب ولرى الأراضى الزراعية والثالث هو الزيادة السكانية الكبيرة..لافتا إلى أن مصر تستطيع خفض معدلات الفقر فى 15 عاما، ولكن زيادة النمو السكانى سوف تؤدى إلى زيادة أعداد الفقراء ولهذا تحتاج مصر إلى الإسراع نحو تحقيق المزيد من النمو، وتوفير الخدمات الاجتماعية للمواطنين.
ونوه بأنه لمس خلال لقائه مع رئيس الوزراء والوزراء المصريين وجود رغبة قوية لتغيير الوضع القائم وأن الكثافة السكانية تتطلب حلا يعتمد على دراسة الوضع فى الماضى، وما تم تغييره وما يمكن فعله فى المستقبل..مؤكدا أهمية التواصل مع المواطنين حول الزيادة السكانية واتفاق الجهات الحكومية على التصدى لهذه المشكلة وتوفير إمدادات وأدوية لتنظيم النسل.
وردا على سؤال حول تقرير التنمية البشرية عن مصر، أشار ديكتوس إلى أن هذا التقرير يعد أداة مهمة لزيادة الوعى حول التنمية البشرية حول العالم..مضيفا" نحتاج إلى البدء فى مشاورات مع الحكومة من أجل إصدار هذا التقرير مرة أخرى، مشيرا إلى أن مصر أصدرت 11 تقريرا للتنمية البشرية كانت مؤثرة فى الماضي".