عقد مجلس الأمن الدولى جلسة خاصة، اليوم الخميس، بنيويورك؛ لتأبين الراحل الدكتور بطرس بطرس غالى، الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، حضرها مندوبو الدول الأعضاء الـ15 بالمجلس، وبان كى مون، الأمين العام للأمم المتحدة.
وألقى السفير عمرو أبو العطا مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، كلمة عبر خلالها عن امتنانه لعقد هذه الجلسة الخاصة لتأبين فقيد مصر والعالم، وقال "إن اجتماعنا اليوم هو أبلغ صور التعبير عن تقدير ووفاء المجتمع الدولى، مُمثلاً فى الأمم المتحدة والدول الأعضاء للدور القيم الذى قام به الراحل الكبير الدكتور بطرس بطرس غالى أمين عام الأمم المتحدة الأسبق، عميد الدبلوماسية المصرية، وعلمها الشامخ على مدار أكثر من نصف قرن، الذى ترك لنا تُراثاً سياسياً ودبلوماسياً وقانونياً نسترشد به جميعاً، وإن الأمم المتحدة بتكريمها لاسم الدكتور بطرس غالى لتضرب أبلغ الأمثلة على كيفية الاحتفاء بأسماء قادة عالميين بهذا السمو والتميز".
وأشار أبو العطا، إلى أن عطاء الدكتور بطرس غالى مَثّل لوطنه ولإفريقيا والدول العربية والعالم نموذجاً فريداً ستنهل من علمه أجيال مقبلة، "حيث كان الراحل الكبير معبراً عن انتمائه الوطنى بجذوره الفكرية والثقافية والدينية المتنوعة، ومدافعاً صلباً عن حقوق أمته العربية ومقدراتها، ومناضلاً إفريقياً يفتخر بانتمائه لقارته وحق شعوبها فى الاستقلال والحرية والازدهار، وسياسياً دولياً مرموقاً يحمل مبادئ السلام والعدل والإخاء، كما كان خير مثال لمفاهيم التواصل والتسامح والتبادل المعرفى والثقافى بين الشعوب والثقافات والأعراق والأديان المختلفة".
وقال السفير عمرو أبو العطا، "يطغى اليوم شعورى بالفخر والامتنان لما أشهده من تقدير واحترام دولى لقامة وإسهامات الراحل العظيم، رغم الحزن لرحيله وافتقاد صوته الحكيم فى وقت نحن فى أمس الحاجة إليه، وسط ظروف دولية تشهد نزاعات وتحديات غير مسبوقة، فقد أمضى الدكتور بطرس غالى حياته لخدمة قضايا السلام، ولقد كان على تواضعه وبساطته صلبا شديد المراس فى الحق، لا يخاف فيه أحداً، مُعتدًا بذاته مستقلاً، وقد شهد له خصومه قبل أصدقائه بأنه سعى خلال ولايته كسكرتير عام بلا كلل لترسيخ استقلالية المنصب وحيادية المنظمة، وتحمل فى سبيل ذلك كلفة موقفه المستقل، ولكن تبقى تلك الواقعة كنموذج لاستقلالية الموظف الدولى، حيث تعامل مع أعضاء المنظمة بكياسة تراعى حقائق السياسة، وبعدالة رجل قانون لا يرضى بالمساس بمبادئ الحق والعدل".
وأضاف مندوب مصر لدى الأمم المتحدة، "لقد عرفنا جميعاً الدكتور بطرس غالى كأكاديمى بارز، ودبلوماسى فذ، وسياسى مؤثر، وقائد بارع فى دوائر حركة عدم الانحياز والاتحاد الإفريقى، ورئيساً لمنظمة الفرنكوفونية، وكأول إفريقى وعربى يتولى منصب أمين عام الأمم المتحدة، قاد خلالها المُنظمة فى ظل ظروف دقيقة وصعبة للغاية فى أعقاب انتهاء الحرب الباردة، فى خضم الصراعات التى سادت رواندا والصومال وأنجولا ويوجوسلافيا السابقة، حيث بلور خلال تلك السنوات الصعبة مقاربة شاملة لدور المنظمة فى صنع السلام وحفظ السلام، والدبلوماسية الوقائية، فما زالت المفاهيم التى أسس لها فى أجندة السلام صالحة لمواجهة التحديات التى يواجهها العالم اليوم، إن توفرت الإرادة السياسية اللازمة والعمل الجماعى".