فى تحقيق استقصائى، استمع فيه "انفراد" لعشرات الساعات من الحلقات التليفزيونية السابقة لعدد من شيوخ الإفتاء الذين تضمنتهم قوائم الفتوى الرسمية الصادرة عن الأزهر ووزارة الأوقاف، إضافة إلى متابعة صفحاتهم الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، توصلنا إلى وجوه وأسماء بارزة بالقوائم التى تتمتع حصرا بحق الظهور والإفتاء فى وسائل الإعلام، يُحرّمون المعاملات البنكية بالإيداع والاقتراض، وبطيالبون المواطنين بالابتعاد عنها.
فى لقاء للشيخ أحمد ممدوح سعد، مدير إدارة الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء، مع قناة "أزهرى"، سأله أحد المشاهدين عن حكم الحصول على "قرض شخصى" من البنك، فقال نصا: "البنك هيدينى قرش وهياخده قرش ونص، ده حرام أداء وحرام قبضا، يعنى حرام على من يعطى القرض ومن يأخذ القرض".
وفى سؤال آخر لأحد المتصلين حول الاقتراض بضمان شهادة التوفير التى أودعها فى البنك، قائلا إنه سيقترض بضمان شهادة استثمار أودعها فى البنك، على أن يكون حجم الفوائد على قرضه هو نفسه حجم الفوائد على وديعته، بحيث لن يدفع للبنك فائدة، أو يقبض منه فائدة، كان رد الشيخ أحمد ممدوح موجزا وقاطعا: "ده حرام شرعا".
الشيخ سعيد عامر، الذى يشغل منصب الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، استقبل سؤالا من أحد المشاهدين خلال حلقة بقناة "الندى" بتاريخ 25 أبريل 2014، حول وجود أموال له بالبنك تدر فائدة، فماذا يفعل بشأنها، فكان رد الشيخ سعيد عامر: "لك أصل المال، وما زاد على ذلك تضعه فى مشاريع الخير ولفقراء المسلمين، وتتخلص من هذا المال، ولكن لا تترك هذه الفوائد فى البنك، وهذه طهارة للمال".
المفارقة أن تلك الإجابات الصادرة عن وجوه الفتوى الرسمية التى تمثل الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء فى وسائل الإعلام، تتنافى مع رأى دار الإفتاء الرسمى فى مسألة فوائد البنوك، إذ تقول دار الإفتاء فى الفتوى 3616 المؤرخة بتاريخ 28 مارس 2016، والتى أجاب فيها مفتى الجمهورية الدكتور شوقى علام على سؤال حول فوائد البنوك: "إن الإيداع فى البنوك ودفاتر التوفير ونحوها، من باب عقود التمويل المستحدثة لا القروض التى تجر النفع المحرم، ولا علاقة لها بالربا، وليست الأرباح حراما، لأنها ليست فوائد قروض، وإنما هى عبارة عن أرباح تمويلية ناتجة عن عقود تحقق مصالح أطرافها، ولذلك يجوز أخذها شرعًا".
الرأى السابق هو الرأى الذى استقرت عليه دار الإفتاء منذ عصر الدكتور سيد طنطاوى رحمه الله، فلماذا الإصرار على أمر يُعسّر على الناس؟ بل إن هذا السلوك يجعل للناس فى "المستريحين" ومروجى أوهام توظيف الأموال وأمثالهم من النصابين سبيلا كى يستثمروا أموالهم لديهم، ثم تضيع عليهم بعيدا عن أعين الدولة، بل إن الشيخ على جمعة، مفتى الجمهورية الأسبق، كان واضحا أكثر من أى شخص غيره فى بيان مسألة البنوك، وحتى فى مسألة تحريمه لـ"القرض الشخصى" الذى يأخذه الشخص من أجل الترفيه عن نفسه، قال إنه "حرام، ليس لأنه ربا، ولكنه حرام لإغراقه فى المديونية".
وتتبع التحقيق الذى أجراه "انفراد" 8 من شيوخ قائمة الفتوى، عبر أرشيفهم الممتد بين البرامج واللقاءات والندوات، من واقعشبكة الإنترنت، لتكتشف لدى البعض هجوما على المسيحيين، واتهاما لمعارضى الإخوان بالبلطجة، وغيره من الآراء الغريبة والشاذة.