قال محمد فايق، رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان فى دعم قرارات الشرعية الدولية تجاه القدس يقع فى بؤرة تقاطع ثلاث مسؤوليات، تقع جميعا فى صميم دور ومسؤوليات هذه المؤسسات، ويأتى أولها فى سياق دورها فى تعزيز احترام القانون الدولى لحقوق الإنسان، الذى يتصدر حق تقرير المصير، واجهة أهم صكوك الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
وأضاف "فايق"، خلال الاجتماع الاستثنائى للجنة التنفيذية للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية العربية لحقوق الإنسان، لبحث أبعاد إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب "القدس" المحتلة عاصمة لإسرائيل وتداعياته على قرارات الشرعية الدولية تجاه القدس وحقوق الشعب الفلسطينى الثابتة وغير القابلة للتصرف، أن ثانى المسؤوليات تأتى فى سياق دور الأمم المتحدة ومسؤوليتها تجاه القضية الفلسطينية، وهى مسؤولية تتشعب أبعادها وتغوص فى كل جوانب القضية الفلسطينية، والثالثة فى سياق التضامن مع المؤسسة الوطنية الفلسطينية لحقوق الإنسان، العضو فى الشبكة العربية والتحالف الدولى للمؤسسات الوطنية، ما يعد المبرر الأساسى للشبكات الإقليمية والدولية التى نتشرف جميعا بعضويتها من أجل تعزيز قدرات النهوض بالمسؤوليات.
وتابع رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان حديثه بالقول: "لم يكن مصدر قلق المؤسسات الوطنية من قرار الرئيس الأمريكى فى حد ذاته، فمزاعم إسرائيل تجاه القدس معروفة ومقننة كجزء من سياسات الاحتلال، لكنها كانت فى الوقت نفسه باطلة ولاغية طبقا لقرار مجلس الأمن الدولى، كما أن القرار الأمريكى بشأن القدس ونقل السفارة الأمريكية كان قائما كجزء من الاستراتيجية الأمريكية، لكنه كان مجمدا، لهذا فإن مصدر القلق الأساسى هو دلالة القرار وتوقيته وتبعاته".
وأشار "فايق" إلى أن التطورات أثبتت أسوأ التوقعات، خاصة مع إخفاق الإدارة الأمريكية فى تقدير رد الفعل الدولى، وعجزها عن التصدى لصيغة "الاتحاد من أجل السلام" التى عقدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإخفاقها فى تقدير رد الفعل الفلسطينى الذى لم يتوقف عند رفض القرار الأمريكى، بل وأعلن رفضه القطعى لانفراد الولايات المتحدة بالوساطة فى حل القضية الفلسطينية ورفض استقبال نائب الرئيس الأمريكى.
وأردف رئيس المجلس: "من جانبها بادرت الولايات المتحدة بتقرير عقوبات على السلطة الفلسطينية، بتعليق نصف المعونة التى تقدمها لوكالة غوث اللاجئين أونروا بمقدار 65 مليون دولار أمريكى، والتهديد بوقف النصف الثانى من هذه المعونة ما لم تذعن السلطة الفلسطينية لاستئناف المفاوضات المتوقفة منذ العام 2014، وتكرر الحديث من جانب الإدارة الأمريكية عن ضرورة إعادة النظر فى ضرورة العمل والنظر وآليات الأدوار التى تلعبها هذه المنظمة الدولية".
ونوه رئيس "قومى حقوق الإنسان" بأن إسرائيل بادرت باتخاذ سلسلة من الخطوات الاستعمارية والعنصرية، شملت طرح أكبر مشروع استيطانى واستصدار تشريعات من الكنيست لتكريس الأمر الواقع، بإقرار قانون بتاريخ الأول من يناير 2018 بالقراءتين الثانية والثالثة لتعديلى القانون الأساسى للقدس الموحدة لعام 1980، يحول عمليا دون تمكين الفلسطينيين من ممارسة السيادة على القدس الشرقية، إذ اشترط رفع نسبة التصويت لتمرير أى قرار يتعلق بالأمر القائم فى القدس أو نقل أجزاء منها لسلطة أخرى، فى سياق أى اتفاق سياسى إلى 1200 صوت بدلا من الوضع السابق الذى كان يتطلب تصويت 61 عضوا، إضافة إلى استفتاء شعبى عام يقر التصرف بالأغلبية المطلقة.
واشار الى أن التعديل الجديد الغى النص المتعلق بتعيين حدود مدينة القدس الموجود فى القانون السابق ، على نحو يسمح لبلدية القدس أن تعيد تحديد حدودها بما يسمح بإستثناء الأحياء السكانية العربية الخالصة من نطاقها مثل حى الشيخ جراح و مخيم شعفاط ، و هى أحياء مفصولة عن المدينة قسراً بجدار الضم العنصرى،متابعا:" كما يتيح القانون الجديد إلحاق المستوطنات الإسرائيلية فى محيط مدينة القدس ضمن نطاق بلدية القدس فيما يسمى بمشروع " القدس الكبرى " .
ولفت فايق الى ان هذه الإجراءات بمثابة إعلان فعلى لحل الدولتين ، وأن لحق الفلسطينيين فى تقرير مصيرهم و إقامة دولتهم على أرضهم المحتلة فى العام 1967 .
وشدد رئيس المجلس القومى لحقوق الانسان علي أن التحالف الأمريكى الصهيونى يضع الشعب الفلسطينى بين خيارى التنازل عن حقوقه المشروعة و غير القابلة للتصرف التى أكدتها الشرعية الدولية طوعاً عبر " الفكر الجديد " للرئيس الأمريكى المسمى " صفقة القرن " التى لامسنا مقدماتها ، أو كرهاً عبر إستراتيجيات رئيس وزراء إسرائيل بفرض الواقع على الأرض عبر إستراتيجيات إستعمارية عنصرية وثقتها العديد من آليات الأمم المتحدة .
واردف محمد فايق :"يتطوى ذلك على سوء تقدير فادح لخيارات ليس بوسع المجتمع الفلسطينى و لا قياداته قبولها بعد خمسين عاماً من الإحتلال العربى الإحلالى ، ذاق خلالها الأمرين ، و يتهاوى تحت وطأتها النظم الإقتصادية و الإجتماعية الفلسطينية و ليس بوسع الشعب الفلسطينى سوى المضى قدماً فى الطريق الذى سلكه كل شعوب العالم لإنتزاع حقوقهم المشروعة فى الحرية و الكرامة و المساواة".
و أختتم كلمتىه بالمقترحات التالية
أولاً : مناشدة التحالف الدولى للمؤسسات الوطنية بمساندة الحقوق المشروعة و غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطينى ، و فى مقدمتها حقه فى تقرير مصيره .
ثانياً : مناشدة القمة العربية الجارى إعدادها بتوفير الدعم اللازم لصمود الشعب الفلسطينى ، و تأمين إحتياجاته الضرورية ، و هو خيار سبق للقمم العربية تدبيره فى قضايا مختلفة و نجح فى تحقيق أهدافه .
ثالثا : مطالبة المجتمع الدولى بدعم مطالب السلطة الفلسطينية بالإصرار على عدم إنفراد الولايات المتحدة الأمريكية بملف التسوية الفلسطينية ، و السعى لضم الإتحاد الأوروبى و الإتحاد الروسى و الصين فى إطار توفره الأمم المتحدة .
رابعاً : مطالبة كل الفصائل الفلسطينية بدعم جهود المصالحة الوطنية ، و تذليل الصعوبات العملية التى تواجهها .
خامساً : دعم قدرات المؤسسة الوطنية الفلسطينية لمواجهة إحتياجات المرحلة القادمة