هاجمت الجماعة الإرهابية مركز دراسات الشرق الأوسط فى باريس، وذلك بعد نجاحه فى كشف دور المال القطرى فى تمويل الإرهاب العالمى، وظهور العديد من الحقائق، حيث تعرض المركز ورئيسه البرلمانى والباحث الدكتور عبد الرحيم على، بشكل خاص منذ مايو الماضى إلى هجمة شرسة من خلايا إخوانية نائمة ممولة قطريًا، بتحريض بعض الإعلام الفرنسى على المركز، بمحاولة اتهامه بمعاداة السامية، لعلمها باستحالة مهاجمة المركز بطريقة أخرى، وذلك بعد تأكيد المركز تأييد مواقف الدول العربية والإسلامية الرافضة لنقل السفارة الأمريكية فى إسرائيل إلى القدس المحتلة.
ونجح مركز دراسات الشرق الأوسط فى باريس بعد ما يقارب العام من إحداثه، فى إطلاق نشاط سياسى فكرى ملحوظ يهتم بدراسات الإسلام السياسى وقضايا الإرهاب، ضمن جهوده لكشف محاولات توظيف بعض الأطراف للإسلام وحقيقة أنه دين تسامح ومحبة.
وتميز المركز عن غيره من مراكز الدراسات والبحوث السياسية المختصة فى فرنسا وأوروبا عموماً، بمطبوعاته وإصداراته الفكرية المُعمقة، وشبكته الإخبارية الغنية "المرجع" باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية والألمانية، وبتنظيم العديد من أهم المؤتمرات والندوات بحضور سياسى فرنسى هام، ما ساهم فى التعريف بخطر تنظيم الإخوان على الدول الأوروبية وليس فقط على منطقة الشرق الأوسط، وقدم لصانع القرار ورجل السياسة حقائق تساهم فى مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والسلام العالمى.
ويرى المركز أن قضايا تيار الإسلام الحركى والإرهاب والبحث فيها، فى حاجة مُلحة أكثر من أى قضية أخرى إى لجهد ملموس وحقيقى فى مجال المعلومات، ويحرص على استكمال غير المتاح ويعالج المتوفر منها، خاصةً بعد أن أصبحت تلك القضايا تقض مضاجع الجميع فى الشرق والغرب ليس فقط بسبب الإرهاب الذى يحصد أرواح الأبرياء بلا تمييز، ولكن بسبب نشر أفكار تحاول تغيير العالم نحو الأسوأ، خاصة فيما يتعلق بحرية الرأى والتعبير، وحرية العقيدة، والموقف من المرأة، والفن، وغيرها.
وانطقلت الحملة ضد المركز على يد "رومان كاييه"، الذى يعرف نفسه متخصصاً فى شؤون الحركات الإسلامية، وهو فى الحقيقة فرنسى اعتنق الإسلام قبل سنوات وانضم إلى التيار السلفى المتشدد، وتعتبره جهات فرنسية خطراً على الأمن القومى، وتوقفت بعض القنوات عن دعوته للمشاركة فى ملفاتها السياسية باعتباره خبيراً فى الحركات المتطرفة.
ومن جهة أخرى، كشف المركز فى تقرير حديث جهود حكيم القروى أحد أبرز الوجوه الموالية للإسلاميين فى فرنسا، لتسهيل صعود الإخوان فى الأراضى الفرنسية، خاصةً بفضل التمويل والاستثمار، بسبب ارتباطه بجماعة الإخوان المدعومة من قطر التى تضخ أموالاً طائلة فى أوروبا بشكل عام وفرنسا بشكل خاص.
وفى هذا الصدد، كشف تقرير نشرته حديثاً صحيفة "لاكروا" الفرنسية، أن استثمارت قطر فى فرنسا تبلغ 40 مليار يورو، ما يجعلها أكبر داعم لجماعات متطرفة بجزء كبير من استثماراتها الكثيرة، فى ثانى وجهة للاستثمارات القطرية بالخارج.
ويضم مركز دراسات الشرق الأوسط فى باريس بهيئته الاستشارية كلا من رولان جاكار رئيس المرصد الدولى لمكافحة الإرهاب والخبير الاستراتيجى فى الإرهاب لدى مجلس الأمن، ريشار لابفيير الباحث والأخصائى فى مجال الإرهاب مؤلف كتاب "دولارات الرعب"، الباحث والكاتب عثمان تزغارت مؤلف كتاب "وصايا بن لادن"، والمُختص بقضايا الإخوان فى أوروبا الكاتب يان هامل.
وفى هذا السياق، حذر رولاند جاكار من الدعم القطرى الأهم فى العالم لكافة الحركات الإسلامية، بعد إنشاء ما يزيد عن 2000 مؤسسة تدعمها قطر فى مختلف الدول لتمويل الإرهاب، فيما أكد ريتشارد لابفيير أن المُستفيد الأول من جرائم الإرهاب فى المنطقة هم جماعات الإخوان.
أطلق مركز دراسات الشرق الأوسط من العاصمة الفرنسية مشروع "المرجع" الدولى، الذى يضم خاصةً شبكةً إخباريةً إلكترونية مُتخصّصة فى دراسات الإسلام السياسى باللفرنسية والعربية والإنجليزية والألمانية، لتزويد صانع القرار العربى والأوروبى بما يلزم من معلومات موثقة لمواجهة الجماعات الإرهابية وحلفائها فى العالم، ومُحاصرة تحركاتها فى الأوساط الدولية، وإطلاع الرأى العام الغربى والأمريكى على جرائمها ومحاولاتها التأثير على تقاليد وقيم التسامح وحوار الحضارات.
ويتضمن المشروع كذلك إصدار العديد من الأبحاث والدراسات التحليلية، منها مجلة "المرجع" التى تطبع وتوزع فى لندن، ونيويورك، وباريس، وهامبورغ، والقاهرة باللغات الأربع، وتشكل مرجعاً حقيقياً للباحثين فى ظاهرة الإرهاب على مستوى العالم فى المستقبل القريب.
وعن أهمية المشروع يقول رئيسه الدكتور عبد الرحيم على، إن العالم يواجه اليوم جُملة من التحديات، أهمها القدرة على التصدى للإرهاب، وزحف أفكار التَّطرف والتّعصب الأعمى الذى تنشره جماعات الإسلام الحركى فى العالم بشكلٍ مُنظم ومُمول ومُخطط ودقيق.
ولفت إلى أن انكسار شوكة تلك الحركات فى دول عديدة بالعالم العربى فى السنوات الأخيرة، كما فى مصر ودول الخليج العربى وغيرها من الدول، جعلها تتطلع لغزو أوروبا، أملاً فى إيجاد أرضية سانحة للانتشار والتمَدد ونشر أفكارها بشكل واسع، بتكثيف عمليات التجنيد للجيل الثانى من المهاجرين، يساعدها فى ذلك تمويل سخى من دول عدة لها مصلحة فى انتشار هذه التنظيمات بأوروبا، مثل قطر، وتركيا، وإيران، مُستغلين هامش الحرية والديمقراطية الواسع فى الدول الأوروبية.