نشرت الصحيفة الاستقصائية البريطانية "ذا إنڤستيجيتيڤ چورنال - تي آي چيه" أحدث تقاريرها الموثقة عن نشاط الجماعات المتطرفة في فرنسا، ووفقاً للتقرير المنشور ثبت أن جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية الدولية تستخدم المنظمات غير الحكومية المعترف بها رسمياً من قبل الحكومة الفرنسية كستار للترويج لتيار شديد الخطورة من الإسلام المتطرف داخل فرنسا.
ووفقاً لتقرير الصحيفة البريطانية، فإن الإخوان المسلمين من خلال ذراعهم الدولى قد اخترقوا كيانات غير هادفة للربح عبر تقديمهم دعم نقدى لتلك المنظمات وزرع قادة الجماعة داخلها، وتحت ستار ما تبدو ظاهرياً منظمات غير حكومية معبرة عن اهتمامات المسلمين في فرنسا، تقف جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية في موضع الاتهام بترويجها رؤيتها الخاصة المتطرفة للإسلام الأصولي في فرنسا.
وأشار التقرير إلى ما تمتلكه جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية من صلات مالية وثيقة بالمجتمعات والجماعات الإسلامية الوطنية والإقليمية فى فرنسا، لافتا إلى إدراج الجماعة كتنظيم إرهابى من قبل مصر، والمملكة العربية السعودية، وسوريا، والبحرين، وروسيا، والإمارات العربية المتحدة.
وذكر التقرير بعض المنظام التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية بفرنسا: "إحدى هذه المنظمات هي المجلس الفرنسي للإيمان الإسلامي - (سي أف سي أم) والذي يعتبر منظمة قوية تخدم كمستشار رسمي للحكومة الفرنسية في إدارتها للإسلام داخل فرنسا، وطبقاً لأحد الخبراء، فإن الرئيس السابق للمجلس أنور كبيبيش كان له صلات وثيقة بالإخوان المسلمين قبل أن يتبوأ منصبه في الهيئة الإسلامية الفرنسية التي عملت بشكل قريب جداً من الحكومة الفرنسية بقيادة نيكولا ساركوزي وقتها".
وكشف التقرير أيضا: "إحدى المنظمات الأخرى المتصلة بالإخوان المسلمين والتي تنشط في فرنسا هذه الأيام هي مسلمي فرنسا - (أم دي أف)"، حيث تمكن صحفى تابع لـ"تي آي چيه" بتصوير لوحة فنية تظهر "ماريان" الشعار الوطنى للجمهورية الفرنسية، وهى ترتدى حجاباً للرأس ومعروضة للبيع بجوار أدبيات يوسف القرضاوى، الزعيم المتطرف الممنوع من دخول فرنسا.
وكشف التقرير كيف أعادت منظمة مسلمي فرنسا بعث نفسها بعد الكشف عنها كـ"حصان طروادة" تابع للإخوان المسلمين داخل فرنسا، حيث لم تكن المنظمة تحمل هذا الإسم من قبل، ووفقاً للتقرير فإنه وحتى 2017 كانت المنظمة تحمل إسم إتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا قبل أن تقوم بتغيير إسمها بعد إدراجها كجماعة إرهابية نظراً لصلاتها بالإخوان المسلمين، ووققاً لأحد الباحثين بالمركز الوطني الفرنسي (سي أن أر أس) وصف الاتحاد كممثل للإخوان المسلمين في فرنسا، وهي مكانة لا ينازعه فيها أحد.
وأوضح تقرير الصحيفة الفرنسية أن منظمة "مسلمي فرنسا" نفت وجود علاقة بينها وبين الإخوان المسلمين، ولكن بعض المسئولين الفرنسيين السابقين الذين حاورتهم "تي أي چيه" قالوا إن هناك علاقات حية بين المنظمة والجماعة تمتد حتى اليوم، ما يجعلها مركزاً لنشر الأصولية والتطرف الإسلامي في فرنسا، وفي أحد الحوارات التقت "تي آي چيه" بمحمد لويزي، أحد المسئولين السابقين بالمنظمة؛ الذي أكد الصلة بين المنظمة والجماعة، وزاد على ذلك بادعاء أن منظمة مسلمي فرنسا تعمل بفاعلية في ترويج أچندة الإخوان المسلمين.
وبحسب التقرير الصحفى الفرنسى، يؤمن لويزي، الذي يكرس وقته لدراسة نشاط الإخوان المسلمين منذ تركه العمل معهم؛ أن هناك قائمة طويلة من جماعات المجتمع الإسلامي عبر فرنسا قد تم اختراقها من مقبل أموال أو قيادات الإخوان المسلمين، ويؤكد محمد لويزي أنه طبقاً لدراساته، فإن المنظمات التي تخضع لتأثير الإخوان المسلمين ومثيلاتها من الجماعات ذات الفكر المتطرف تتضمن الجامع الكبير في بوردو، مولهاوس، ريمس، لي هاڤر، ديسين شارپيو، جرينوبل ومارسيليا، مشيراً إلى أن فرنسا قد شهدت أسوأ أنواع الإرهاب الإسلامي في السنين الأخيرة، وبالتالي أصبحت هناك ضرورة للتعامل مع هذه القضية ضمن الأولويات.
وعبرت زينب الرحزاوي مستشارة الرئيس الفرنسي ماكرون، والناجية من هجمة شارلي إبدو الإرهابية في يناير 2015، عن إيمانها بأن تكتيك الإخوان المسلمين باستخدام المنظمات غير الحكومية للتأثير على الثقافة الفرنسية لابد وأن يتم التعامل معه بحزم.
وفي حوارها مع "تي آي چيه" قالت زينب الرحزاوي إن المنظمات الإسلامية العاملة في فرنسا تحتاج لرقابة، خاصة فيما يتعلق بمصادرهم المالية؛ ولكنهم حالياً يعملون كمنظمات غير حكومية ويفلتون من أي رقابة عمّا يجري بداخلهم أو من الذي يقوم بتمويلهم.
وشددت الرحزاوي أن الحكومة الفرنسية أيضاً تحتاج لتطبيق القانون، حيث لا يسمح القانون الفرنسي بتنظيم أي اجتماعات سياسية داخل الأماكن الدينية ولكن الكثير من هذه المنظمات تخرق هذا القانون.
وأعلنت الصحيفة الفرنسية عن بدء "الرحزاوي" مؤخراً مع فريق من المتطوعين في جمع المعلومات عن الخطابات المتطرفة التي يلقيها المفكرين المسلمين في فرنسا، ومشاركة هذه المعلومات مع الحكومة الفرنسية، للتحقيق في إثارة أسئلة جادة لحكومة الرئيس ماكرون التي عبرت عن رغبتها في دمج أفضل للجماعات الإسلامية داخل المجتمع الفرنسي.
وحث محمد فهمي، رئيس مجلس تحرير "ذا إنڤيستيجيتيڤ چورنال"، قصر الإليزيه على ملاحظة نتائج التقرير المنشور ووضع حد لانتشار الفكر الإسلامي المتطرف في فرنسا، مضيفا أنه على الحكومة الفرنسية أن تستيقظ لحقيقة ما يحدث داخل المجتمعات الإسلامية الفرنسية حيث دخل حصان طروادة المتطرف إلى البلدات والقرى والمدن الفرنسية، ولو لم يتحرك المشرعين الفرنسيين بسرعة، فإن جيلاً جديداً من الإرهابيين المحليين سيظهر لينفذ فظائع أخرى مثل التي صدمت العالم وأدمت قلوب الفرنسيين.
واختتم رئيس مجلس تحرير تي آي چيه قائلاً أن فرنسا لابد وأن تسرع بترويج رؤيتها الخاصة للإسلام الحداثي الوسطي الذي يتسع للجميع ويستطيع رأب جراح الماضي ويقرب بين المجتمعات، مشدداً على أن طرد نفوذ الإخوان المسلمين سيكون هو الخطوة الأولى تجاه تحقيق هذا الهدف.
لقراءة التقرير الكامل المنشور من قبل ذا إنڤستيجيتيڤ چورنال والذي أعده الصحفي الاستقصائي طه صدّيقي بالإنجليزية برجاء اتباع الرابط أدناه:
https://investigativejournal.org/the-fight-against-islamist-radicalization-in-france/