وضع سعيد عكاشة رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية مجموعة من الأسباب التى تدفع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل إلى استخدام الاغتيالات السياسية كأحد أدوات الردع ضد المنظمات والدول المناوئة لها على نحو ما جرى فى عملية مقتل قاسم سليمانى، وقد حددها فى دراسة صادرة عن المركز بـ4 أسباب، وهى على النحو التالى:
١- في ثقافة شرق أوسطية ترتفع فيها القيمة الروحية لفكرة الشهادة دينيًّا وقوميًّا، من العبث الاستمرار في توجيه ضربات واسعة النطاق لمقاتلي التنظيمات المناوئة، حيث يمكن لهذه التنظيمات أن تعوض من يستشهدون في المواجهات المباشرة أو في العمليات الانتحارية، بمئات آخرين ممن يستعذبون نفس الفكرة ويتسابقون لتنفيذها. كما تؤدي الضربات الموجهة إلى أماكن تواجد المقاتلين/ الاستشهاديين والتي تزدحم بالمدنيين غير المنخرطين في التنظيمات التي تمارس هذه العمليات، إلى إدانات دولية واسعة بسبب سقوط ضحايا غير عسكريين بينهم نساء وأطفال.
٢- أن شعور قيادات التنظيمات “الإرهابية” بأنهم هم وعائلاتهم باتوا الهدف الأساسي لضربات عدوهم لا مقاتليهم، يؤدي إلى وقوعهم تحت ضغط نفسي وعصبي هائل يقلل من قدرتهم على تخطيط العمليات بشكل محكم. كما تلعب الاحتياطات الأمنية التي يتخذونها لتأمين أنفسهم وعائلاتهم دورًا بالغًا في تضييق مجال اتصالاتهم برجالهم، واضطرارهم إلى الاستعانة بشخصيات قليلة لنقل أوامرهم وتوجيهاتهم لمن يقومون بتنفيذ هذه العمليات، وهو ما يتسبب في إبطاء وتيرتها. علاوة على ذلك تتزايد نزعة الشك من جانب قادة هذه التنظيمات في كل من حولهم، مما يتسبب في زرع الفرقة والتشتت داخل التنظيم بسبب كثرة تغيير الشخصيات التي تتحكم في أذرعه ومستوياته القيادية.
٣- أن حرمان هذه التنظيمات من القيادات أصحاب الكاريزما والخبرات الطويلة، يؤدي إلى إرباك هذه التنظيمات لفترة من الوقت حتى يمكنها توفير البدائل، وهو ما ينعكس على الأرض في صورة احتمال نشوب نزاع داخلي أثناء عملية تصعيد قيادة بديلة، وفي عدم قدرة هذه التنظيمات على التخطيط لعمليات سريعة ومتقنة، وهو ما يُسهّل عملية كشف أغلبها بواسطة أجهزة الاستخبارات، ويقلل أيضًا من عدد العمليات التي تقوم بها هذه التنظيمات، أو يتسبب في تراجع عدد من يٌقتلون في العمليات التي تمر دون كشفها.
٤- أن كلفة عمليات الاغتيال لا يمكن مقارنتها ماديًّا وسياسيًّا بالتكاليف الهائلة للحروب التي تُشن لنفس الهدف (تقليص المخاطر الأمنية)، حيث يسهل تسويق عمليات الاغتيال سياسيًّا وأخلاقيًّا بالادعاء بأن الشخصيات المستهدفة هي شخصيات معادية للإنسانية وتتسبب في قتل أبرياء غالبيتهم من المدنيين، وبالتالي فإن التخلص منها هو عمل إنساني قانوني في جوهره مقارنة بالحروب التي تؤدي إلى دمار واسع وقتل وتشريد الملايين من الضحايا، وهو ما يتسبب في زيادة كراهية الشعوب للدول التي تشن مثل هذه الحروب، ويعطي التنظيمات “الإرهابية” شرعية الوجود، بل يمنحها حواضن شعبية تسهل من قدرتها على العمل بكسب مزيد من الأنصار وتلقي الدعم المادي والمعنوي.