"الحقيقة في دقيقة" عنوان اتخذه الكاتب الصحفى شريف عارف سكرتير تحرير المصرى اليوم لحلقاته الوثائقية التي يقدمها عن أبرز القصص المثيرة والمواقف التاريخية المصرية.
يروى شريف عارف الأسباب التى دفعته إلى بث حلقاته الوثائقية "الحقيقة فى دقيقة " قائلا :كلنا وجدنا أنفسنا في هذه الظروف. أنا واحد من الناس أمكث لأول مرة في حياتي ببيتي للأسبوع الثالث على التوالي، نظراً لظرف صحي يمنعني من النزول وسط ما تشهده البلاد مع فيروس " كورونا" ، ويضيف :"الفكرة قاسية والتعاطي معها أكثر قسوة، أن تجد نفسك بين جدران منزلك.. من الممكن أن تقرأ ..أن تكتب .." طب وبعدين"!
ويتابع شريف عارف : "أنا على يقين أننا في ظرف طاريء، وأن مصر بقوة شعبها ودولتها تستطيع أن تتجاوز هذه المحنة. ولهذا كان هدفي أن أقدم شيء ينفع الناس على الدوام ..اليوم وغداً ..وبعد غد..أن تعرف الناس معلومة جديدة بأسلوب مبسط يخدم قضية الوعي ، مضيفا "هي فكرة هدفها التوعية، ليست برنامجاً وثائقياً .. ولكنها "دردشة خفيفة" أو زيارة جديدة للتاريخ!
ويوضح شريف عارف "تم تنفيذ هذه الفكرة بالكامل عبر الموبايل، وكذلك التحرير والمونتاج تم عبر واتس أب بمعاونة محترمة وفريدة من صديقي العزيز أحمد مبارك الكاتب والسياسي ..فقد كنا سوياً في هم البقاء بالبيت سوياً.. والعلاقة بيننا عبر شاشة التليفون ..والشكر موصول لعمي الكبير عميد الخط العربي الفنان مسعد خضير البورسعيدي، على إهداء اللوجو بإسمي ".
في أولى حلقاته الوثائقية "الحقيقة فى دقيقة" يروى شريف عارف قصة ثلاثة شباب تم القبض عليهم في عهد الملك فاروق بسبب أغنية :" يا فاروق يا نور العين ..أمك مرافقها اتنين"، حيث بدأ الحلقة بحديثه عن سلوك الملكة نازلى والدة الملك فاروق وجواسيسي الملك فاروق ودور البوليس السياسى أو بوليس القصورومن أى مصدر كان يتلقى أوامره
فى إحدى الليالى.. وكانت الساعة تقترب من الواحدة والنصف بعد منتصف الليل سار عدد من الطلبة وشباب العمال بميدان عابدين وقد أغراهم جمال الجو ونسمة الصيف التى كانت على الأبواب أن يشتموا الملك بطريقتهم الخاصة.. فبدأوا يترنمون بالأغنية التى كانت مشهورة وقتذاك بعد أن حرفوها وهى:
يا فاروق يا نور العين
أمك مرافقها اتنين
على ماهر وأحمد حسنين..
كان معروفاً أن ثمة علاقة بين الملكة الوالدة نازلى وبين على ماهر وأحمد حسنين ،والتقط البوليس الخاص للملك كلمات الأغنية ورفعها إلى أحمد كامل، رئيس البوليس الخاص للملك، وعلى الفور اتصل باللواء إبراهيم إمام، رئيس القلم السياسى، وطلب أن يعرف مصدر الأغنية.. ومؤلفها.. و.. و... إلخ
ويوضح الكاتب الصحفى شريف عارف كواليس الحلقة قائلا " عبر تاريخه كانت تقارير «البوليس السياسى» محل اختلاف، فالبعض يعتبرها تقارير مكتوبة بحيدة تامة وبحرفية ومهنية عالية، فيما يرى البعض الآخر أنه كانت تتم كتابة هذه التقارير وفقاً لأهواء شخصية لإرضاء الجهة الموجه إليها التقرير!
يقول كريم ثابت، المستشار الصحفى للملك «46 - 1952»: «..الملك كان بيعرف كل شىء، وكان قائد بوليس السراى أحمد كامل بيكتب له تقارير يومية بكل ما يقال عنه فى البلد، ويوم ما حصلت اضطرابات فى الجامعة ونزلوا صورته ومزقوها وشتموه وهتفوا ضده.. ولما هتفوا ضده فى المدارس وضد «ناريمان» كان عارف قبل ما نعرف، عرفت كل هذا كاملاً ومفصلاً..» -المصدر - «محكمة الثورة - جلسة 12 أكتوبر عام 1953».
وربما شهادة كريم ثابت هذه تفتح باب الجدل خاصة قوله بأنه «كان يستشار فى كل شىء».. فهل كان فاروق بالفعل قادراً على تقديم المشورة فى كل شىء.. وفى عهد جميع الوزارات؟! كما تشير شهادة كريم ثابت - أيضاً - إلى قضية خطيرة وهى «من هو صاحب القرار داخل البوليس»؟.. أو بمعنى آخر من يملك إصدار الأوامر للضباط.. هل قيادة الجهاز أم وزارة الداخلية.. أم سراى عابدين؟!
وينتهى الكاتب شريف عارف إلى أن البوليس السياسى لم يكن يعمل وفقاً لقانون معين أو لائحة محددة، ولم تكن التوجيهات أو الأوامر تصدر إليه بالطريق المعتاد، أى حسب السلم الوظيفى، فقد تطلب السراى ضابطاً بعينه وتعهد إليه بعمل ما، أن أن البوليس السياسى آنذاك كان تعبيرا عن الذات الملكية والمشيئة الملكية أو بمعنى آخر تعبيرا عن مقولة لويس الرابع عشر" أنا الدولة"
يذكر أن الكاتب شريف عارف يشغل منصب سكرتير تحرير صحيفة " المصري اليوم"، وصدرت له عشرة مؤلفات سياسية ووثائقية أبرزها " الاخوان في ملفات البوليس السياسي" و" 26 يناير ..حريق القاهرة مدبرون ومنفذون" ، وحصد عدد كبير من جوائز العمل الصحفي، ونال تكريمات من عدة جهات بحثية. كما أشرف خلال العام الماضي على مشروع توثيق مئوية ثورة 1919، وحقق في المجلد التذكاري والفيلم الوثائقي" الثورة الأم" بهذه المناسبة .