"الجزيرة مباشر مصر تبث آخر مواجيزها من الدوحة".. كانت هذه هي الجملة التي اختارتها القناة يوم 23 ديسمبر 2014 لتفيد مشاهديها بأنه لم يعد لها وجودا، بدون توضيح أي أسباب، ليمر اليوم الأربعاء كامل على إغلاق قناة الجزيرة مباشر مصر.
القناة التي بدأت بث برامجها عام 2011 أغلقت مكاتبها في القاهرة أولا ثم في الدوحة لتعلن النهاية بعد 4 سنوات أثارت فيهم جدلا كبيرا، استمدته على الأرجح من رحم القناة الآم "الجزيرة"، وتعرضت فيها للكثير من الحملات المطالبة بإيقافها واتهامها بأنها معادية لمصر وتنقل أخبارا خاطئة وتنقل وجهة نظر واحدة وكاذبة.
لحظة إعلان إغلاق الجزيرة مباشر مصر
https:
ومن الطريف أن بيان غلق القناة الذي أصدرته جاء كاذبا أيضا لتتوافق الخاتمة مع نسق المضمون الذي قدمته طوال 4 سنوات حيث ظهرت مذيعة القناة في أخر يوم بث تقول إنها قدمت آخر مواجيزها اليوم، وستغلق مكتب القناة بالدوحة، لحين توافر الظروف المناسبة لعودة البث من القاهرة.
لكن القناة لم تعد على الإطلاق لتكون الكذبة الأخيرة لها، بعد العديد من التقارير والنشرات الإخبارية والبرامج التي رأى الكثيرون أنها تبث معلومات خاطئة ومضللة.
البداية كانت ثورة
وكانت نشأت قناة الجزيرة مباشر مصر عام 2011 لمتابعة الحدث المصري وبالأخص ثورة 25 يناير، وكان لها دورا كبيرا في نقل الاحداث الجارية خصوصا مع تضليل الإعلام الرسمي وقتها ونقله صورا مغايرة للواقع ومحاولته تشوية الثورة، لذا التف المصريون حول الجزيرة مباشر مصر ورأوا مالا عين رأت ولا أذن سمعت من تقارير ومداخلات في ظل حالة الزخم السياسي التي كانت تشهدها مصر.
وتعرضت قناة الجزيرة مباشر مصر للكثير من محاولات الإيقاف بطرق مختلفة طوال الـ4 سنوات، وترجع المرة الاولى لغلق القناة إلى يوم 12 سبتمبر 2011 حيث تم وقف بثها من قبل قوات الامن، وذلك بسبب شكوى بعض قاطني العقارات المجاورة للاستديو من أجهزة البث، وبعد 17 يوما فقط تعرضت مرة أخرى حيث داهمتها شرطة المصنفات الفنية واحتجزت بعض الموظفين واجهزة البث، وأيضا تعرض مكتب الجزيرة مباشر مصر للحرق بواسطة زجاجات "المولتوف" على يد مجهولين صباح يوم 12 نوفمبر 2012 واستأنفت القناة بثها من مقر مكتبها بالعجوزة .
وزادت حدة الغضب من المضمون الإعلامي لقناة الجزيرة مباشر مصر بعد اتخاذها موقفا معاديا لـ 30 يونيو، ولاحقتها اتهامات عدم الموضوعية والانحياز لجماعة الإخوان التي تم تصنيفها جماعة إرهابية، لذا قامت قوات من الجيش والشرطة بإغلاق مكاتب القناة في القاهرة بعد خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي يوم 3 يوليو 2013 ، والقت القبض على العاملين بالقناة واقتادتهم إلى مقر قسم شرطة الدقي لمواقفها العدائية والتحريض المستمر ضد مصر .
قناة الجزيرة كانت تتخذ دوما جانب جماعة الإخوان والرئيس الأسبق محمد مرسي وتسرد تقارير وموضوعات تدافع عنه وعن سياسته وقت حكمه، وهو ما كان يصيب المصريين بحالة شديدة من الغضب
وكانت القناة دوما تستضيف قيادات ورجال جماعة الإخوان المسلمين لتتبني وجهة نظرهم، وتدافع عن سياسة حكمهم رغم الأزمات الكثيرة التي شهدها الشارع المصري في العام الذي حكم فيه مرسي مصر، لكن الجزيرة كانت لا ترى ولا تنقل سوى وجهة نظر الإخوان فقط.
ودأبت القناة نفسها بث تقارير وأخبار تتهم 30 يونيو بأنها انقلاب، وترصد تحركات طلابية احتجاجية رافضة لما حدث في 30 يونيو وأيضا فض اعتصام رابعة، وهو ما اعتبره الكثير من المشاهدين العاديين والسياسيين يؤدي إلى تهييج الرأي العام وإثارة البلبلة في وقت تحتاج فيه البلاد إلى الاستقرار بعد خروج الملايين رافضين لحكم مرسي وجماعة الإخوان.
وجاء إغلاق قناة " الجزيرة مباشر مصر" بشكل نهائي، بعد الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري المصريّة في 3 سبتمبر 2014 ، والذي يلزم شركة “نايل سات” بوقف بث “الجزيرة مباشر مصر”، لأنها “حرضت الهيئات الأجنبية على مصر بنقل وقائع وأحداث غير صحيحة، لإثارة هذه الجهات ضد مصر على نحو من شأنه الإضرار بالأمن القومي"