أول محامية مصرية و صاحبة رحلة كبيرة داخل مجلس النواب، إنها مفيدة عبد الرحمن التي تعد من أبرز خبراء القانون في الستينات و التي ولدت في 20 يناير عام 1914 بحي الدرب الأحمر في القاهرة، والدها هو عبد الرحمن محمد، وكان موهوبًا بجمال الخط فكتب المصحف بيده 19 مرة، ولها أربع أخوات وجدت المساندة من والدها، ثم من زوجها الكاتب الاسلامي محمد عبد اللطيف الذي تزوجته قبل أن تكمل العشرين من عمرها في عام 1933، وعلى الرغم من أنها كانت تحلم بدراسة الطب، فقد التحقت بكلية الحقوق، عام 1935، بتشجيع من زوجها.
وعندما التحقت بجامعة الملك فؤاد الأول "جامعة القاهرة حالياً" عام 1935 لدراسة القانون، كانت أول امرأة متزوجة تلتحق بها، وأصبحت فيما بعد أول أم تتخرج منها ، بدأت مفيدة عبدالرحمن عملها في المحاماة منذ نوفمبر 1939، وحققت شهرة كبيرة بعد أول قضية تولتها وترافعت بها، وكانت قضية "قتل غير متعمد"، حيث استطاعت الفوز بالقضية، وتمت تبرئة موكلها.
واختيرت للدفاع عن درية شفيق في المحكمة، وكانت درية شفيق قد تمكنت في فبراير 1951 من جمع 1500 امرأة سراً من مجموعتين نسائيتين رائدتين في مصر هما: بنت النيل، والاتحاد النسائي المصري، لتنظيم مسيرة من الذين قاطعوا البرلمان لمدة أربع ساعات، بعد أن تجمعوا هناك، مع سلسلة من المطالب المتعلقة بشكل رئيسي بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية للمرأة، وعندما بدأت القضية أمام المحكمة، حضر العديد من أنصار “بنت النيل” قاعة المحكمة وأرجأ القاضي الجلسة إلى أجل غير مسمى.
عملت في الخمسينيات محامية دفاع في محاكمات سياسية مشهورة تتعلق بمجموعة متهمة بالتآمر على الدولة، وفي عام 1959، أصبحت عضوا في البرلمان عن الغورية والإزبكية “أحياء القاهرة”، وكانت نائبة نشطة لمدة سبعة عشر عاماً على التوالي.
وكانت عضوًا في مجلس إدارة نقابة المحامين، ومجلس الاتحادات الجامعية والمؤتمر الوطني للاتحاد الاشتراكي، والاتحاد الوطني ومجلس هيئة البريد، إلى جانب عملها في تأسيس جمعية “نساء الإسلام” ، وشغلت منصب رئيسة الجمعية لعدة سنوات ونظرا لعملها الناجح في المحاماة والبرلمان، ومع تربيتها لتسعة أبناء، فقد أطلق على مفيدة لقب "الأم العاملة المثالية"وتوفيت مفيدة عبدالرحمن في الثالث من سبتمبر عام 2002 عن عمر ناهز 88 عاما.