ألقى الدكتور أسامة العبد، الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية، ورئيس لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب، كلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الثالث عشر لمعهد ابن سينا حول "المصادر الرقمية في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها"، والتي عقدت اليوم السبت "عن بعد".
وقال "العبد"، في كلمته: "الحمد لله الذي خلق الإنسان علمه البيان وسهّل له سبل التواصل بين أخيه الإنسان، وأنعم علينا بلغة هي الأرقى في المعنى والبيان، ونسأل الله جل وعلا أن يرفع عنا البلاء والوباء وأن يحفظ بلادنا من كل سوء وأن يعم السلام والأمن والأمان في العالم كله"، موجها التحية للدكتور علي النعيمي رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة،
وتابع الدكتور أسامة العبد: "اللغة عامة نعمة من الله تعالى وميزة خصها الله للإنسان وميزته عن سائر الحيوان، فهي تعبر عن فكره الداخلي وعمله وتطبيقه الخارجي، وبها كرم الله الإنسان وأصبح كائنًا مثاليًا على وجه الأرض، وإن كانت هناك لغات كثيرة لمخلوقات عديدة كالنمل والطير والحيوان وغيرها، ولغة الإنسان مقرونة بالفكر ويحكمها حكمة العقل، وهي قادرة على الإبداع والابتكار في شتى مناحي الحياة، واللغة العربية من أقدم اللغات وأغناها مبنى ومعنى وهي الآن من اللغات المعتمدة عالميًا، ولها يوم عالمي".
وأضاف "العبد"، أن الله سبحانه وتعالى اختار اللغة العربية لغة للقرآن الكريم، مستشهدا بقوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}، وقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}، من سورة الشعراء، مشيرا إلى أنها لغة ذكاها الله وحفظها وأبقاها بنزول القرآن بها، وهي لغة سامية بليغة فصيحة رفع شأنها بنزول القرآن الكريم بها، فأصبح لها الفضل في نشر حضارة الفكر العربي الإسلامي، وتقدم الفنون والعلوم والآداب.
وذكر الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية، أن اللغة العربية هي أساس متين لتذكير القرآن وفهمه وكذا السنة النبوية فهمًا صحيحًا، وجاء في الأثر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ""تعلموا العربية فإنها من دينكم"، كما أنها الرابط الحقيقي لجميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، لذا كان من الأهمية البالغة تعلم اللغة العربية ونشرها لغير الناطقين بها لأنها وعاء القرآن والمنبع الأصلي للسنة والعلوم الإسلامية.
واستطرد: "تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها ليس مجرد اجتهاد، وإنما هو علم وفن دقيق، لا يجيده كل معلم، وإنما يحتاج إلى معلم يجيد المهارات المطلوبة لهذا العلم، فالمعلم هنا هو القلب النابض للعملية التعليمية وعليه يتوقف نجاحها، وأهم هذه المهارات الخبرة الحقيقية الواسعة، والتخطيط الواعي المستنير كما يجب أن يكون واسع الثقافة، مطلعًا على التراث العربي وعلى معرفة دقيقة بعلم اللغة الحديث وأن يحقق القدوة في سلوكه وآدابه وأخلاقه، وأن يقدر ثقافة المتعلمين، فيؤدي المهمة بطريقة تشبع حاجة المتعلم، وتنمية قدراته، وكل ذلك يحتاج إلى أن يمتلك المعلم مهارات وكفايات تؤهله إلى تذليل أدنى مشكلة في اللغة العربية".
ولفت إلى أنه مما يجب التركيز عليه والتنبيه إليه اختيار اللغة العربية الفصحى منطلقًا للتعليم، أو منطلقًا لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، لأن الكثيرين منهم يُقبل على تعلم العربية لغرض ديني، وهو غرض سام ونبيل، والفصحى هي التي تلبي غرضهم وتوفي حاجتهم، ويستطيعون بها فهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، متابعا :"وكلنا يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أوتي جوامع الكلم، وبالفصحى أيضًا يستطيعون فهم لغة كل عربي في جميع البلاد، دون تعب أو ملل حتى لو كانت عامية".
واستكمل أسامة العبد: "ومما يجب أن نركز عليه مراعاة التدرج في تعليم العربية لغير الناطقين بها باختيار بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تمد المتعلم عاجلاً بأفكار نافعة وأفكار وثروة لغوية مفيدة بأسلوب مناسب يتوافق ومستويات الطلاب من القواعد اللغوية والأساليب الإنشائية سواء كان ذلك شفاهة أو كتابة والاهتمام البالغ بالجانب الصوتي كمخارج الحروف، ونحن من خلال هذا المؤتمر المهم العظيم بما فيه من العلماء الأجلاء والمفكرين العظماء والقائمين عليه المتميزين في أعمالهم، تدعو رابطة الجامعات الإسلامية إلى زيادة القدرة التنافسية بين المؤسسات المعنية محليًا ودوليًا في جامعاتنا من أجل تحقيق هذا الهدف".