تناول محمد الحمادى رئيس تحرير صحيفة الاتحاد الإماراتية فى كتابه الصادر حديثا "خريف الإخوان" أن محاولة الإخوان فى الإمارات شق الصف الإماراتى، باءت بالفشل بعد أن وقف أبناء البلد مع قيادتهم فى نسيج نادر من الولاء والانسجام والتناغم القائم على هدف حقيقى، وهو إعلاء قيمة الوطن وحمايته من الفوضى والفتنة والعبث.
وقال الباحث والإعلامى محمد الحمادى، المدير التنفيذى للتحرير والنشر فى «أبوظبى للإعلام» رئيس تحرير صحيفة الاتحاد الإماراتية فى "كتاب: خريف الإخوان" لقد سقطت الأقنعة عن وجوه المتستِّرين بالدين.. وكشف فى الكتاب جوانب فاضحة، وخطيرة، فيما يتعلق بالتنظيم السرى للإخوان المسلمين فى الإمارات، ظهرت، مع بداية انطلاق ما يسمى «الربيع العربى» قبل خمس سنوات من الآن.
وأوضح الحمادى فى مقدمة الكتاب، الكاشفة والمضيئة، أن اللاهثين وراء خديعة ووهم «التغيير» والمأسورين بإغوائها ووقعها الرنّان، كانوا يعملون فى الخفاء وفى الظلام لتنفيذ مخططات وأجندات خارجية مشبوهة، ويستطرد: «من يعيش فى الإمارات، يدرك أن زمن التغيير الحقيقى فيها بدأ فى عام 2006، فمنذ ذلك العام والمواطن الإماراتى يعيش زمناً مختلفاً عن كل الأزمان السابقة، ليس على الصعيد الاقتصادى والاجتماعى والثقافى وحسب، ولكن كانت هناك تغييرات حقيقية على المستوى السياسى، فقد كان الجميع يستعد لأول انتخابات برلمانية فى تاريخ الإمارات".
وأوضح الحمادى أن جوهر التغيير لا يكمن فى استبدال شيء بآخر، وإنما الانتقال من حالة إلى أخرى، والتقدم إلى الأمام خطوات، وتحقيق إنجازات إضافية للوطن والمواطن فى ظل دولة الاتحاد، وفى ظل تلاحم الشعب مع القيادة بروح البيت المتوحد.
ونوه الحمادى إلى أن «الإخوان»، ومع انطلاق تلك المرحلة الزاهية من التغييرات الإيجابية، كانوا يبحثون عن السلبيات لانتقادها، والانتقاص من جهد العاملين، رغم كل المؤشرات والدلالات المبهجة لمسيرة التغيير تلك، والتى وضعت الإمارات فى مصاف الدول المتقدمة والساعية لتطوير رؤيتها المستقبلية، ويتساءل: هل كانت مغامرة الإخوان تستحق العناء؟
وأكد الحمادى أن تحرّك «الإخوان» فى الإمارات ومحاولتهم إحداث بلبلة فى الدولة، وربما السعى لتغيير النظام القائم، جاء فى البلد الخطأ، فكانت نتيجته خسارة كبيرة للتنظيم ومن فيه ومن معه.
وفى القسم الأول من الكتاب، وتحت عنوان: «الضوء الأخضر قصة الإمارات والإخوان»، أكد الحمادى أن القيم الاجتماعية والسياسية لدولة الإمارات تتقبل الأفكار والرؤى المعتدلة والسوية القائمة على الحوار والشورى، وبحث الأخطاء وتجاوزها بحكمة وبصيرة وهدوء وصبر، ولكن ما قام به «الإخوان» من التهويل والمبالغة والعبث بهذه القيم، كشف أنهم لا ينطلقون من رغبات وطنية شفافة ومخلصة، حيث كانوا ومنذ عشر سنوات يتواصلون وينسِّقون مع إخوان الخارج، ولم يتوقفوا عن تبادل التوجيهات والدعم المالى ومواصلة العمل السرى، حيث كشفت محاكمة أعضاء التنظيم السرى للإخوان فى الإمارات عن ضيق أفقهم وسوء نواياهم، وعن محاولاتهم المدبّرة لشق الصف الإماراتى، والتى باءت بالفشل بعد أن وقف أبناء البلد مع قيادتهم فى نسيج نادر من الولاء والانسجام والتناغم القائم على هدف حقيقى، وهو إعلاء قيمة الوطن وحمايته من الفوضى والفتنة والعبث.
ولفت الحمادى فى هذا الجزء من الكتاب إلى أن «الإخوان» فى الإمارات لم يقرءوا الواقع بشكل سليم، فجاءت أخطاؤهم متتالية وقوية، ونسوا أن الإماراتيين كانوا يتعاطفون معهم فى البدايات على أساس أنهم أشخاص متدينون، همّهم الآخرة وليس الدنيا، فاكتشفوا عكس ذلك، مؤكداً أن «الإخوان» وفى عام واحد، أحرقوا رصيدهم الذى كوَّنوه خلال أربعين عاماً.
وفى إشارة فرعية بعنوانين جانبيَّين هما: «وعن التغيير يتحدثون»، و«كيف يفهم الإخوان الإمارات»، يسرد الحمادى جانباً من البدايات المربكة التى فضحت تنظيم الإخوان فى الإمارات، خصوصاً بعد التغيرات العنيفة التى عصفت ببلدان مثل تونس ومصر، واكتشف المخدوعون بهم أن مسميات لامعة مثل: «الدعاة» و«المشايخ» كانت تخفى وراءها عملاً سياسياً مشبوهاً ومرتبطاً بأذرع أخطبوطية وشبكات متصلة بالخارج، خصوصاً مع رأس الأفعى، وهو تنظيم الإخوان الأم فى مصر.
وأورد الحمادى تحت عنوان: «التنظيم السرى.. سقوط الأقنعة»، أن الذهول والاستغراب اللذين ظهرا على الكثير من المتهمين فى قضية التنظيم السرى، يطرحان تساؤلات عدة حول طبيعة هذا التنظيم، ودور أولئك الأشخاص فيه، ومدى تورطهم، فإما أنهم فعلاً لم يكونوا يدركون أنهم يعملون ضمن تنظيم بهذا الحجم، وهذا ما استبعده البعض، أو أن لديهم قدرة كبيرة على التمثيل ومحاولة إنكار ما هو مثبت عليهم، كما يرد تحت هذا العنوان الكثير من الأحداث الغريبة والمريبة التى يذكر المؤلف تفاصيلها أثناء محاكمة المتهمين، والحيل والممارسات التى اعتمدوها للتشويش على سير المحاكمة، موضحاً أنه تمت مواجهة أعضاء التنظيم بأدلة كثيرة وهم ما زالوا ينكرون كل التهم، وكلما استمروا فى الإنكار، ظهرت أدلة أكثر تفضحهم، وتؤلمنا كأفراد فى هذا المجتمع، فلا أحد كان يتوقع أن يكون بيننا من يفكر بطريقتهم، مذكراً بأن «الربيع العربى» الذى راهنوا عليه، سرعان ما تحول إلى صيف حارق، أنشب ألسنة لهبه بأحلام الشباب الثوار فى كل مكان، ومبيناً أن «فرسان التغيير» هم الرجال المخلصون الذين بنوا هذا الوطن، وهم الذين يبذلون كل الجهود ليل نهار من أجل إعلاء شأن أوطانهم، وليس من أجل تغيير سطحى شكلى يقلدون فيه الآخرين، ويتبعون أجندات خارجية تحولهم إلى «فرسان للتخريب».
وعن موقف الإعلام المحلى فى الإمارات مع هذه القضية، يقول الحمادى أن مشكلة «الإخوان» القديمة، أنهم ضد من لا يتفق معهم، ولا يستطيعون تقبل الرأى الآخر، والأيام كشفت أن الإعلام فى الإمارات لا يتأثر بالدعاية الأيديولوجية لتنظيم الإخوان، وبالتالى فهو ليس معهم، وإنْ كان فى موقف الحياد، وكان أنضج من أن ينزل إلى مستوى المهاترات التى يرغبون أن يأخذوه إليه.
ويفسر المؤلف وضع الإمارات جماعة «الإخوان» على رأس قائمة الإرهاب التى تضم 84 منظمة دينية وخيرية واجتماعية، لأنها أساس الإرهاب الذى نعيشه اليوم، وهى البوتقة التى خرجت منها كل الجماعات الإرهابية التى تقتل باسم الدين الإسلامى الحنيف، مؤكداً أن الإمارات بخطوتها التاريخية هذه، تقول لدول العالم الكبرى أن عليها مسؤولية يجب أن تؤديها إذا ما كانت جادة فى القضاء على الإرهاب، لا أن تكيل بمكيالين، تدعى أنها تحارب الإرهابيين، وفى الوقت نفسه تحتضنهم وتدعمهم وهى تدرى أو لا تدرى، قائلاً: «يكفى العالم نفاقاً سياسياً، فقد دفع آلاف الأبرياء أرواحهم ثمناً لمعايير العالم المزدوجة فى التعامل مع الإرهابيين».
وأورد الكتاب أيضاً تحليلاً متوازناً للمجتمع الإماراتى، مشيراً إلى أن هذا المجتمع لم يقبل التحزّب ولا التأدلج على مر تاريخه، فلا القومية، ولا الشيوعية، ولا الليبرالية، تمكنت من أن تجد لها موطئ قدم دائماً فيه، ولا فكر «الإخوان» أيضاً، فأصبح للإماراتيين موقفا سلبيا ورافضا لهم، موضحاً أن الأتباع والمريدين للأفكار المتطرفة هم فئة صغيرة، واللافت أن هذه الفئة الصغيرة تصغر أكثر مع مرور الوقت، فلا تجد لها أتباعاً ولا أعضاء جدداً، وهى حالة مختلفة عن مثيلاتها من المجتمعات المجاورة، ضمن ظاهرة إيجابية تحتاج لتفكيك ونقاش وبحث موسع كى يستفيد منه الآخرون.
ويخلص الحمادى فى وصف الشخصية الإماراتية إلى أنها شخصية قائمة على احترام الذات والآخر، وفى الوقت نفسه بنيت على الحرية والمسؤولية فى التفكير والتصرف، ولذا كما يشير أصبح الإنسان الإماراتى محل تقدير، واستطاع أن يعتمد على نفسه، وأن يكون مميزاً كإنسان وكمواطن، وهذا ما يجب الحفاظ عليه.
القسم الثانى من الكتاب حمل عنوان: «الإخوان فى المختبر»، وفيه يذهب الحمادى إلى كشف الأقنعة التى تستر خلفها الإخوان طويلاً، وأضاء من خلالها على مفاصل أساسية فى حركة التيار الإسلامى، خصوصاً الإخوانى والنتائج الكارثية التى أنتجها، من خلال اختطاف التدين الشعبى، والتكفير، واستحلال دماء الآخرين، والتورط فى أدبيات ومؤامرات الإسلام السياسى، وتسييس الدين، واستغلال العواطف وغسل العقول، والترويج لحلم الخلافة، وغيرها من التكتيكات السرية التى طفت مؤخراً على السطح، وفضحت هذا المنهج الشيطانى القائم على الفوضى الفتاكة، والقتل والتخريب، ونشر الفتن والتفرقة والكراهية والتعصب الطائفى بين المجتمعات والأمم والشعوب.
ويحوى الكتاب مجموعة موضوعات نشرت على شكل مقالات فى جريدة «الاتحاد»، ويتكون من قسمين رئيسيين، وفصول عدة، تحلل وتفكك البنية الفكرية والعقائدية والسياسية لحركة «الإخوان» فى الإمارات، وتفضح ممارساتها منذ أربعين سنة، وصولاً إلى الراهن المبتلى بالخريف العربى، وتنامى اتجاهات العنف والتطرف والإرهاب فى العالم.