انتقد الدكتور أسامة القوصى الداعية السلفى، تحريم بعض التيارات السلفية لعيد الحب "الفلانتين"، مؤكدا أن التيارات السلفية جعلت أنفسها أسرى للماضى.
وتعليقا على تحريم التيارات السلفية كثيرا من الأعياد والمناسبات كعيد الحب، قال "القوصى" : "الإجابة على هذا السؤال وأمثاله لابد من تفصيل وبيان قد يطول لكنه مهم، حتى لا يتكرر مثل هذا النوع من الأسئلة، فهؤلاء أناس يعيشون في الماضي وحبسوا أنفسهم فيه لدرجة أنهم أصبحوا أسرى هذا الماضي، وكم من المناسبات كانت في أصلها أعيادا وثنية ولأسباب تاريخية ثم تحولت بمرور الزمن لمناسبات يحتفل الناس فيها بمعاني إنسانية دنيوية سامية مجردة عن أسبابها التاريخية القديمة مثل عيد الربيع وعيد الفيضان أو النيل و عيد الحب و عيد العمال و نحوها من الأعياد الإنسانية التي كانت ترتبط في أصولها القديمة بعقائد غير صحيحة أو أحداث دامية، فلا يمكننا نسيان عروس النيل حتى لو كانت مجرد دمية تلقى في النهر وكذلك تمرد العمال في أحد الموانئ الأمريكية و مقتل عدد منهم الذي تحول لعيد العمال و كذلك عيد النيروز عند الفرس احتفالا بفصل الربيع".
وتساءل "القوصى" في تصريحات لـ"انفراد" وما هذا الخلل في التحريم لمناسبات دنيوية ذات معاني إنسانية إلا بسبب الخلط بين أمور الدين و أمور الدنيا و عدم القدرة على التفريق بينهما ، فرسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه كان يقول ( اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا و أصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ) فلم يجعل الدين و الدنيا شيئا واحدا كما يفهم هؤلاء المتسلفون نتيجة لسوء فهمهم لقول الله تعالى ( قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) فالله حدد لنا الهدف من حياتنا على الأرض و أنه هدف واحد فقط لا ثاني له و هو إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له".
وواصل انتقاده للتيارات السلفية مستكملا : وهذا ليس معناه إطلاقا الخلط بين أمور الدين و أمور الدنيا و التي زادها النبي الكريم عليه أفضل الصلاة واتم التسليم وضوحا بقوله لأصحابه : ( أنتم أعلم بشئون أو بأمور دنياكم ) ففهم أصحابه الفرق بين وحي السماء الذي هو الدين و بين أمور الدنيا الإنسانية التي يشترك فيها كل البشر كالزراعة و الصناعة و التجارة و الطب و الهندسة و العمل و الجمال و الحب والطبيعة الخلابة و الاجتهاد و التفوق و النجاح و الأوطان و اللغات و التاريخ و الجغرافيا و العلوم الإنسانية كلها مثل علم النفس و علم الاجتماع و نحوها و كذلك حب الزهور و الورود و الربيع و الماء الخضرة و كل ما يشترك فيه البشر .
وأضاف :"و لذلك كان الصحابة كلما سمعوا من النبي صلى الله عليه و آله و سلم شيئا يتعلق بالأمور الدنيوية مثل خطط القتال و نحوها يسألونه أهذا بوحي من السماء أم هي الحرب و الخديعة أي (المناورات الحربية ) و لو كانوا يفهمون أن كل كلمة ينطقها وحي ما جاز لهم هذا السؤال ، فكانوا يفهمون جيدا أن قول الله تعالى ( و ما ينطق عن الهوى ) متبوع بقوله تعالى ( إن هو إلا وحي يوحى ) فالمقصود هو الوحي لا ما هو من أمور الدنيا العادية البشرية ( قل إنما أنا بشر مثلكم ) ثم قال ( يوحى إلي ) فلابد من فهم الفارق بين ما هو بشري إنساني دنيوي و بين ما هو وحي من السماء".
وتابع :"والخلاصة أن الدين هو وحي السماء فقط و لابد فيه من إخلاص الدين لله مثل العبادات و الشعائر كالصلاة و الحج و نحو ذلك و صرفها لغير الله شرك أكبر أو أصغر و الاختراع فيها بدعة أما أمور الدنيا كالمأكولات و المشروبات و الملبوسات و العادات و المعاملات هي من أمور الدنيا و الأصل فيها الحل و الجواز و الإباحة لا المنع و التحريم و فعلها بنية التقرب إلى الله و الاستعانة بها على طاعته يجعلها طاعة و عبادة و فعلها بصفة بشرية إنسانية دنيوية لا يجعلها حراما لكن لا أجر فيها عند الله لأنها شأن دنيوي محض يتساوى فيه البشر جميعا تماما كما ورد في الحديث الصحيح : ( إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله و رسوله فهجرته إلى الله و رسوله و من كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) فهجرة البشر من بلادهم إلى بلاد أخرى من أجل أي غرض دنيوي ليست حراما لكنها ليست هجرة دينية مثل هجرة الصحابة من مكة إلى المدينة ، إذن هناك هجرة دينية هي بسبب ديني و هناك هجرة دنيوية هي بسبب دنيوي مثل العمل أو الزواج و ليست حراما كما يفهم البعض، إذن هي أزمة فهم و عقول علاها الصدأ تحجرت و جمدت فلا فائدة من التفاهم معها و بالله التوفيق ".
جدير بالذكر أنه مع مناسبات كالاحتفالات بأعياد الحب أو الأم أو غيرها من المناسبات الطيبة تصدر فتاوى من رموز التيار السلفى تحرم الاحتفالات بزعم أنها بدعة".