عادت تركيا إلى محاولة الترويج لسياسة خارجية ناعمة مع دول الاتحاد الأوروبى، وذلك خلافاً لسلوكها خلال الأعوام الماضية الذى تصاعدت فيه التوترات بشكل متسع مع جيرانها وكثير من دول العالم، لا سيما بسبب عدة ملفات أبرزها ملف التنقيب التركى عن الغاز فى منطقة شرق المتوسط، وملف اللاجئين على الأراضى التركية، ودعم الإرهاب فى المنطقة، ما دفع الاتحاد الأوروبى لفرض عقوبات اقتصادية على تركيا.
ورصدت دراسة أعدها المركز الفرنسى للأبحاث وتحليل السياسات الدولية، سيناريوهات ومحاولات تركيا لخفض التوتر فى بعض الملفات العالقة مع الاتحاد الأوروبى، ولكن هناك الكثير من الاعتبارات التى ستتسبب فى فشل ذلك، فى ظل استمرار تركيا بنهجها الحالى ما سيترتب عليه مخاطرة كبيرة بمصالحها الخارجية، حيث تتعرض تركيا حاليا لضغوط دولية وإقليمية كبيرة، دفعت الاتحاد الأوروبى إلى فرض عقوبات مازالت رمزية على تركيا، نتيجة انخراطها السلبى فى الصراعات الإقليمية لا سيما في ليبيا وسوريا، واتهامها بدعم الإرهاب هناك بشكل أو بأخر.
وتابعت الدراسة أنه على المستوى الداخلي في تركيا، فهي تعاني من أزمة اقتصادية حادة، وقد سجلت الليرة التركية مستوى قياسيا منخفضا بأكثر من 30% مقابل الدولار خلال 2020؛ ما دفع المعارضة لتوجيه اتهامات لأردوغان بالإخلال بالاقتصاد التركي والعبث بخزينة الدولة، بسبب سياساته الخارجية، وهو ما دفع بعض المستثمرين الأجانب لإلغاء تعاقداتهم فى تركيا، مثل خط عملاق السيارات الألمانى "فولكس" الذى ألغى خطط إنشاء مصنع للسيارات في غرب تركيا، بتكلفة 1.3 مليار يورو، كما لا يستبعد المراقبون استمرار تراجع سعر صرف الليرة التركية في 2021، بسبب الضغوط السياسية الدائمة، وأكدوا على أن العام الجديد سيشهد أيضًا سياسات علاجية صعبة، بالإضافة لاتباع سياسات تقشفية سواء مالية أو نقدية.
ولفتت الدراسة إلى تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية وفق استطلاع للرأى أعلنته شركة "ماك" لاستطلاعات الرأى، والذى أظهر أن 1 من كل 3 شاركوا فى الاستطلاع أعربوا عن "ندمهم" للتصويت لحزب "العدالة والتنمية" خلال انتخابات عام 2018، ومن غير المرجح أن ينحو حزب العدالة والتنمية في المستقبل القريب حتى لو قام بتغيير سياساته بشكل كبير.
وأكدت الدراسة أن البعض يرجح العودة إلى تصعيد لغة التوتر بشكل أوسع فى المستقبل، وأن تستثمر تركيا المتغيرات الجديدة المتعلقة بالاتحاد الأوروبي، كخروج بريطانيا، بالإضافة إلى أزمات أوروبية أخرى، مثل أزمات اليورو والديون والخلافات بين دول الشرق والغرب وجائحة كورونا، وهي متغيرات تقلل من اندفاع الاتحاد الأوروبى نحو التصعيد مع أنقرة.