قال الشيخ خالد الجندى، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إن الطلاق الشفهى لا قيمة له ولا يعتد به، ووصفه بأنه "أكذوبة ومهزلة".
جاء ذلك خلال الصالون الرمضانى الثانى، الذى نظمته تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، مساء اليوم السبت، حول الجدل الذى أثاره مسلسل "لعبة نيوتن" عن الطلاق الشفهي.
وقال الجندى، في كلمته خلال الصالون الرمضانى، وردا على سؤال حول الجدل الذى أثاره مسلسل "لعبة نيوتن" عن قضية الطلاق الشفهى: "لا أتمنى فصل الدين عن الإنسان، أعتقد أن الدين جاء لرفاهية الدنيا وبالتالي لابد أن يكون الدين سبب من أسبب الازدهار الحضارى والسعادة، ولابد لأى دين أن يعمل على ازدهار الكرامة الإنسانية والحضارة الإنسانية وعلى سعادة بنى الإنسان، إذا كان الإسلام وهو بهذا أحق يسعى لتحرير الإنسان ولإثبات الكرامة الإنسانية، فيجب أن تكون المرأة على قدم المساواة في حريتها بين يدى الله، وفى المساءلة بين يدى الله، لا فرق بين رجل أو أنثى".
وأضاف: "أشكر صناع العمل الدرامى أنهم يساهمون وبحق في رفاهية الإنسان، وفى تحرير الإنسان من المشاكل المعاصرة، وهناك أعمال درامية ساهمت في تعديل بعض القوانين وتصحيح بعض المفاهيم، ومنها قضية الطلاق الشفهى، وأعتقد أنها سلسلة في حلقة من حلقات الجهاد، وهناك ضرورة لمواجهة هذه المهزلة، وهناك علماء اجتهدوا في هذه المسألة".
وتابع: "التمثيل هو ضرب المثل، وضرب المثل هو الأسلوب المعتمد في القرآن الكريم، الممثل يقوم بضرب المثل، لا يجب أن تتوقف عند شخصية الفنان الحقيقية حتى لا تفقد رسالة العمل الدرامى، وإيصال الحالة التي نريد إيصالها للناس، هذا الكلام له فوائد ناجحة للغاية، في آخر مسلسل تابعته وهو الباطنية، أنا لست متابعا للمسلسلات لضيق الوقت ولا أحرم التمثيل، وكنت مع أحد الإعلاميين، وفوجئت بالفنان صلاح السعدنى، وهو يمثل شخصية رجل تاجر مخدرات، وسألنى عن الحشيش، وقولت إن الحشيش مثله مثله الخمر، فالدراما تصنع الأفكار وتصحح المفاهيم".
وردا على سؤال بشأن "لماذا بعض الأئمة يتمسكون بفكرة الطلاق الشفهى"، قال الجندى: "المشكلة إن البعض لا يعيش الفترة التى نشأت فيها تكون التنظيمات الدولية، للأسف الفقه لابد أن يمر بمرحلتين ضروريتين، وهم قبل الدولة وبعد الدولة، مثال كل الفقه تغير بنشأة الدولة، قبل نشأة الدولة لم يكن هناك تجنيد، وبعد نشأتها ظهر ما يمسى بالتجنيد، قبل الدولة كان من يشترى الأرض يملك ما عليها، بعد الدولة أصبح المجال الجوى فوق الأرض ملك للدولة وأمنها، قبل الدولة كان عقد النكاح من طرفين زوج وزوجة، عصر التعاقد الشفهى انتهى وخلص، من كان يبيع بيتا وأرضا بالتعاقد الشفهى، ومنه النكاح والرجعة وغيرها، شهادة الميلاد لا يعترف بميلادك إلا بشهادة ميلاد، لا يعترف بتعليمك إلا بشهادة التعليم، ونأتى لعقد النكاح، وهو ميثاقا غليظا، وأصبحنا في عصر الذى يشترى علبة صلصلة لابد يحصل على إيصال، وأي عمل ما لابد أن يحصل على ورقة، أما في خراب البيوت وتدمير الأسر وتشريد الأولاد وتحمل الدولة تبعات ذلك، نقول طلاق شفهى، هذا خلل بالفتوى، لو كان رجل يمتلك مصنع ولديه صبى ليس له عقد يدخل السجن، أما امرأته التي تعمل على كل خدماته الترفيهية لا عقد، كيف ذلك"
واستطرد: ليس لنا اختيار في المسألة، أطراف العقد الدولة والطرفين الزوج والزوجة، إذا أراد الطرفان فسخ العقد لابد من وجود الطرف الثالث، كيف قاموا بإخراج الدولة من الحسبة، الدولة موجودة في عقد النكاح، ولابد أن تكون موجودة فى عقد الطلاق، والمولى عز وجل، قال "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"، متابعا: "واحد قال، هو أيام النبى كان فيه مأذون، قولت له جبت الماذون ليه فى الزواج، هل ترضى أن تزوج ابنتك بدون مأذون، فقال لا، هذا ضمان للحقوق وحفظا للأنساب، قولت هذه كتلك، وهو أحد المشايخ".
وتحدث الشيخ خالد الجندى، عن كتاب إبطال الطلاق الشفهى، وقال إنه من تأليف الدكتور سعد الدين الهلالى، متابعا: "تناقشت معه ووجدت فيه العقل الراجح، وطلبت منه أن يكتبها في كتاب، وفيه أدلة قانونية وفقهية وشرعية، وسبب التأخير أن قاطرة التجديد لابد أن تمضى ببطىء خوفا أن ينقلب الأمر إلى ضده، لأن البعض ينجرف في التجديد لمرحلة أنه يريد أن يغير الثوابت، وأرى أن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، دائما يحرص على إبقاء الثوابت مع إبقاء القضية التجديدية لقضايا بحثية في مشيخة الأزهر، نتفق معه في المبدأ لكن نختلف في الأسلوب، وأندهش من شىىء، ما هو أخطر من الطلاق الكفر أم الطلاق، الكفر، لو قال رجل كفرت أصبح مرتدا، وبعض المشايخ لو سألته هل يمكن الرجوع بعد الكفر، يقول نعم، ويقول نأخذه بالرفق، يعنى أوجدت مخرجا لكلمة الكفر ولا تجد مخرجا لكلمة الطلاق، لماذا تأتى بالمأذون، أنت تعلم والكل يعلم أن هذا العقد لا يفسخ إلا بوجود عقد طلاق، فأين الخلل في هذا".
واستكمل: "نحن الدولة الوحيدة الآن التي تتزوج رسمى وتطلق عرفى، دولتان وحيدتان، تطبقان ما يسمى بالإقرار بالطلاق الشفهى، والمملكة العربية السعودية ألغت الطلاق الشفهى والغيابى، وهى آخر دولة أقرت ذلك، وهذا دليل أن المرأة وصلت إلى احترام المرأة وحقوقها، ونتمنى أن تصل لعلمائنا هنا، أليس فى المملكة علماء يغيرون على الشرع، نحن تأخرنا لأن قاطرة الإصلاح تسير ببطىء، التغيير يمر ببطىء في أذهان المجتمعات".
وأشار إلى أن الأزهر مؤسسة علمية، متابعا: "هل يسمح لنا بالاختلاف مع الأزهر في الرأى، البعض يفهم طالما الأزهر قال كذا لا يجوز أن يخرج عنه، الأزهر هو المرجعية للدولة، والأزهر علمنا أن نختلف وليس أن نمضى في الركب وأن نصفق، والتجديد لا يكون بتكرار القديم وله رجاله وليس كل إنسان يناط به التجديد، بل يحتاج لإمكانات، وهناك أمور مثل الولاية التعليمية والسفر للأبناء، يمكن الاتفاق عليها في العقد بين الزوجين، طيب هل يجوز للزوجين أن يتفقا على عدم الإنجاب؟، نعم يجوز، وأفتت بها دار الإفتاء مع أن الأطفال الثروة الحقيقية، لكن ذلك يجوز وليس حرام، ويجوز أن يتفق الطرفان على عدم ترك الزوجة للعمل، فلماذا لا يتم الاتفاق على عدم الاعتداد بوقوع الطلاق الشفهى؟!".
وذكر الجندى في حديثه: "حدث معى أكثر من مرة وإذا بالزوجين يتفقان على عدم وقوع الطلاق شفاهة، وهي قضية وعى، وطلعت عقد الزواج على الهواء بصورة الزوجين، كتبوا فيه، واتفق الزوجان على عدم الاعتداد بالطلاق الشفهى، ووزارة العدل اعتمدت العقد، الإنسان واختياراته أقوى من أي سلطة كهنوتية أيا كانت، مع عدم التنازل عن الثوابت الدينية، فلم نتكلم عن الطلاق مرتين وأن الثالثة انتهت، لم نقترب من ذلك، لم نقل الطلاق 48 مرة".
وجدد الشيخ خالد الجندي، تأكيده على "الطلاق الشفوى" أكذوبة، قائلا: "أفتى على الهواء، فتوى أحاسب عليها، الطلاق الشفوى لا قيمة له ولا تترتب عليه أثاره، أى واحد طلق زوجته شفهيا لا يعتد بهذا الطلاق هي مازالت زوجته، وذلك حماية للأطفال وحقوقهم، وحماية للزوجة"، مستطردا: "بعض المشايخ قالوا عن الطلاق الشفهى طالق شرعا ولكن ليست طالق قانونى، هذا شيء عجيب".
واستطرد: "لو قام البرلمان بمخاطبة المملكة العربية السعودية عما هى الأسس التي استندوا إليها لإبطال الطلاق الشفهى والطلاق الغيابى، مكن أسس شرعية وأحاديث وغيرها، ونحصل على تجربة الغير بدلا من أن نبدأ من مرحلة الصفر، مع العلم أن كل مجتمع له خصوصياته ولكن من الحظ أن الدين واحد.
ونظمت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، مساء اليوم السبت، صالونها الرمضاني الثاني بعنوان: "لعبة نيوتن..والجدل حول الطلاق الشفهى"، وتناول اللقاء الذي يديره الإعلامي أحمد عبدالصمد، مقدم نشرة التاسعة على التلفزيون المصري، عددا من المحاور والتساؤلات التي تشغل الرأي العام المصري، وهل الطلاق مسألة دينية أم دنيوية، ودور الدراما في عكس قضايا المجتمع وحسم المسائل الخلافية.
وحضر الصالون، الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، والنائب طارق الخولي عضو مجلس النواب عن التنسيقية، ودينا المقدم عضو التنسيقية، وتطرق اللقاء إلى عدد من النقاط الشائكة، ومنها مسألة "العقل والنقل" وهل يتعارضان في الإسلام، وهل تجمدت الشريعة عند آراء السلف، ولماذا يحرص الناس على الزواج رسمياً والطلاق عرفياً، وهل الطلاق الشفوي موروث ديني أم اجتماعي.