استضافت جامعة القاهرة برئاسة الدكتور محمد عثمان الخشت، صباح اليوم، المفكر الإسلامى ثروت الخرباوى، للحديث عن "بناء الإنسان وتطوير العقل المصري" ضمن النسخة الرابعة منمعسكر قادة المستقبلالذى تنظمه الجامعة للطلاب فى إطار مشروع جامعة القاهرة الذى وضعته منذ أغسطس 2017 لتطوير العقل المصرى وبناء جيل جديد من الشباب يمتلك عقلًا علميًا نقديًا واعيًا لديه القدرة على المساهمة فى نهضة وطنه ليكون فى مصاف الدول المتقدمة.
حضر اللقاء المفتوح، الدكتور عبد الله التطاوى، مساعد رئيس الجامعة للشؤون الثقافية، ونواب رئيس الجامعة، وعمداء الكليات ووكلاؤها ومستشارو رئيس الجامعة، وأعضاء هيئة التدريس والعاملون والطلاب.
وأشاد المفكر الإسلامى ثروت الخرباوى، بجهود الدكتور محمد الخشت قائلا أنه يقود جامعة القاهرة بوعى كبير وفكر تنويرى يساهم فى تنمية التفكير النقدى التحليلى والقدرات والمواهب وبالتالى إنتاج عقول مستنيرة قادرة على مواجهة الفكر المتطرف، مشيرا إلى أن كتب الدكتور الخشت التى يتحدث فيها عن تطوير العقل والتفكير، جديرة بأن يتم دراستها والتعلم منها والاستفادة بأفكارها، مطالبا بأن يتم تدريسها للطلاب أيا كان تخصصهم الدراسي.
وقال الخرباوى، أن الشباب الآن تواق إلى المعرفة والعلم ويريد بناء نفسه، مشيرا إلى أن العقل العربى بصفة عامة هو عقل نقلى يجيد النقل، لكنه ليس عقلا تحليليا أو نقلا نقديا.
وأوضح الخرباوى، أن العقل العربى المصرى عقل قادر على إنتاج المعرفة، لافتا إلى أن الدكتور أحمد زويل عندما خرج من منظومة العقل النقلى أصبح مبدعا وقادرا على إنتاج المعرفة، وأصبح العلم يؤرخ فى العالم بما قبل وما بعد زويل الذى تماشى عقله المصرى بالخارج فى منظومة مختلفة افرزت ملكاته وموهبته وخرجت للعالم بالمنظومة العلمية التى وضعها.
وأعرب الخرباوى، عن رغبته فى العودة إلى العقل المصرى المبدع القادر على إنتاج المعرفة والنقد والتحليل، موضحا أن العقل الجمعى مضلل بينما يهتم العقل الفردى بالابداع، حيث أن العقلية الجمعية مطلوبة فى بعض الأحيان، إلا أن كل فرد لابد أن يكون لديه القدرة على الفردية فى التفكير.
وأشار الخرباوى، إلى أنه دخل جماعة الإخوان فى سن صغير، لافتا إلى ما كان يقال له من أنه إذا أراد دخول الجنة والذهاب إلى طريق الله فعليه خلع عقله ونعله، مؤكدا أن الإنسان فى سن صغير تكون مشاعره طاغية وليس لديه القدرة على النقد والتحليل.
وأوضح الخرباوى، ضرورة أن يكون للناس أعين ترى بها وعقول تفكر من خلالها، وليس كما يحدث فى بعض الجماعات كجماعة الإخوان من حيث تسليمهم لعقول غيرهم وتحول الفرد من أن يعمل بالدين ويكون رحيما ولطيفا وحسن الخلق وصادقا، إلى أن يعمل للدين كجندى وقاتل يتصور أنه جندى يعمل لله ويدافع عنه من منظور خاص، لافتا إلى أن الغرب له اطماع استعمارية واقتصادية يسعى إلى تحقيقها من خلال استخدام الدين.
وأكد الخرباوى، ضرورة أن يبنى الانسان نفسه ويصنع عقله ومعارفه، مشيرا إلى أن العقل الغربى صانع ومبتكر للمعرفة التى ننقلها، موضحا أن الشخصية المصرية تضع العاطفة فى المقام الأول، ولكن لابد من ادراك أهمية العقل وما له من أدراج فى التفكير لابد من استخدامها جميعا، من ضمنها التفكير العاطفى والنقدى والتحليلى، كما لابد من تغليب العقل الفردى على العقلية الجمعية، مضيفا أن الانتماء للوطن يستلزم عدم الاستسلام لمن يعملون على تحريك عواطف الناس والسيطرة على عقولنا، وهو ما تستند اليه جماعة الإخوان للسيطرة على العقول والعمل على العاطفة الزائفة.
ووجه الخرباوى، نصيحته للطلاب بألا يكونوا عبيدا لأحد، مؤكدا أن الله سبحانه وتعالى خلق داخل كل إنسان عقل وقدرات ومواهب، يجب البحث عنها ودعمها والتمسك بأن يكون الانسان حرا لا يسلم عقله لأحد ولا يتم إرغامه أو إكراهه على شيء بما يلغى شخصيته عقله الحر، مستشهدا بقول المولى سبحانه وتعالى "لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغي"، موضحا أن الله سيحاسب كل إنسان بشكل فردى وليس جماعيا.
ولفت الخرباوى، إلى أن العقل الحر يساهم فى التقدم، مؤكدا ضرورة تطوير العقل من خلال عدة آليات، من بينها التعليم، وإجراء لقاءات مع المثقفين والمفكرين، وعدم الأخذ بالكلام وكأنه الحق، والبحث المستمر.
وأوضح الخرباوى، ضرورة وضع استراتيجية لمواجهة الفكر المتطرف وغسيل الدماغ والتحكم فى التفكير، من خلال عدم الاكتفاء بتفكيك الأفكار السلبية، بل لابد من مواجهتها بزرع الأفكار الايجابية المناهضة لها ودعم الفكر النقدى التحليلي.
وتابع الخرباوى، أن جماعة الإخوان لها روايات كثيرة متناقضة، ولها تيار عاطفى، وحولت بعض المظاهر الإسلامية إلى شعار سياسى، واعتمدت على العاطفة الدينية التى تمس إيمانا، مؤكدا ضرورة أن نبتعد عن أن نكون ممن يفتحون درج التفكير العاطفى ويغلقون أدراج التفكير الأخرى، وألا نكون عبيدا للسيد الذى يغذى من أمامه بالأفكار.
وفى ختام اللقاء تم فتح باب النقاش وطرح الأسئلة فى الموضوعات المختلفة التى تشغل الطلاب بما يعزز لغة الحوار لديهم والانفتاح على القضايا المعاصرة وإثراء فكر الشباب من خلال تفاعلهم المباشر مع الضيف الذى يستضيفه معسكر قادة المستقبل.
جدير بالذكر أن المعسكر يضم برنامجًا متميزًا، يشمل لقاءات مع قيادات الجامعة وكوكبة من كبار العلماء والمفكرين والإعلاميين والنقاد والأدباء، لإجراء حوارات نقاشية مفتوحة مع الطلاب، ويتضمن المعسكر 4 أفواج طلابية يستوعب كل فوج منها 100 طالب وطالبة.