انتبهت الدولة المصرية، طوال السنوات الماضية إلى خطورة ترك المجال مفتوحًا أمام الجماعة الإرهابية وإعلامها الموجه، لذلك عملت على مختلف الأصعدة لمواجهة تلك الآفة التي باتت المهدد الأول لأمن واستقرار مجتمعنا، وذلك على النحو التالي كما رصدت دراسة جديدة للمركز المصرى للفكر والدراسات :
• سن التشريعات اللازمة لمكافحة الشائعات: انتبه المشرع المصري إلى ضرورة وجود إطار قانوني يضمن عدم تحول السوشيال إلى منصات لترويج الأكاذيب والتحريض على العنف والإرهاب، لذا نص قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، الذي صدق عليه الرئيس السيسي في نهاية العام الماضي، على معاقبة كل شخص يثبت أنه وراء صنع أو ترويج أو تجنيد أو نشر أي شائعة كاذبة، بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد على 3 سنوات وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تتجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، على أن تتضاعف العقوبة حال إذا ما ترتب على الشائعة وفاة أو إصابة شخص أو أكثر.
وامتدت الجهود التشريعية والقانونية في مكافحة الشائعات والأخبار الكاذبة إلى الصحفيين ووسائل الإعلام المختلفة؛ بأن حظر قانون تنظيم الصحافة والإعلام على الصحف والمواقع الإلكترونية والوسائل الإعلامية كافة نشر أو بث أخبارً كاذبة أو ما يدعو أو يحرض على مخالفة القانون أو إلى العنف أو الكراهية، أو ينطوي على تمييز بين المواطنين أو يدعو إلى العنصرية أو التعصب أو يتضمن طعنًا في أعراض الأفراد أو سبًا أو قذفًا لهم أو امتهانا للأديان السماوية أو للعقائد الدينية.
كذلك لم يغفل قانون مكافحة الإرهاب خطر الشائعات، حيث إنه جرم، في المادة 29- من يستغل وسائل الاتصال ووسائل التواصل الاجتماعي في الترويج للأفكار والمعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية، أو لبس ما يهدف إلى تضليل السلطات الأمنية، أو التأثير على سير العدالة في شأن أية جريمة إرهابية، أو لتبادل الرسائل وإصدار التكليفات بين الجماعات الإرهابية أو المنتمين إليها، أو المعلومات المتعلقة بأعمال أو تحركات الإرهابيين أو الجماعات الإرهابية في الداخل والخارج، ومعاقبة من يخالف ذلك بالسجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنين.
وتجدر الإشارة إلى أن مواد مواجهة الشائعات ليست حديثة العهد، فقد نصت المادة رقم 188 من قانون العقوبات، على أن يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد على 20 ألفا أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من نشر بسوء قصد أخبارًا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو أوراقًا مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبًا إلى الغير، إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
كذلك تنص المادة 102 مكرر من القانون ذاته على معاقبة كل من أذاع ونشر الأخبار والبيانات الكاذبة التي من شأنها تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة، بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيهًا ولا تجاوز مائتي جنيه، على أن تغلظ عقوبة إلى السجن وغرامة لا تقل عن خمسين جنيهًا ولا تجاوز مائتي جنيه حال وقعت الجريمة في زمن الحرب. كما ينص البند (د) من المادة 80 على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تجاوز 500 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل مصري أذاع عمدًا في الخارج أخبارًا أو بيانات أو إشاعات كاذبة حول الأوضاع الداخلية للبلاد وكان من شأن ذلك إضعاف الثقة المالية بالدولة أو هيبتها واعتبارها أو باشر بأية طريقة كانت نشاطًا من شأنه الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، وتكون العقوبة السجن إذا وقعت الجريمة في زمن حرب.
ويقوم مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، بدور راصد الشائعات، حيث أنه يصدر تقارير لنفي الشائعات التي تنتشر سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو بعض المنصات الإلكترونية غير المسئولة، بعد تواصل المركز مع الجهات المعنية بالوزارات.
• ضبط مروجي الشائعات: نجحت أجهزة الأمنية المصرية في ضبط عدد من الشخصيات التي تقود حملات على مواقع التواصل الاجتماعي لترويج الشائعات ونشر أخبار مغلوطة، فلا تترك الجماعة الإرهابية أي فرصة إلا وتستغلها لتحقيق الإثارة وبث الرعب.
• دورات تدريبية لتأهيل الأئمة والوعاظ: نظمت وزارة الأوقاف دورات لتأهيل شباب الأئمة والواعظات، للوصول بالفكر الوسطي والثقافة الإسلامية إلى أكبر شريحة ممكنة من المجتمع، كما يتم تدريبهم على كيفية استخدام السوشيال ميديا والتعامل مع الجمهور بشكل مختلف، للوصول إلى الناس وفق احتياجاتهم ومتطلبات العصر.
• حملة لا للشائعات: إدراكًا من الأزهر للتأثير الضار الذي تسببه الشائعات والأخبار الكاذبة على الأفراد والمجتمعات، وما تحمله من تهديد للسلم والأمن المجتمعي، أطلق “مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية” حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان “لا للشائعات”، ينشر فيها المركز عددًا من المحتويات التي تدعو إلى تعزيز القيم والأخلاق والسلوكيات الإنسانية التي تدعم بناء وطن مستقر يقوم على أسس قوية، ويبيِّن فيها المركز الأضرار التي تحدثها هذه السلوكيات من هدم للأوطان والمجتمعات وزعزعة الثقة المتبادلة بين أفراد الوطن الواحد، وكذلك ما يترتب على هذه السلوكيات من إثم شرعيٍّ يستوجب العقوبة في الدنيا والآخرة، وتهدف الحملة إلى كيفية التصدي لهذه الأخبار الكاذبة من خلال تعاليم الدين الإسلامي الحنيف ونصوصه المقدسة.