انتقد احمد الجار الله رئيس تحرير صحيفة "السياسة"موقف الحكومة التركية من الاحكام التى اصدرها القضاء المصرى بحق عدد من قادة جماعة الإخوان الارهابية المدانين فى قضية التخابر مع قطر ، وقال الجار الله تعتبر الاحكام القضائية فى أى دولة شأنا داخليا من غير المسموح للدول الاخرى التدخل فيه، وأذا كانت هذه القاعدة فى العلاقات الدولية غابت عن بال العاملين بوزارة الخارجية التركية فعليهم قراءة تاريخ القضاء المصرى بتمعن، وإدراك انه لم يكن يوما موظفا عند طغمة حاكمة، سواء أكانت عسكرية أو حزبية كما هى الحال فى تركيا ومنذ إعلان جمهورية اتاتورك فى عشرينات القرن الماضى الى يومنا هذا.
وأضاف الجار الله فى مقالة بالصحيفة اليوم الاثنين تحت عنوان العدوان التركى على مصر حول تعليق الخارجية التركية على احكام القضاء المصرى الخاصة بقضية التخابر، أن المفارقة ان حكومة أنقرة مستاءة من الاحكام المثبتة حيثياتها بالأدلة القاطعة على عدد من قادة “الإخوان” بمن فيهم محمد مرسى بتهمة التخابر مع دول وجماعة “حماس” المدرجة على قائمة الإرهاب، او ممارسة الارهاب فى الداخل، فيما القضاء التركى اصدر سلسلة احكام ضد صحافيين وكتاب اتراك عبروا عن رأيهم فى تلك الحكومة بالحد الادنى من النقد إلا انهم نالوا اقسى العقوبات .
وقال الجار الله إذا كانت الحماسة الحزبية دفعت الى التدخل بالشئون الداخلية المصرية الى هذا الحد السافر، فالعقل البارد للدولة الذى يقيس الامور وفقا للمصالح، وأحكام المعاهدات الدولية يفرضان احترام سيادة الدول الاخرى وهو ما دأبت انقرة منذ نحو عامين على تناسيه، اما اذا كانت القيادة الأردوغانية، ما تزال تعيش فى جلباب السلطنة العثمانية فعليها الخروج من دهاليز القرن التاسع عشر الى فضاءات القرن الواحد والعشرين وتعرف ان مصر دولة مستقلة ذات سيادة تمارس حكومتها سلطاتها على كامل اراضيها وفقا لقوانينها التى ليس لأحد ان يتدخل بها .
واستطرد الجار الله ما فات حكومة حزب العدالة والتنمية "اخوان تركيا" ان استرداد الدولة من جماعة "اخوان مصر" بعدما اغتصبت الحكم فى العام 2011 وحاولت بيع السيادة الوطنية فى سوق الوصاية الدولية، إضافة الى تعطيل القوانين لخدمة اركان الجماعة الذين سعوا للاستحواذ بـ"البلطجة" على الاقتصاد وتدمير كل ما بنى خلال عقود لم يكن انقلابا عسكريا كما كانت الحال فى تركيا طوال عقود حتى اصبحت فيها الانقلابات عادة لافتا انه فى مصر كان الجيش دائما الى جانب الشعب ولم يتدخل بشئون الحكم، وقد انصاع لمطالب نحو 40 مليون مواطن فى 30 يونيو 2013 للدفاع عن الوجود والمصير، ولم يتدخل بشئون الدول الاخرى كما هو حال الجيش التركى الذى يستبيح سيادة دول الجوار.
واختتم الجار الله مقاله قائلا التدخل الأردوغانى بالشئون المصرية ليس حرصا على إحقاق العدل، انما سعى الى زعزعة استقرار هذه الدولة العصية على التدخلات الخارجية، وما على أنقرة معرفته هو ان الثورة الشعبية فى 30 يونيو 2013 كانت فى جوهرها ثورة عربية قطعت رأس الافعى التى ما كان لمصر، ومن خلفها العديد من الدول العربية، النجاة من سمها إلا بدفن مشروعها التخريبى، أما الادانة التركية للأحكام المصرية فهى وثيقة جديدة تضاف إلى السجل الأسود لفروع "الإخوان" فى العالم.