رحل عن عالمنا اليوم، الكاتب الصحفى محمود الكردوسى، بعد أزمة صحية، ومن المقرر تشييع الجنازة، غدا السبت، بعد صلاة العصر من مسجد آل رشدان بمدينة نصر والدفن بمقابر الأسرة بطريق العين السخنة.
وكان الكاتب الصحفى محمود الكردوسى، قد خاض مؤخرًا فنًا أدبيًا هو فن الرواية، حيث صدرت له عن دار العين للنشر والتوزيع رواية "ذائقة الموت"، وفيها دخل "الكردوسى" إلى عالم يعرفه جيدًا هو عالم الصعيد، و"انفراد" يعيد نشر أجواء من الرواية .
ومن أجواء الرواية نقرأ
"لم تكن هناك حياة.
يقول بعض سكان الوادى: منذ ثلاثمائة عام، ويقول آخرون: بل منذ ثلاثمائة ألف عام، كانت هناك ربوة ضبابية ملتهبة تسبح في خلاء موحش، وتحيط بها غابة حلفا غارقة في مياه آسنة، لا يجرح سكونها سوى خليط من أصوات غامضة، مخيفة.
وتبد النجوم في ظلمتها الحالكة أسرابا من الأرواح الشريرة يلاحق بعضها بعضا. كانت الغابة سياجا يحمى سكان الوادى في صعيد مصر من غارات العربان".
لا يمكن القول إن الرواية ذات صبغة محلية، إلا لو كنا نقصد بالمحلية معنى الأصالة، فمحمود الكردوسى يكتب عن عالم هو جزء منه، عاشه في صغره وعرف حكاياته، فكلمتا الموت والحياة في مجتمع الصعيد الذى ينتمى إليه الكردوسى لهما دلالة ومعنى، يعرفه من تشكل وعيه على ذلك.
وكان الكاتب الراحل محمود الكردوسى قد ذكر فى تصريحات صحفية سابقة عن عالم الرواية فقال إنها "تتحدث عن الثأر بوصفه تجليا للكبرياء والنخوة وليس قتلا مجانيا، عن الجنازات والعديد بوصفها تعبيرا مبدعا عن الاحتفاء بالموت، وعن الموت باعتباره حياة وقدس أقداس، وفى الرواية أيضا طغاة وملائكة، حب وعلاقات محرمة، أقباط ومسلمون، متصوفون وكفرة، عبيد وأسياد، وفيها طموح مدمر وصراعات بداوة ونزق طبقي، هذه الرواية أعادت الصعيد إلى قلبى حبا وكرها بعد أن كادت العاصمة أن تضيعه وتضيعني".