قال الدكتور مصطفى أبو زيد، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إن ظهور الأزمات وتداعياتها تخلق مجالا كبيرا فى تطور العلوم ومحاولة تفسير الظواهر التى أدت لتلك الأزمات إلى جانب التحوط من حدوث أزمات جديدة تؤثر على قدرة الإنسان على تلبية احتياجاته وإشباع رغباته فى المستقبل، مما دعا إلى ظهور علم الدراسات المستقبلية والذى يهتم بدراسة المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية الحالية ووضع سيناريوهات في محاولة لتلافى الاثار المباشرة من أى أزمة تحدث على الساحة العالمية.
وأضاف مصطفى أبو زيد فى مقال له بعنوان:" الاقتصاد والأزمات" نشر على موقع مقالات تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أن السيناريو هو وصف لوضع مستقبلى قد يكون ممكن أو محتمل أو مرغوب فيه عبر توضيح لملامح المسار أو المسارات التي يمكن أن تؤدى الى هذا الوضع المستقبلي وذلك انطلاقا من الوضع الراهن، مشيرا الى أن السيناريوهات تنقسم الى استطلاعية واستهدافية، متابعا:" ولذلك تأتى أهمية الدراسات المستقبلية في كونها أسلوب عملى لترتيب الأولويات والمشكلات والقضايا الاستراتيجية عبر منهجية استباقية تكون مخرجاتها قرارات تساهم في مواجهة الأزمات".
وأوضح أنه خلال الفترة الماضية ظهرت الدراسات المستقبلية كعلم يستند إليه في تكوين الخطط الاستراتيجية المستقبلية اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وذلك من خلال تقرير أصدرته المخابرات المركزية الأمريكية في مارس عام 2021 تحت عنوان الاتجاهات العالمية 2040 -عالم أكثر صراعا وتنافسا ويتعامل التقرير في اربعة مجالات التركبية السكانية والبيئية والاقتصادية والتكنولوجية، مشيرا الى أن هذا التقرير الذى يصدر كل أربعة سنوات يهدف الى وضع إطار تحليلى لواضعى السياسات في وقت مبكر لدعم دور استراتيجيات الأمن القومى، وأيضا يساهم هذا التقرير على رؤية ما قد يكمن وراء الأفق والاستعداد له، وانتهى الى أن من يمتلك التكنولوجيا يملك السيطرة والتحكم في الموارد، فقد كان سابقا أن من يملك الموارد يملك السيطرة والتحكم فقد أصبح ذلك من الماضى مع تطور أساليب التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى.
وتابع:" إذا نظرنا إلى واقع المتغيرات الاقتصادية والسياسية الحالية عالميا سنجد أن بعض السياسات التى تم اتخاذها كان لها تأثير على الاقتصاد العالمى وكان من أبرز تلك السياسات سياسة الحمائية التجارية خاصة بين الولايات المتحدة الامريكية والصين والتي خلقت حربا اقتصاديا أحدث اضطرابا اقتصاديا على المستوى العالمى وبعد ظهرت جائحة كرورنا وجعلت من السياسات الموجهة نحو قطاع الصحة من أولى أولويات الخطط الاستراتيجية للدول وحاليا مع استمرار الأزمة الروسية الأوكرانية وتداعياتها زادات من أهمية الدراسات المستقبلية لوضع سيناريوهات مستقبلية للتعامل بشكل منهجى على تنوع بدائل امدادت الطاقة وعدم الاعتماد بشكل شبه كلى على إمدادات الطاقة من روسيا والتى تعتبر ورقة ضغط رهيبة على الدول الأوروبية جمعاء".
وذكر أن تلك الأزمة جعلت الدول الناشئة تشعر بخطورة حقيقية جراء ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم بصورة متلاحقة ولكن هنا فى الحالة المصرية سنجد أن الدولة المصرية اتبعت الدراسات المستقبلية في وضع سياسات استباقية بناءا على تحليل المتغيرات الحالية ووضع سيناريوهات للتعامل و من ثم اختيار البديل الأمثل الذى يساهم في تلافى تداعيات الأزمة أو على الأقل التأثر بشكل طفيف مثلما نجد أن الدولة المصرية قامت ببناء الصوامع والمخازن الاستراتيجية وفق رؤية بعيدة المدى لزيادة القدرة الاستعابية من القمح وتقليل الفاقد منه بالتوازى على العمل بزيادة المساحة المنزرعة من القمح لزيادة حجم الإنتاج المحلى وتراجع الكمية المستوردة الى جانب الاهتمام بقطاع الطاقة وصول مصر الى الاكتفاء الذاتي من الغاز والعمل على الوصول الى الاكتفاء الذاتي من المنتجات البترولية عام 2023 لكان الوضع سيكون كارثى وسط الازمة الأوكرانية مع ضعف الامدادات من القمح الى جانب الارتفاع الكبير في الأسعار وزيادة أسعار البترول عالميا ومع عدم الاستعداد الكافي لمواجهة الازمات المستقبلية.