أولت الدولة المصرية الاهتمام بقطاع الغزل والنسيج من خلال خطة استراتيجية برؤية واضحة لتطوير هذه الصناعة، وضخ تمويلات من أجل إنقاذ مصانع النسيج التي تعرضت للتهالك، واتخاذ خطوات جادة في تطوير هذه الصناعة، وكانت أولى الخطوات من زراعة القطن، من خلال دعم سُبل العيش للمزارعين، وزيادة القيمة المضافة للقطن المصري خاصة وأن مصر تمتلك ميزة تنافسية في إنتاج القطن على مستوى العالم، وهو ما انعكس بشكل مباشر في إنشاء كيانات متكاملة لهذه الصناعة الاستراتيجية، وتحديث البنية التحتية للمصانع ومضاعفة الطاقة الإنتاجية من خلال إعادة هيكلة الشركات وتطوير المحالج، إلى جانب تدريب وتأهيل العاملين في هذا المجال.
جاء فى دراسة صادرة عن المرصد المصرى التابع للمركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية، بعنوان " خطة استراتيجية للنهوض بصناعة الغزل والنسيج في مصر"، خطوات النهوض بقطاع الغزل والنسيج في مصر، من بينها التوسع في زراعة القطن وتحسين جودته، ولفتت الدراسة الى أن الدولة بدأت الاهتمام بزراعة القطن بعد أن بدأت تندثر خلال السنوات الماضية، فكان إنتاج القطن في الفترة ما بين 2014-2015، 160 ألف طن، ثم انخفض في 2015-2014، ليصل إلى 95 ألف طن، ثم صعد مرة أخرى مع بدء اهتمام الدولة بزراعة القطن المصري، كي تستعيد دورها الرائد في هذه الزراعة مرة أخرى، ليصل إلى 258 ألف طن في 2016-2017، ويستمر في الارتفاع ليصل إلى 426 ألف طن، في 2017-2018.
و تابعت الدراسة :" بالنسبة للتوسع في الزراعة، تم التعاون بين وزارتي قطاع الأعمال العام والزراعة، للسماح بزراعة 10 آلاف فدان من الأقطان قصيرة التيلة بالتعاون مع القوات المسلحة والقطاع الخاص لتناسب الآلات الحديثة، وتم بالفعل تجربة زراعة القطن قصير التيلة بمنطقة شرق العوينات على مساحة نحو 219 فدانًا، وكذلك الجني لإحلال الواردات من القطن قصير التيلة، أما على صعيد دعم المزارع، تضمنت الخطة الشاملة تدشين منظومة جديدة لاستلام وتجارة الأقطان، من خلال توفير سعرًا ملائمًا للمزارع قائم على نظام المزايدة، والحفاظ على الأقطان من التلوث، وتشكيل لجنة تنفيذية من ممثلي وزارات الزراعة واستصلاح الأراضي والتجارة والصناعة وقطاع الأعمال العام، لوضع الخطة وآليات التنفيذ للمنظومة الجديدة لتجارة الأقطان، وشملت التجربة محافظتي الفيوم وبنى وسويف، وفى عام 2020، وافقت المجموعة الوزارية الاقتصادية على تنفيذ المنظومة في أربع محافظات وهي ، الفيوم – بنى سويف – البحيرة – الشرقية، وتعتمد المنظومة على تحديد مراكز لاستلام الأقطان من المزارعين في المحافظات، وتسليم المزارعين أكياس مصنوعة من الجوت ودوبارة قطنية لحياكتها حفاظًا على القطن من التلوث، وإجراء مزايدات علنية على الأقطان الواردة للمراكز حيث يحصل المزارع على 70% من قيمة المحصول من الشركة الراسي عليها المزاد في اليوم التالي للمزاد، وباقي المبلغ 30% خلال أسبوع بعد تحديد فروق الرتب ومعدل التصافي، ويتم السداد للمزارعين من خلال الجهاز المصرفي".
تطوير أداء محالج القطن
أوضحت الدراسة أن الخطوة التالية كانت العمل على تطوير أداء محالج القطن، قامت الحكومة بوضع خطة شاملة للنهوض بزراعة القطن، من خلال تطوير سبعة محالج تعمل بأحدث الأساليب التكنولوجية، حيث تتم عمليات الحلج آليا من خلال ماكينات دون تدخل يدوي، لتوفير القطن الخام اللازم للصناعة بجودة عالية وخالي من الشوائب والملوثات، فضلًا عن توافر جهاز إلكتروني لقياس خواص شعيرات القطن واجراء اختبارات الرطوبة داخل المحلج، كما يتم وضع “باركود” على كل بالة يتم إنتاجها في المحلج عليها كل بيانات القطن، موضحة أنه تم الانتهاء من إنشاء وتشغيل أول المحالج المطورة والذي يقع على مساحة 10 أفدنة حيث تم تشغيل محلج الفيوم كأول المحالج المطورة في يوليو 2019 بعيدا عن الكتلة السكانية، في حين بدء التشغيل التجريبي لمحلج الزقازيق المطور في نوفمبر 2021، ويعمل بتكنولوجيا حديثة لأول مرة في مصر وبطاقة إنتاجية 5 أطنان – ساعة، وجار حاليًا الانتهاء من تطوير 3 محالج بالزقازيق وكفر الدوار وكفر الزيات، ومن المقرر تطوير 3 محالج أخرى نهاية 2021، ليصبح إجمالي المحالج المطورة 7 محالج تكفي لحلج كل الأقطان المصرية، وتعد عملية حلج القطن إحدى المراحل الأساسية في صناعة الغزل والنسيج والتي تؤثر بشكل كبير في جودة ونظافة القطن وأسعاره وكذلك المنتج النهائي.
النهوض بشركات الغزل والنسيج
وأردفت :"اعتمدت خطة تطوير شركات الغزل والنسيج، على تطوير ماكينات صناعة الغزل والنسيج، وإعادة استغلال الأصول غير المستغلة لتحقيق قيمة مضافة بالاعتماد على التكنولوجيا المتطورة، بالإضافة للحصول على تمويلات من البنوك والمؤسسات المالية ليتم تدبير 1.5 مليار جنيه من بنك الاستثمار القومي و540 مليون يورو من المؤسسات الأجنبية لعقود توريد الماكينات، حيث تم دمج 22 شركة غزل ونسيج في 8 شركات، كما تم دمج 9 شركات تجارة وحليج أقطان في شركة واحدة، فضلاً عن تخصيص 4 مراكز للتصدير في كل من المحلة الكبرى وكفر الدوار والدلتا ودمياط، بالإضافة الى تحديد ثلاث مراكز رئيسية متكاملة تضم كافة مراحل الصناعة، وثلاث مراكز للتصدير، وتخصص الشركات الستة الباقية في مرحلة تصنيع معينة (غزل، نسيج، صباغة وتجهيز) أو منتجات تستهدف فئة معينة مثل الجينز والمنسوجات الشعبية، علاوة على ذلك تحديث البنية التحتية للمصانع والتي تشمل 65 مبنى ما بين إنشاءات جديدة وترميم، بتكلفة تقديرية حوالي 7 مليارات جنيه، ومن المتوقع الانتهاء منها في العام الجاري".
أما فيما يتعلق فيما يتعلق بمجموعة شركات “غزل”، وقعت الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس في يوليو الماضي عقد إنشاء مصنع غزل (1) الجديد بشركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، والذي يعد أكبر مصنع غزل على مستوى العالم، ويقام المصنع على مساحة حوالي 62500 متر مربع، ويستوعب أكثر من 182 ألف مردن غزل، بمتوسط طاقة إنتاجية 30 طن/ يوميا ،بالإضافة إلى تطوير مصنع غزل (4) على مساحة 24.6 ألف متر بقيمة تعاقدية 251 مليون جنيه تنفيذ الشركة الهندسية للأعمال المتكاملة، وتطوير مصنع غزل (6)، تبلغ مساحته 17.7 ألف متر، وإقامة عدد (6) مصانع متكاملة لتصنيع الغزل والنسيج وهي، مصنع الصباغة والتجهيز، مصنع الغزل، مصنع النسيج، مصنع تحضيرات النسيج، مصنع التفصيل، مصنع البرم، أما المجموعة الصناعية بشركة دمياط للغزل والنسيج، تعمل على إنشاء 4 مصانع جديدة للغزل والنسيج والتحضيرات والصباغة بمساحة إجمالية نحو 103 ألف متر، ويتمثل منتجها النهائي في أقمشة الجينز، بقيمة 1.5 مليار جنيه تنفيذ شركة أوراسكوم للإنشاءات.
كما أسست وزارة قطاع الأعمال العام شركة قطن مصرية، لتتولى عمليات التجارة والبيع والتسويق لمنتجات الشركات التابعة للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس، وتستهدف الشركة فتح عدد من الفروع للبيع المحلي بالإضافة إلى التواجد في كبرى المراكز التجارية وفروع شركات التجارة الداخلية الشقيقة، وكذلك المشاركة في المعارض الدولية وكبرى سلاسل التجارة العالمية، فالخطة الحالية والتي تعمل على عمل إصلاح كلي لقطاع الغزل والنسيج، سواء من تطوير البنية التحتية والإصلاحات الهيكلية، سيحسن من بيئة التشغيل، وزيادة القدرة التنافسية لمصر.