نشر المرصد المصرى التابع للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية دراسة جديدة حول خصائص السكان في مصر، أعدتها هبة زين، أكدت أن الدولة اتخذت خطوات كبرى في سبيل تحقيق تنمية مستدامة للمواطنين، تخطت حجم ما تم إنجازه من مشروعات خلال عقود سابقة، إلا أنها لم تكن مؤثرة بالقدر الكافى أيضًا، ودائما ما يكون السبب أن الدولة تحتاج الكثير لتعويض سنوات من انعدام التطوير، إلى جانب أن الزيادة السكانية المطردة الملتهم الحقيقى للتنمية، وهو ما يدفعنا الآن إلى دراسة الخصائص السكانية وحجم الزيادة السكانية.
ولفتت الدراسة إلى أن الرئيس السيسي وجه في يناير 2021 بوضع آلية يتم من خلالها اتخاذ ما يلزم في إطار الارتقاء بالخصائص السكانية وجودة حياة المواطن المصري والشواغل الاجتماعية للأسرة المصرية وليس ضبط النمو السكاني فقط. وتم تدشين المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية 2021-2023، تحت هدف استراتيجي هو إدارة القضية السكانية، والتشبيك بينها من خلال خطة استراتيجية متكاملة؛ للارتقاء بجودة حياة المواطن وضمان استدامة عملية التنمية، مع التأكيد على أهمية النظر للقضية السكانية كحق من حقوق الإنسان وبصفة خاصة حقوق المرأة والطفل.
ويتم تنفيذ المشروع في نطاق جغرافي يضم جميع أنحاء الجمهورية، على مدار 3 أعوام، ويستهدف في عامه الأول محافظات المرحلة الأولى من المبادرة الرئاسية «حياة كريمة». ويشمل مختلف الأبعاد الأسرية اجتماعيًا وسكانيًا وصحيًا وثقافيًا، بما فيها التمكين الاقتصادي للسيدات، إضافةً إلى الاهتمام بصحة المرأة من خلال رفع كفاءة مراكز صحة وتنمية الأسرة لتقدم التطعيمات وخدمات الرعاية الأولية، فضلًا عن متابعة الفحوصات الطبية قبل الزواج وبعده، وكذا الاهتمام بالتوعية المجتمعية ومتابعة حضور الزوجين للدورات التدريبية المؤهلة للزواج؛ وذلك لتحقيق العديد من الأهداف أهمها: تحسين الخصائص السكانية، والكشف عن الأمراض الوراثية ومنع زواج القاصرات، والقضاء نهائيًا على ظاهرة ختان الإناث.
ويرتكز المشروع على عدة محاور، أبرزها:
- المحور الاقتصادي: ويشمل التمكين الاقتصادي للمرأة، خاصة بالفئة العمرية من 18 حتى 45 سنة، من خلال تنفيذ مليون مشروع متناهي الصغر تقوده المرأة، من خلال وزارة التضامن الاجتماعي، وجهاز تنمية المشروعات للمرأة. بالإضافة إلى تدريب 2 مليون سيدة على إدارة المشروعات، ومحو الأمية الرقمية والشمول المالي وتأهيلهن لسوق العمل طبقًا للفرص الاستثمارية بكل محافظة، وهو ما يعزز ثقتها بنفسها واستقلاليتها المالية.
- التدخل الخدمي: توفير وسائل تنظيم الأسرة بالمجان، وتوطين 1500 طبيبة مدربة على تلك الوسائل وتوزيعهن على المنشآت الصحية، وزيادة مشاركة الجمعيات الأهلية التي تقدم خدمات تنظيم الأسرة لتصل إلى 400 جمعية، هذا بخلاف تأهيل مستشفيات تكامل –جزء كبير منها غير مستغل- لتحويلها لوحدات لصحة الأسرة وبعض منها تأهيلها كحضانات لاستيعاب الأطفال، والبعض الآخر كمشاغل وورش عمل للسيدات؛ والتدريب على إنتاج المنسوجات الطبية لسد حاجة المستشفيات، لضمان تسويق المنتجات.
- التدخل التشريعي: بتجريم زواج القاصرات، وتغليظ العقوبة على عمالة الأطفال، وتجريم عدم تسجيل المواليد.
- التحول الرقمي: بتدشين منظومة إلكترونية موحدة لميكنة وربط الخدمات المقدمة للأسرة المصرية، ودمجها بقواعد بيانات الزواج وتكافل وكرامة ووحدات صحة وتنمية الأسرة.
- التدخل الثقافي والتوعوي: بتوعية 6 ملايين سيدة في سن الإنجاب من خلال عقد 30 ألف ندوة و500 فعالية، وتوعية 2 مليون مقبل على الزواج بالقضية السكانية.
وأوضحت الدراسة أن هذا المشروع يبدو وأنه مشروع قومي عظيم على غرار مشروع حياة كريمة، أو مشروعات تحلية المياه، أو بناء المدن الجديدة، أو استصلاح الأراضي وغيرها من المشروعات القومية التي يتم تنفيذها في كافة ربوع الدولة، وجميعنا نفهم احتياجنا لمثل هذه المشروعات، وبعد عرض الخصائص السكانية المصرية ومقارنتها بنظيرتها من الدول الأخرى، أصبحنا ندرك تمامًا أهمية وجود مشروع لبناء وتطوير الأسرة المصرية بوصفها عماد المجتمع والاقتصاد المصري، فالتطوير في البشر هو أساس أي عملية تطوير تنموي مستدام. وهو ما يجعلنا ننتظر الآثار التي ستحققها هذه الاستراتيجية على أرض الواقع، والتي تتطلب متابعة حثيثة واستهداف جيد للأسر المصرية، بما يحقق تحسينًا ملموسًا في الخصائص السكانية للمجتمع المصري.