ربما يعتقد البعض أن المصريين عقب ثورتين وسقوط نظامين لن تجد مواطنا الا وقد انضم الى حزب أو أصبح ذو توجه سياسي سواء مؤيد للنظام الحاكم أو معارض له ولكن الغريب في الامر وبحسب الخبراء والحزبيين فان الاحزاب السياسية التى ذاع صيتها خلال انتخابات مجلس النواب، قد اختفت او ربما غابت عن المشاركة فى الحياة السياسية أو الوفاء بما وعدت به فى حال دخولها البرلمان.
يأتي ذلك على الرغم من ضخامة عدد الأحزاب التى وصلت إلى مايقرب من مائة حزب سياسي تراجعت تلك الاحزاب فلم تكن كثرتها تعبر عن قوتها، فلم يصمد منها فى وجه التيار سوى عدد قليل منها بعدد صوابع اليد، مجرد أسماء فقط تمر على مسمع المواطن المصرى دون معرفة ماهية تلك الاحزاب او دورها واتجاهها، الامر الذى أدى إلى عزوف المواطنين عن المشاركة فى الحياة الحزبية.
أجرى "
انفراد" استطلاعا حاول فيه معرفة لماذا عزف المصريون عن المشاركة فى الحياة الحزبية أو حتى الاهتمام بمعرفة أخبارها
قال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية أن المصريين لايعرفون شيئا عن الحياة الحزبية على الرغم من وجود 104 حزب رسمي الى الان فضلا عن وجود أحزاب غير رسمية كثيرة لا يوجد احصائية رسمية بعددها.
وأضاف فهمي فى تصريحات خاصة لـ"انفراد" أن الحياة الحزبية فى مصر وصلت الى مرحلة سيئة بعد مرورها بعدد من المراحل عقب كل من ثورتي 25 يناير و 30 يونيو حيث شهدت انفتاح كبير فى تشكيل الأحزاب عقب 25 يناير، الا أن ذلك قل كثيرا عقب 30 يونيو حيث كان عدد الاحزاب التى تم تأسيسها قليلا للغاية وغير مؤثر مع اندثار الاحزاب النخبوية كالتجمع والناصري وظهور التأثير الكبير لأحزاب رجال الاعمال كالمصريين الأحرار ومستقبل وطن والتى بدا تأثيرها يتضح بقوة فى مجلس النواب ولكن عندما اصطدمت مصالح رجال الاعمال مع الدولة فضلوا مصالحهم عن الحياة الحزبية ولذا فقدت الاحزاب دورها.
فيما قال السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية الأسبق ، إن السبب الجوهرى وراء عزوف المواطنين عن المشاركة والتفاعل مع الحياة الحزبية، هو أن الأحزاب فشلت فى إثبات دورها فى المجتمع المصرى، وفشلت فى تقديم أى مشروع أو برنامج أو حلول أو اقتراحات لتطوير الحياة فى مصر اقتصاديا أو تعليما أو فى أى ملف آخر.
وأضاف "هريدي" فى تصريحات خاصة لـ"انفراد" :"الأحزاب فشلت فشلا ذريعا، حتى المعارضة فشلت فيها، إضافة إلى الفشل فى مناصرة النظام أو الرئيس كما يجب" قائلا:" مش عارفين بيعملوا ايه..الناس اللى بتحترم عقولها وتاريخها أو قدراتها تعزف عن المشاركة فى هذه الأحزاب شبة الورقية التى كانت تسمى فيما قبل بالكرتونية ووصلت الآن إلى ورقية أى أقل من الكرتونية وليس لها وجود ".
وتابع "هريدي"، :"لا يوجد فى الأحزاب زعماء أو مسئولين أو برامج أو مقترحات أو تواجد فى الشارع، مقراتها "ميتة" ولا شك أن من يحترم نفسه يكون بعيدا عن المشاركة فيها..الأحزاب ميتة اكلينيكيا ، ويرأسها من يحافظون على الأوضاع القائمة لأن مصلحتهم فى المحافظة على الشكل ، لكن الفعل الناتج لا يوجد".
وتساءل "هريدي" :" ماذا قدمت الأحزاب التى كانت كبيرة وأصبحت صغيرة فى السنوات الماضية؟ ..يكتفون بالفرجة ، حتى فرجتهم سلبية ولذا يمكن القول ان الأحزاب ماتت فى مصر .. الأحزاب الجديدة التى تسمى بأحزاب الشباب كلها شاربة من نفس الكوباية" بحسب تعبيره.