أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان صباح اليوم، تقريرها السنوى السادس "فى دائرة الأزمات: حالة حقوق الإنسان فى المنطقة العربية 2022"، ويتناول التقرير الذى يتخطى الـ 400 صفحة، بالعرض والتحليل أوضاع حقوق الإنسان فى 22 دولة عربية خلال عام 2022، مبيناً التغيرات والتطورات التى طرأت على أحوال حقوق الإنسان فى سائر المجالات والفضاءات ذات العلاقة، بما فى ذلك ما تتضمنه التشريعات والقوانين وما اتخذ من سياسات وممارسات وقرارات ذات تأثير على واقع حقوق الإنسان فى هذه الدول.
وتناول الفصل الأول من هذا التقرير موقف الدول العربية من الآليات الدولية لحقوق الإنسان، حيث قدم هذا الفصل لمحة عامة وملاحظات مفصلة عن مدى تعاون هذه الدول مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان، بما فى ذلك مجلس حقوق الانسان، وآلية الاستعراض الدورى الشامل، ولجان المعاهدات، والإجراءات الخاصة، كما سعى هذا الفصل إلى إبراز التحديات التى تواجه الدول العربية فى التعاون مع آليات حقوق الإنسان وقدم تحليلاً معمقًا لجهود الدول العربية فى التصدى لهذه التحديات.
وناقش التقرير فى فصله الثانى موقف الدول العربية من تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وقدم تحليلاً شاملاً لالتزامات الدول العربية بأهداف التنمية المستدامة والتحديات التى تواجهها فى تحقيقها، كما سعى إلى إبراز الجهود التى بذلتها الدول العربية لإدماج التنمية المستدامة فى سياساتها وبرامجها ومبادراتها. وقدم التقرير فى فصله الثالث نظرة على أوضاع حقوق الإنسان فى الدول العربية، وقدم لمحة عامة عن انتهاكات حقوق الإنسان التى وقعت فى الدول العربية فى عام 2022، وفحص الجهود التى بذلتها الدول العربية للتصدى لهذه الانتهاكات وقدم توصيات لتحسين حالة حقوق الإنسان فى الدول العربية. وفى الفصل الرابع والأخير، ركز التقرير على تغير المناخ وحقوق الإنسان فى المنطقة العربية، وقدم تحليلاً معمقًا لتأثير تغير المناخ على حقوق الإنسان فى الدول العربية، بما فى ذلك الحق فى الحياة والصحة والمياه والغذاء والسكن، وسعى إلى إيضاح الجهود التى بذلتها الدول العربية فى عام 2022 للتخفيف من آثار تغير المناخ والتحديات التى واجهتها فى القيام بذلك.
وبخصوص منهجية إعداد التقرير، فقد ارتكزت على رصد السياسات والتشريعات والممارسات من منظور حقوقى يستند إلى الدساتير والقوانين الوطنية لكل دولة، بالإضافة إلى المعايير الدولية لحقوق الإنسان التى التزمت بها هذه الدول على الصعيدين الدولى والإقليمى، ليكون هذا التقرير على غرار التقارير السابقة أحد أدوات التقويم الحقوقى. فتكمن أهمية التقرير السنوى لحقوق الإنسان الصادر عن مؤسسة ماعت فى التشخيص الموضوعى لواقع حقوق الإنسان فى المنطقة العربية من خلال تسليط الضوء على مواطن الخلل والانتهاك من جهة، والتقدم المحرز من جهة أخرى، وصولاً إلى تقديم توصيات قابلة للتطبيق تُسهم فى النهوض الجمعى بواقع حقوق الإنسان فى الدول العربية.
وفى هذا السياق، قال الخبير الحقوقى الدولى، رئيس مؤسسة ماعت، أيمن عقيل، أن صدور هذا التقرير واكب زيادة غير اعتيادية فى تعقيدات المشهد العالمى، فلم يكد العالم يستعيد أنفاسه مجددًا، ويتعافى من تبعات جائحة كورونا التى قوضت النمو الاقتصادى العالمى، وفرضت الإغلاق الكلى والجزئى بفعل قيود مكافحة الوباء، وأوقفت ماكينات كبرى الاقتصادات العالمية، حتى تفجرت الحرب الروسية الأوكرانية فى بدايات عام 2022، فدخل العالم معها مأساة إنسانية جديدة، تجلت معالمها فى قتل آلاف الضحايا الأبرياء، وتشريد الملايين، وتجويع مئات الملايين حول العالم نتيجة لتبعاتها غير المسبوقة على التجارة الدولية والاقتصاد العالمى وسلاسل التوريد والأمن الغذائى العالمى.
وأضاف عقيل، أن الدول العربية هى جزء من النظام الاقتصادى والسياسى العالمى، وبالتالى تأثرت كغيرها من دول العالم خلال عام 2022 بتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وإن كان التأثير الذى وقع على أغلب الدول العربية جراء هذه الأزمة أشد، حيث تفاقمت مستويات انعدام الأمن الغذائى وتعطلت مشروعات وجهود التنمية وانخفضت مستويات المعيشة فى أغلب الدول العربية خلال عام 2022 بفعل الأزمات التى خلفتها هذه الحرب على اقتصاديات هذه الدول، وهو ما ألقى بظلاله السلبية على مجمل حقوق الإنسان للمواطن العربى ولا سيما الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التى تأثرت بشدة جراء هذه الحرب.
من جانبه قال شريف عبد الحميد، مدير وحدة الآليات الدولية بمؤسسة ماعت، إن جهود التنمية المبذولة فى معظم الدول العربية فى عام 2022 لم تكن على قدر التحديات الصعبة التى فرضتها الأزمات العالمية، فتفاقمت معدلات الجوع والفقر وانعدام الأمن الغذائى، وتراجعت مستويات المعيشة، وتعطلت مشروعات التنمية، وازدادت نسب التسرب من التعليم والتفاوتات بين الجنسين فى معظم الدول العربية.
وأوضح عبد الحميد، أن التنمية المستدامة وحقوق الإنسان وجهان لعملة واحدة، وتعزيزهما معًا فى الدول العربية يتطلب تضافر الجهود فى أربعة مجالات رئيسية للعمل، تشمل بناء اقتصادات متنوعة وتنافسية، تعزيز نظم حوكمة قوية ومؤسسات خاضعة للمساءلة وشفافة وتشاركية، ودعم وتمكين مشاركة المجتمعات المهمشة دون تمييز، ودفع عجلة التعافى الأخضر فى قلب التنمية المستدامة.