الواقع والحقيقة يؤكدان أن القضاء سلطة مستقلة عن باقي السلطات، ورسالة سامية تصل بين القاضي وخالقه، ولا يراعي في قضائه ـ إلا نصفه المظلوم والأخذ بيد الضعيف، ولذلك عنيت جميع الدول مهما اختلفت نظم الحكم فيها ـ برسالة القضاء وعملت على استقلاله عن باقي السلطات وتوطيد سلطته ورعاية القائمين عليه ـ لا مراعاة لأشخاص القضاء، ولكن لتوفير ضمانة من ضمانات الشعب في أن يعيش في جو من الأمن والعدالة والاستقرار.
ديكتاتورية أردوغان و الوجه الآخر
إلا أن تلك الرسالة لم يعيها النظام التركى بزعامة رجب طيب أردوغان، الذى يواصل الحملة الانتقامية ضد معارضيه في المؤسسات الرسمية و على رأسها المؤسسة القضائية بذريعة "ملاحقة الانقلابيين"، ردا على محاولة عناصر بالجيش إزاحة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن الحكم، الجمعة الماضي، رغم الاعتراضات الدولية لتلك الإجراءات التى شملت العزل والفصل والمحاكمة.
عزل 2745 قاضياً تركياَ دون تحقيق
ويبد أن قرار المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين في تركيا، السبت الماضى، بإسقاط عضوية 5 موقوفين من أعضائه، فضلاَ عن إبعاد 2745 قاضياً عن مهامه بشكل مؤقت لحين الانتهاء من التحقيقات، ما يؤكد أن هناك مذبحة للقضاة تحدث فى تركيا الوقت الحالى.
يختلف الأمر تماماَ عما حدث فى مصر عقب قيام ثورة 30 يونيو و إزاحة جماعة الإخوان من سدة الحكم، حيث اتخذ القضاء المصرى خطوات قانونية عادلة خلال التحقيقات التى باشرتها النيابة مع 75 قاضياَ لاتهامهم بالتوقيع على بيان عزل محمد مرسى والمعروف اعلامياَ بـ"بيان رابعة" .
3 سنوات تحقيقات مع "قضاة من أجل مصر"
طيلة 3 أعوام جرت فيها تحقيقات ومحاكمة القضاة قبل تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسى على حكم مجلس التأديب والصلاحية بإحالة 44 قاضياَ للصلاحية من إجمالى 71 قاضياَ فى الحركة المعروفة اعلامياَ بـ"قضاة من أجل مصر"، وذلك بناء على التحقيقات التى اثبتت انه بتاريخ 24 يوليو عام 2013 وفى أعقاب ثورة 30 يونيو ونزول ملايين المصريين إلى شوارع وميادين القاهرة والمحافظات منددين ورافضين لسياسات وتوجهات الرئيس السابق وأسلوب إدارته لشئون الحكم فى البلاد والتى بدأت تنتاب المواطنين منذ صدور الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس الأسبق خلال شهر نوفمبر 2012 وانحياز القوات المسلحة إلى الإرادة الشعبية لملايين المصريين وإعلانها بيان 3 يوليو 2013 وعزل مرسى، استشعر الرئيس الأسبق وقيادات التنظيم الإخوانى خطورة الموقف بشأن مستقبل تنظيمهم المحظور وليس فقط منصب رئيس الجمهورية وبدأوا فى تكثيف اتصالاتهم السياسية وغير السياسية بالداخل والخارج لدعم موقف التنظيم والموقف القانونى للرئيس المعزول.
نتائج التحقيقات مع "قضاة من اجل مصر"
وأضافت التحقيقات، أن القضاة المذكورين اضطلعوا بإجراء الاتصالات التنسيقية فيما بينهم من خلال اتصالات هاتفية ولقاءات شخصية بمحال إقامتهم تبلورت فى مقترح أبداه كل من المستشارين أحمد سليمان وناجى دربالة يعد بمثابة موقف للقضاة المستقلين من ثورة 30 يونيو وهو عبارة عن بيان تم توقيعه من عدد من المستشارين يستهدف مضمونه التأكيد على أن ما حدث فى 30 يونيو ما هو إلا تظاهرات برعاية المجلس الاعلى للقوات المسلحة وان ما خرج من رحمها من إجراءات شملت عزل الرئيس السابق وتعطيل العمل بالدستور فى مجملها إجراءات ضد الشرعية والحق والعدل، الأمر الذى من شأنه إثارة الفتنة والوقيعة بين رجال القضاء وكذا تكدير السلم والأمن العام .