شهد المجتمع المصري خلال السنوات السابقة لعام 2014 وتحديدًا عقب أحداث 25 يناير، تحولات في الثقافة المجتمعية السائدة، حاولت إعادة إنتاج منظومة من القيم السلبية التي حملت في طياتها نظرة دونية تجاه المرأة، وهو ما أضاف إلى التحديات التي واجهت جهود تمكين المرأة، وانعكس كذلك على زيادة موجات العنف ضدها وامتهان كرامتها، فضلًا عن انتهاز البعض الفرصة لتوظيف نصوص دينية بشكل مجافٍ لتعاليم الدين، بغرض تقليص مساهمة المرأة في المجال العام وحصر دورها في الحياة على الزواج والإنجاب.
وأكدت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات، أن الدولة انتهجت سياسات جديدة بعد ثورة 30 يونيو فتحت للمرأة آفاقًا جديدة لم تكن متاحة لها من قبل، مهدت لها الطريق لمشاركة واسعة النطاق في كافة القطاعات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وجاء ذلك نتيجة لسياسات الدولة المصرية الهادفة إلى تمكين ودعم المرأة والمساواة بين الجنسين، وتزامن ذلك جليًا مع ترجمة الإرادة السياسية إلى قوانين وتشريعات واستراتيجيات وبرامج تنفيذية تقوم بها جهات حكومية وغير حكومية، بهدف السعي إلى خلق مساحة ومناخ ملائم لتضافر جهود جميع شرائح المجتمع.
وجاء ذلك للوصول إلى الهدف المرجو، وهو تمكين المرأة والحفاظ على حقوقها ووضعها في المكانة التي تليق بقيمتها وتضحياتها على مدار التاريخ، وانطلاقًا من إيمان الدولة المصرية بإيجابية العلاقة بين مستويات المشاركة السياسية للمرأة وبين مستويات التنمية المستدامة 2030 المحددة، ومحورية ملف تمكين المرأة نحو المناصب السياسية العليا كجزء أصيل ورئيس في عملية الإصلاح الاجتماعي والسياسي والثقافي والاقتصادي الشامل.
وترتكز رؤية استراتيجية تمكين المرأة 2030، على أنه بحلول عام 2030 تصبح المرأة المصرية فاعلة رئيسة في تحقيق التنمية المستدامة في وطن يضمن لها كافة حقوقها التي كفلها الدستور، ويحقق لها حماية كاملة ويكفل لها – دون أي تمييز – الفرص الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، التي تمكنها من الارتقاء بقدراتها وتحقيق ذاتها.
وتتطلب تحقيق رؤية وأهداف الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030 العمل من خلال أربعة محاور وهي:
-محور التمكين السياسي وتعزيز الأدوار القيادية للمرأة: من خلال تحفيز المشاركة السياسية للمرأة بكافة أشكالها، بما في ذلك التمثيل النيابي على المستويين الوطني والمحلي، ومنع التمييز ضد المرأة في تقلد المناصب القيادية في المؤسسات التنفيذية والقضائية وتهيئة النساء للنجاح في هذه المناصب.
-محور التمكين الاقتصادي: من خلال تنمية قدرات المرأة لتوسيع خيارات العمل أمامها، وزيادة مشاركتها في قوة العمل، وتحقيق تكافؤ الفرص في توظيف النساء في كافة القطاعات بما في ذلك القطاع الخاص، وريادة الأعمال، وتقلد المناصب الرئيسة في الهيئات العامة والشركات من خلال تهيئة الفرص لمشاركة اجتماعية أكبر للمرأة وتوسيع قدراتها على الاختيار، ومنع الممارسات التي تكرس التمييز ضد المرأة أو التي تضر بها، سواء في المجال العام أو داخل الأسرة.
-محور التمكين الاجتماعي: من خلال مساعدة النساء على الحصول على حقوقهن في المجالات المختلفة، وتوفير خدمات التعليم والصحة للمرأة، وكذلك مساندة المرأة التي تعيش في ظروف صعبة بما في ذلك المرأة المسنة والمعاقة، وتمكين الشابات وزيادة مشاركتهن الاجتماعية.
-محور الحماية: من خلال القضاء على الظواهر السلبية التي تهدد حياتها وسلامتها وكرامتها، وتحول بينها وبين المشاركة الفعالة في كافة المجالات، بما في ذلك كافة أشكال العنف ضد المرأة، وحمايتها من الأخطار البيئية التي قد تؤثر بالسلب عليها من الناحية الاجتماعية أو الاقتصادية.