أكد السفير الحبيب بن فرح، سفير الجمهورية التونسية بدولة فلسطين، أن الثورة التونسية، ونظيرتها المصرية وما تلتها من ثورات لتعديل المسار الثورى غيرت بالفعل مجرى التاريخ المعاصر فى المنطقة والعالم.
وقال السفير الحبيب بن فرح، فى حوار مع موفد وكالة أنباء الشرق الأوسط برام الله خالد العيسوى اليوم "السبت" على هامش احتفال السفارة التونسية بفلسطين بالذكرى الخامسة للثورة التونسية، إنه لايستطيع أحد أن ينكر أن الثورة التونسية ونظرتها المصرية غيرتا مجرى الأوضاع فى المنطقة والعالم وأصبح شعار الثورة التونسية والمصرية "الشعب يريد" شعارا عالميا الآن.
ورفض الحبيب، أن تكون الثورة التونسية مصدرة للخارج ولكنها حركت الشعوب الراغبة فى الحرية والديمقراطية والكرامة، معربا عن أمله فى أن تكون الثورة التونسية مجالا معبرا للعالم العربى فى الحرية والاستقرار والديمقراطية باعتبارها ثورة ناجحة وحققت العديد من الانجازات لشعبها.
وأكد الحبيب على متانة وقوة العلاقات المصرية التونسية باعتبارها مثالا يحتذى به فى الأخوة العربية، موضحا أن التفاهم والتشاور المستمر هو عنوان تلك العلاقات على المستويات كافة القيادية والحكومية والشعبية.
وحول مرور 5 أعوام على الثورة التونسية ومدى نتائجها على الداخل التونسى، أكد السفير الحبيب بن فرح، أن كل الأوضاع وما يدور فى تونس بعد 5 أعوام من حرية وديمقراطية وعدالة اجتماعية وبعض الانجازات الأخرى تؤكد أنه قد حدثت ثورة حقيقية فى تونس على يد الشعب فى 14 يناير 2011، مشيرا إلى أن المطالب والطموحات الكبيرة للشعب التونسى ربما تكون قد اثقلت المسار الثورى وهذه طبيعة الثورات الشعبية ولكن المؤكد أن هناك انجازات تحققت بفعل الثورة الشعبية التونسية.
وقال السفير التونسى، إن هناك إرادة صادقة من قبل الشعب التونسى وكذلك القيادة المسئولة لتحقيق باقى الانجازات التى تتحقق يوما بعد يوم لتؤكد أن المسار الثورى يسير فى طريقه الصحيح لتحقيق أهداف ثورة يناير المجيدة، رافضا فكرة تقييم الثورات عبر السنوات لأن المسار الثورى قائم ويعمل على تحقيق طموحات وأمال الشعب التونسى فى ثورته.
وأكد أن المسار الثورى الحالى أمن عدم العودة إلى الوراء وهذا من أهم إنجازات هذا المسار الذى يعمل عبر الدستور التونسى على غلق أى مجال للعودة إلى الوراء والمضى قدما نحو تحقيق الأفضل وتحقيق أهداف الثورة الرامية إلى الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية مع المحافظة على مؤسسات الدولة التى تعمل منذ اليوم الأول وخلال الثورة على استقرار الدولة وإنهاء العنف والفوضى وقطع الطريق على أى من أسماها بـ"النفوس المريضة" لتعوق المسار الثورى الهادف إلى تحقيق الثورة.
وأشار إلى أن الثورة التونسية أمانة فى يد كل مسئول يعمل على تحقيق أهدافها عبر تلك الأمانة التى حملها الشعب التونسى للمسئولين، موضحا فى الوقت ذاته أن الثورة التونسية أمانة فى يد كل فرد من أفراد الشعب والذى بدوره أصبح مراقبا لكل مسئول ويعمل معه من أجل رقى الدولة التونسية.
ولفت السفير الحبيب إلى أن التونسيين مستمرون فى مسارهم الثورى ولعل الفوز بجائزة نوبل هو خير دليل على ذلك عبر التوافق الوطنى الرامى إلى تحقيق أهداف الثورة من كرامة وحرية وديمقراطية، كاشفا عن قرب الاعلان عن المحكمة الدستورية التونسية لأول مرة فى تونس والتى تعد من إنجازات الثورة وتوافقها الوطنى المسئول والهادف إلى استمرار تقديم الإنجازات الوحدة تلو الأخرى.
وحول محاربة الارهاب والذى أصبح ظاهرة عالمية وخصوصا فى بلدان الثورات ومنها تونس، أكد السفير الحبيب أن الحكومة التونسية لا تتعامل بمنطق رد الفعل فى محاربة الارهاب ولكنها من خلال مؤسسات لديها استراتيجية وطنية لمكافحة الارهاب بمشاركة الأطراف كافة، موضحا أن الاستراتيجية تقوم ليس فقط على الجانب الأمنى بل بمجالات أخرى مثل محاربة الفكر المتطرف والعنف من خلال الثقافة وغيرها من المجالات حيث تقوم المؤسسات بمحاربة "التدبير بالتفكير" عبر خلق جيل جديد لديه من ثقافة محاربة العنف والإرهاب أرضية واضحة وقوية.
وأضاف أن المؤسسات التونسية تعمل باليل والنهار على توعية المواطنين والشباب بخطر الارهاب وكيفية مواجهته، مؤكدا أن الدولة التونسية أيضا تساند وتؤيد أى جهد عالمى لمحاربة الارهاب وتعتبر نفسها جزء أصيل منه.
وحول تشكيل كتلة وطنية جديدة من رحم الحزب الحاكم هو نداء تونس فى البرلمان، أوضح السفير الحبيب أنه من الطبيعى أن يكون داخل الشأن الحزبى الواحد خلافات ومشاكل وهذا أمر معقول ولا يمكن مصادرة أى حرية للتونسى تحت أى عنوان لأن الحرية فى تونس أصبحت "خط أحمر" وأمانة شعب لا يمكن التراجع عنها.
وأكد أنه يمثل الدولة التونسية ولا يمكن أن يمثل حزبا بعينه وهذا هو ناتج تونس الجديدة بعد الثورة، لافتا إلى أنه مهما كانت الخلافات وغيرها سيظل القاسم المشترك هو الحرية والحفاظ على الدولة ومؤسساتها وأن يكون الخلاف داخل قبة البرلمان تحت إطار الدستور والقانون وعبر المؤسسات.
وحول الأوضاع فى تونس وكيفية التعامل معها، قال السفير التونسى لدى دولة فلسطين إنه لا يمكن أن يزايد أحد على نضال وثورة الشعب الفلسطينى المستمرة وصبرهم وسعيهم الدائم من أجل إقامة دولتهم المستقلة والوصول إلى الحرية، مؤكدا أن كل التطورات فى الساحة الفلسطينية سواء من خلال الهبة الشعبية القائمة أو الحراك السياسى القائم مطلوب شرطيا أن يكون تحت العنوان العريض هو "مصلحة الشعب الفلسطيني".
وأكد الحبيب بن فرح، أن تونس قيادة وحكومة وشعبا مع نضال الشعب الفلسطينى وتسانده وتؤيده، لافتا إلى أن القضية الفلسطينية هى قضية كل التونسيين ولا يمكن ترك الشعب الفلسطينى وحده فى الميدان فى ظل الظروف الاقليمية والدولية والتى لا تقف مع الأوضاع الحالية فى فلسطين.