في العاشر من الشهر المقبل تكون مصر على موعد مع حدث، سيعيد لها مجدها في القارة السمراء، حيث من المقرر أن تستضيف مدينة شرم الشيخ، الجلسة الثالثة للدورة التشريعية الرابعة للبرلمان الأفريقي خلال الفترة الممتدة من 10 – 21 من أكتوبر المقبل، بالتزامن مع إحتفال مصر بمرور 150 عاماً على تأسيس الحياة النيابية في البلاد.
استضافة مصر لجلسات البرلمان الأفريقي، ستعيد مصر إلى إحتلال مكانتها التي كانت تحتلها في القارة خلال حقبة حكم الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، وهي ليست مجرد مراسم بروتوكولية عادية، ولكنها ذات أبعاد استراتيجية على جميع الصعد، سياسية واقتصادية ودينية، خاصة وأن الإحتفالية المصرية سيحضرها العديد من رؤساء البرلمان العربية والأجنبية والأفريقية بطبيعة الحال.
أما المكاسب المتوقعة على الصعيد الأفريقي فقد تجلت أولاها في مطالبة رئيس البرلمان الأفريقي روجيه كوندون وعدد من أعضائه للسلطات المصرية خلال زيارته الأخيرة إلى القاهرة بتخصيص قاعة لجلسات برلمانه داخل حرم مجلس النواب المصري، وفي حال حدوث ذلك تكون مصر هي المقر الرسمي للعديد من المنظمات العربية والإقليمية، مما يزيد من ثقلها السياسي، وأوراق الضغط التي تملكها، كما تعد مطالبات رئيس البرلمان الأفريقي وعدد من نوابه باستضافة مصر لمقر البرلمان، اعترافًا صريحًا من "كوندون" بأن مصر أكثر الدول الأفريقية أمناً، وخاصة بعد الحادث الأخير الذي تعرض إليه بعض نواب البرلمان الأفريقي في عاصمة جنوب أفريقيا جوهانسبرج، والتي هي دولة المقر الحالي للبرلمان الأفريقي، حيث تعرضت نائبة من السنغال لحادث سرقة وإطلاق نار نقلت على إثره إلى المستشفى هي وعدد آخر من النائبات خلال مشاركتهن في جلسات البرلمان هناك، لتضاف إلى سجل الحوادث العديدة التي أصيب بها أعضاؤه منذ عام 2012.
استضافة مصر جلسات البرلمان الأفريقي في مدينة شرم الشيخ تحديدًا، وتمكنها من توفير الأمن اللازم لإنجاحها، ستكون لها تبعات مباشرة على عودة السياحة مرة أخرى الى البلاد وتنشيطها، على الصعيدين الأفريقي والدولي، ليكون نوع من الدعاية المجانية لقطاع السياحة، حيث سيكون الإنفاق على استضافة البرلمان الأفريقي، لتعود المكاسب على قطاعات عدة، وفي مقدمتها السياحة طبعاً، بنفس التكلفة.
أما عن البعد السياسي الأهم والذي يكمن في الحيلولة دون ازدياد التغلغل الإسرائيلي الصهيوني في القارة السمراء، وخاصة أثيوبيا وما له من مآلات على حصص مصر من مياة نهر النيل، وبالتالي الوصول إلى تسوية مرضية مع جميع دول المنبع، في عدم تأثر حصة مصر من المياة، عبر تكوين تكتلات قارية قوية تكون حائلاً دون انفراد أثيوبيا بالقرار فيما يخص سد النهضة.
أما عن البعد الإقتصادي، فقد كان للمستشار السياسي لرئيس البرلمان الأفريقي وعضو مجلس النواب المصري مصطفى الجندي، مطالبات بإقامة معرض كبير للمنتجات والسلع المصرية على هامش إجتماعات البرلمان الأفريقي في شرم الشيخ، لتكون فرصة مناسبة لزيادة التبادل التجاري مع دول أفريقيا، والتي تعد سوقاً واعدة بحسب العديد من الباحثين والمتخصصين في قطاعي الاقتصاد والإستثمار.
تغلغل الدور المصري في أفريقيا مرة أخرى عبر السياسة، المتمثلة في استضافتها لجلسات البرلمان الأفريقي، ومقره مستقبلًا، يضيف إلى القوى الأخرى التي تمتلك مصر في القارة السمراء، وفي مقدمتها القوة الناعمة، والتي يمثلها منذ نحو 1044 سنة، الأزهر الشريف ببعثاته التعليمية التي يوفدها إلى دول القارة لنشر تعاليم الإسلام، ناهيك عن دور وزارة الصحة والتي ترسل العديد من القوافل الطبية لعلاج المرضى الفقراء منهم في معظم الدول الأفريقية.