قال عمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، إن توسع داعش يدعمه مصالح قوى وأجهزة تريد أن تظل الفوضى قائمة فى المنطقة فمن بدأ بزرع الصراع فى أفغانستان وأجج الفتن بين الشعوب المسلمة هى أجهزة ووكالات عالمية أرادت أن يصبح الإسلام السياسى نواة ينطلق منها العنف الذى عم بعض الدول العربية والإسلامية ولا يمكن أن ننكر أن التطرف الدينى خلق منذ عهد الاستعمار.
جاء ذلك خلال كلمته بالاجتماع الدولى بروما الذى نظمه مركز "Nizami Ganjavi" الدولى بالتعاون مع الجمعية الإيطالية للتنظيم الدولى بمشاركة دولية رفيعة المستوى لرؤساء دول أوروبية ووزراء وممثلين من عدد من الدول الأوروبية والمتوسطية حول كيفية صناعة القرار السياسى الممنهج لاستيعاب حوار الأديان والحد من الصراعات والتطرف الدينى بين الثقافات والأمم المختلفة.
وأضاف موسى خلال بيان له اليوم، الخميس، أنه لا يمكن هزيمة العنف والتطرف بالاكتفاء بالدعوة للحوار بين الأديان وتبادل الاّراء فيما بيننا ولكن بداية الحل هو الاعتراف والمصارحة بأن الجميع أخطأ فالعالم العربى والإسلامى لديه أخطاء ساهمت فى توسع تلك الجماعات بسوء إدارة الحكم فى بعض الدول وعدم الاهتمام بالتعليم والثقافة وانتشار الفقر وعدم اللحاق بركب العصرنة والتمدن، وأخطأ الغرب عندما اعتمد الدين الإسلامى عدوا له وساهم فى ذلك سياسته الدولية التى تعاملت بازدواجية فى المعايير مع القضايا التى تخص العالم العربى والإسلامى واتضح ذلك فى معالجته للقضية الفلسطينية وعدم الاعتراف بحقوق الفلسطينيين فى مقابل مزايا واسعة للإسرائيليين، إضافة لحالة التعبئة التى أقامها الغرب أثناء الحرب فى أفغانستان ومن هناك انطلق التطرّف الحقيقى الذى نعانى منه اليوم وأضاف موسى أن الغرب اتبع سياسات غير منصفة بالتدخل فى شئون الشعوب والحكومات الإسلامية".
وشدد موسى على أن هناك أخطاء كبرى ارتكبت فى حق الشعوب بالشرق الأوسط أهمها خَلط الدين بالسياسة ودعوة الشباب المسلم للتسييس فمنذ الحرب الباردة وهى الحقبة التى شهدت الصدام الأول للحضارات كان الهدف هو هزيمة الشيوعية والاتحاد السوفيتى لصالح الرأسمالية الغربية واستخدم الشباب المسلم الفقير من بلدان عديدة من إندونسيا إلى موريتانيا وغيرها لتحقيق أهداف بعيدة تماما عن ما تم حشدهم إليه باسم الدين، ثم جاءت الطفرة التكنولوجية وظهور وسائل التواصل الاجتماعى التى ساهمت فى انتشار الأفكار المتطرفة وغيرها بين الشباب بسرعة كبيرة لينتقل الصراع إلى الدول والمجتمعات العربية، ومع فشل الأنظمة الحاكمة فى حل مشاكل الشعوب زاد الشعور بالظلم والإحباط، ولا يمكن معالجة هذا التوتر دون إعادة النظر فى السياسيات الغربية بالشرق الأوسط.
أكد موسى أن هناك تقييما خاطئا للوضع فى العراق ومنطقة الهلال الخصيب مع الترويج لقضية الصراع "السنى-الشيعى" حتى يتقبل السكان بمناطق الصراع لفكرة التقسيم وهو أمر كله شر، فالجماعات المتطرفة لا يعنيها تقسيما على أساس دينى او عرقى بل هناك خططا معدة لانتشار العنف و الفوضى وهو مانراه فى تحركات داعش من سوريا والعراق بآسيا إلى ليبيا بمعداتها وأسلحتها ثقيلة وبأعداد تخطت 3000 متطرف حسب تقارير الامم المتحدة مرورا بتخطى تلك المجموعات المسلحة إلى مالى وتعاونها مع جماعات بوكر حرام فى نيجيريا بإفريقيا، تسآل موسى من سمح لهم بالمرور ومن سهل لهم التوسع؟.. فالحقيقة أن هناك قوى كبرى تدعم انتشار العنف وتريد أن يظل داعش الوحش الذى يرعب هذا العالم.
اختتم موسى كلمته بأن على الشعوب والحكومات مسئولية كبيرة لتوقيف العنف فعلينا أن نستيقظ وننظر للواقع بتحدى التطرّف ومعالجة أسبابه الحقيقية من أجل السلام الذى نأمل ان يحل على العالم أجمع، فنحن بحاجة إلى أن نتقاسم القيم المشتركة بين الأديان السماوية الثلاثة وليس مشاركة الأفكار المتعارضة، هذه فرصتنا الوحيدة و لا يمكن ان تفوتنا.