شهدت الفترة الأخيرة جدلاً واسعاً حول أحقية الجهاز المركزى للمحاسبات فى مراجعة ميزانية مجلس النواب، طبقاً للمادة 219 التى تتيح للجهاز المركزى الرقابة على كل أجهزة الدولة، وبإعتبار البرلمان جهاز من هذه الأجهزة، يجب إلزامة وخضوعه للمراقبة من قبل الجهاز المركزى للمحاسبات، وذلك ما طالب به النائب محمد أنور السادات، عضو مجلس النواب فى بيان أصدره طالب من خلاله بضرورة خضوع ميزانية المجلس لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات طبقاً للمادة 219 من القانون، وتحدث بعدها فى بيان استنكر فيه عدم ورود وعرض تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات في السنوات الماضية على مجلس النواب حتى الآن، وعدم إتاحة هذه التقارير لأعضاء المجلس.
السادات اعتبر أن الأمر يخالف نص المادة 217 من الدستور التي نصت على عرض تقارير الأجهزة الرقابية على المجلس فور صدورها، وذلك بالنسبة لتقارير الجهاز في السنوات الثلاثة الماضية.
وأيد بعض البرلمانيون ذلك الأمر وأكدوا أن ذلك مطابق لنص المادة 219 التى تتتيح للجهاز المركزى للمحاسبات الرقابة على أموال كل أجهزة الدولة، وأكدوا أنه من حق الجهاز أيضاً مناقشة ميزانية البرلمان، لأنها جهاز من أجهزة الدولة، ولا يجوز إنتقاصه حتى لا نخالف الدستور والقانون، حسبما يقول النائب أبو المعاطى مصطفى، عضو مجلس النواب، مضيفا فى تصريح خاص لـ"انفراد" أنه يؤيد مراجعة ميزانية البرلمان من قبل الجهاز المركزى للمحاسبات، ومؤكداً في الوقت ذاته أن المجلس مستعد لأى رقابة من قبل أى جهة فى الدولة، كما يعمل بكل أمانة ومصداقية، ويحارب أى فساد موجود فى المجتمع، علاوة على أن لجنة الخطة والموازنة لا تتستر على أى فساد داخل المجلس، وتكشف المستور دائماً، قائلاً: "اللى على راسه بطحة هو اللى خايف من الرقابة".
في المقابل هناك أراء لبرلمانيون ودستوريون تنفي ما سبق وتؤكد أن خضوع موزانة البرلمان للرقابة يخالف نص اللائحة الداخلية للبرلمان، التى تنص على أن المجلس مستقل بموازنته وتدرج رقم واحد فى موازنة الدولة، وبموجب مادة 403 تعتبر لجنة الخطة والموازنة لجنة لحسابات المجلس فى كل اختصاصاتها المنصوص عليها فى هذا الباب"، وذلك ما أكده النائب أحمد رفعت، عضو مجلس النواب، فى تصريح خاص لـ"انفراد" أكد خلاله أن اختصاص لجنة الخطة والموازنة بمناقشة ميزانية البرلمان هو حق أصيل للمجلس طبقاً للائحة الداخلية، إعمالاً بمبدأ الفصل بين السلطات، وإن البرلمان هو الجهة الرقابية على مؤسسات الدولة، بأمر من الشعب الذى كلفه بذلك حينما انتخب أعضاءه، مؤكداً أن البرلمان هو رقيب على ذاته، ولا يمكن أن يتحد أعضاء البرلمان المنتخبين من مختلف أنحاء الدوائر بالجمهورية بالتستر على فساد أبدًا، حتى داخل البرلمان ذاته.
وأضاف "رفعت"، أنه من حق أى نائب عندما يشعر بفساد فى أى مؤسسة من مؤسسات الدولة، بما فيها البرلمان نفسه، أن يتوجه لمناقشة الموضوع، وأن يتخذ كافة الإجراءات الرقابية التى هى من صميم عمله فى محاربة ذلك الفساد.
وأكد "رفعت" أن الجهاز المركزى للمحاسبات مختص بمحاربة الفساد، وفى حالة توصل أحد أعضاء الجهاز المركزى لفساد فى أى مؤسسات الدولة، حتى وإن كان البرلمان، فعليه أن يوجهها للبرلمان ذاته، إعمالاً للدستور المستفتى عليه بأن البرلمان هو الرقيب على نفسه، ولا يجوز اتخاذ إجراءات قانونية ضد أعضائه إعمالًا لمبدأ الحصانة الإجرائية، التى تنص على أن "اتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد أحد أعضاء البرلمان لا يجوز إلا بعد أخذ موافقة البرلمان"، وموافقة البرلمان تأتى بعد التصويت من النواب.
وأشار "رفعت" إلى أن أى شبهة فساد فى نائب معين سيتم حسابه من قبل المجلس، والدليل على ذلك موقف البرلمان مع توفيق عكاشة، وما يتخذ من إجراءات ضد محمد أنور السادات، وموقف البرلمان أيضاً من الحكم القضائى الخاص بـ"أحمد مرتضى منصور"، مؤكدًا أن البرلمان يطهر نفسه بنفسه، ولا يمكن له أن يتستر على فساد حتى ولو كان داخله.
وأيد ذلك أيضاً النائب سعيد شبايك، عضو مجلس النواب، حيث أكد ذلك فى تصريح خاص لـ"انفراد" أن اللائحة الداخلية للبرلمان تنص على أن المجلس هو المختص فى مراجعة ميزانياته من خلال لجنة الخطة والموازنة، وأن المجلس لا يوجد به أى شبهة فساد، قائلاً: "المجلس بيحب الشفافية، ومعندناش مانع أن يكون فى مراقبة علينا من الجهاز المركزى للمحاسبات" .
وأكد "شبايك" أن البرلمان هو المختص بمراقبة نفسه، وهو المختص أيضاً بمراقبة الجهات التنفيذية كلها، مؤكداً أن البرلمان لا يتستر على أى فساد داخله .