أنهى المستشار مجدى العجاتى فترة مسئوليته و ترك مقعده كوزير للشئون القانونية و النيابية لخليفته على نفس المنصب المستشار عمر مروان ، و لكن بعد أن تغير إختصاص الوزارة الى متابعة القوانين و تأخذ دورتها المعتادة بين الحكومة و البرلمان و مجلس الدولة دون التدخل فيها ، حيث تغير إسم الوزارة إلى " وزارة شئون مجلس النواب " .
فى حجرة الوزير التى تقبع بالدور الأول بمبنى المجمع و هو مبنى ملحق بالمبنى الأثرى العريق بمقر مجلس النواب ، ترك العجاتى بها إرثاً ثقيلاً فى علاقته بعلى عبد العال رئيس المجلس تشهد عليه جدرانها .
حيث شهدت علاقتهما قدراً عالى من الندية فى التعامل ، ظهرت بوضوح جلي أمام أعين النواب عدة مرات ، كان أكثرها وضوحاً عقب أحداث تفجير الكنيسة البطرسية .
12 ديسمبر الماضي كان من المقرر عقد جلسة عامة تبدأ حوالى الواحدة ظهراً لكنها تأخرت ما يزيد على الساعة ، و ذلك بسبب حضور عبد العال مراسم الجنازة العسكريه التى أقيمت حينها تكريماً لشهداء الكنيسة و كان على رأس الحضور الرئيس عبد الفتاح السيسى و بالإضافة لعدد كبير من رجال الدولة .
عاد بعدها عبد العال لمقر المجلس و أعلن بدأ الجلسة العامة ، و كانت ثورة الغضب واضحة على النواب بسبب الحادث الإرهابى المرير .
إستهل عبد العال كلمته بتقديم التعازى لأسر الشهداء و تحدث عن إمكانية تعديل الدستور بما يسمح للقضاء العسكرى بنظر قضايا الإرهاب ، و ذلك عوضاً عن إجراءات التقاضى العادية التى تستنزف وقت طويل ، خصوصاً بعد أن وجه الرئيس عبد الفتاح السيسى التنبيه الثانى للقضاة بشأن تباطؤ نظر دعاوى الإرهاب و الذى أصبح محفذ للجمعات المخربة لإرتكاب المزيد من الأحداث الإرهابية .
لاقى هذا الإقتراح ترحاب شديد من النواب ، لكنه لم يمثل نفس التأثير بالنسبة المستشار مجدى العجاتى حيث طلب الكلمة من رئيس المجلس و قال أن القانون الجنائى به عقوبات رادعة ، لكن قانون الإجراءات الجنائية به العديد من العيوب ، لذلك تقدمت الحكومة بتعديلات عليه أهمها هو النص الذى يلزم محكمة النقض أن تتصدى و تحكم على الموضوع المعروض عليها و هذا من شأنه تقليل فترة التقاضى .
و أضاف قائلاً " ياريت المجلس يقر حق المحكمة فى تحديد عدد الشهود الذين يمثلون أمامها لان المبالغة فى عددهم يطيل فترة نظر الدعوى "
و أكمل العجاتى " الحكومة فى سبيلها لعقد مؤتمر لوضع قانون جديد للإجراءات الجنائية " ثم وجه كلامه لعبد العال قائلاً "و انت على رأس المدعوين للمؤتمر "
و هنا إستنكر عدد من النواب رفض العجاتى لكلمة رئيس المجلس التى قالها حول تعديل الدستور و فرض المحاكمات العسكرية على قضايا الإرهاب .
أما على عبد العال فلم يكترث بكلام المستشار العجاتى و قام بإحتواء غضب النواب و وجه كلامه للعجاتى مطالباً لضرورة إلتفات الحكومة لوضع بوابات إليكترونية على مداخل الكنائس قبل أعياد الميلاد ، كأحد إجراءات التأمين التى يجب على الحكومة أن تتخذها الفترة القادمة أو فيما معناه أراد رئيس مجلس النواب أن يوجه رسالة للعجاتى ممثل الحكومة مفداها " شوفوا شغلكم الأول " .
و فى سابقة غريبة و غير مفهومة أن تدعو الحكومة للحشد لمؤتمر حتى تعلن عن تعديلات قانون ، فمشرعات القوانين تأخذ مسارها المعتاد بين الحكومة و البرلمان و مجلس الدولة دون الحاجة لعقد مؤتمرات شعبية.
يوم 13 ديسمبر الماضى تلقى المستشار العجاتى إتصالاً هاتفياً من شخصية هامة كانت تتسأل حول ما تم خلال الجلسة العامة فرد العجاتى أنه تم الإتفاق مع " التشريعية " - لجنة الشئون التشريعية بالبرلمان ـ و هما هيعملوا القانون و أهو تبقى جت منهم ".
و على كل الأحوال حتى هذه اللحظة لم تظهر تعديلات قانون الإجراءات الجنائية و نحن مازلنا بإنتظار إعلان الحكومة عن المؤتمر حتى نرى مقاصد العدالة الناجزة تتحقق و تشفى غليل أهالى الشهداء .
و كانت هذه إحدى اللقطات الواضحة بخصوص طبيعة العلاقة بين رئيس البرلمان و ممثل الحكومة السابق ، علاوة على تهرب الوزراء فى بعض الأحيان من حضور اللجان و الجلسة العامة و عدم تدخل العجاتى لحل هذه الأزمة إلا بتقديم الإعتذار أو أن يكون ممثل عن كل وزير و يرد على إستفسارات النواب بالنيابة عنه .
و ترددت أقاويل كثيرة وقت التعديل الوزارى الأخير أن عبد العال كان يدفع بشدة لزحزحة العجاتى عن منصبه ، خصوصاً مع كثرة تصريحات العجاتى للإعلام التى كانت تثير حفيظة عبد العال ، و أن عبد العال هو سبب تغير أسم و دور الوزارة حتى ينتهى تماماً من تدخلاتها فى وضع القوانين و صياغتها .
عمر مروان وزير شئون مجلس النواب الجديد رجل ذكى ، و يعلم جيداً حجم العبء الملقى عليه بحكم منصبه و بحكم الإرث الذى تركه العجاتى له ، ففى أول تصريح صحفى له أعلن أن " وزارة العدل هى المسئولة عن إعداد القوانين و وزارة شئون مجلس النواب التى يترأسها تتولى متابعها سواء فى مجلس الدولة أو النواب " ، و بذلك حاول مروان أن ينفى عن نفسه و عن الوزارة أى شبهة إستمرار فى لعب نفس الدور الذى كان يلعبه العجاتى ، و أدى إلى توتر العلاقة بين الحكومة و البرلمان .