خسر البرلمان معركته و عاد صفر اليدين بسبب القضاء ، و يثبت القضاء ان خبرة نواب البرلمان فى سن القانون محدودة بالرغم من مسئوليتهم الاصيلة عن التشريع , فمن المعروف أن عرف القضاء يحوذ احترام و قوة القانون فى التطبيق .
اللطمة قوية سددها مجلس القضاء الاعلى اليوم برفض مشروع قانون مقدم من البرلمان بشأن تولى رئيس الجمهورية تعيين رؤساء الهيئات القضائية , حيث رفض المجلس برئاسة المستشار مصطفى شفيق، بالإجماع، مشروع قانون اختيار رؤساء الهيئات القضائية المقدم من النائب أحمد حلمى الشريف و نواب اخرين ،
وأكد المستشار عادل الشوربجى النائب الاول لرئيس محكمة النقض أن القضاة متمسكون بطريقة اختيار رؤساء الهيئات القضائية الواردة فى قانون السلطة القضائية الحالى، التى تنص على مبدأ الأقدمية فى اختيار رؤساء الهيئات، ومن المقرر أن يرسل مجلس القضاء الأعلى خطابًا إلى للبرلمان يخطره رسمياً برفضه , و ذلك إعمالاً لحكم المادة 185 من الدستور، التى تلزم بأخذ آراء الجهات القضائية فى مشروعات القوانين المنظمة لشئونها .
وقد تقدم النائب أحمد حلمى الشريف، وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، بالمقترح الذى يتضمن تعديل قوانين السلطة القضائية ومجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية، بشأن طريقة اختيار رؤساء تلك الهيئات، بحيث يكون الاختيار من بين ثلاثة ترشحهم الجمعيات العمومية لتلك الهيئات، ويختار رئيس الجمهورية من بينهم، بعدما كانت الجمعيات العمومية ترشح أقدم الأعضاء، ويُرسل اسمه لرئيس الجمهورية ليصدق عليهالت
و قد أصدر رؤساء ادارات أندية مجالس الهيئات القضائية بيانا ديسمبر الماضى أعلنوا رفضهم القانون جملة و تفصيلاً حيث ذكروا خلاله " إن الثوابت والأعراف القضائية قد تواترت واستقرت على الاختيار بالأقدمية المطلقة منذ انشاء الهيئات والجهات القضائية حتى الآن باعتباره معيارًا موضوعيًا لا تدخل فيه للأهواء".واستطرد البيان: "هذا وقد استقرت الدساتير المتعاقبة ومنها الدستور الحالى على مبدأ الفصل بين السلطات، حاكمًا للعلاقة بين السلطات الثلاثة القضائية والتنفيذية والتشريعية، وأن سيادة القانون اساس الحكم فى الدولة وتخضع الدولة بكافة مؤسساتها للقانون وان استقلال القضاء وحصانته وحيادته ضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات".وتابع البيان: "أن السلطة القضائية مستقلة والتدخل فى شئون العدالة والقضايا جريمة لا تسقط بالتقادم، وتقوم كل جهة أو هيئة قضائية على شئونها ويؤخذ رآيها فى مشروعات القوانين المنظمة لشئونها".
شاور مع مجلس القضاء الأعلى والجهات القضائية الأخرى فى هذا الأمر، وأنه تمت دعوة المجلس الاستشارى لرؤساء أندية الأقاليم لاجتماع عاجل بشأن مناقشته. وأشار رئيس نادى القضاة في بيان له أنه يكن كل الاحترام لمجلس النواب بصفته صاحب الاختصاص الأصيل فى سلطة التشريع، إلا أن هذا الاختصاص ﻻ يسلب القضاة حقهم فى إبداء رأيهم فى مشروعات القوانين المنظمة لشئونهم. وقال رئيس
وتعقيباً على ذلك جائت تصريحات النائب أحمد الشريف من النوع حفظ ماء الوجه مما ينبئ بدخول هذا القانون الادراج بلا عودة , حيث أشار أنه متمسك بمشروع القانون لأنه يضع آليات لاختيار الرؤساء عن طريق القانون وليس عن طريق العرف الذى يتبعه القضاء ، موضحا أن الدستور ألزم البرلمان باستطلاع آراء الجهات المعنية لكنه لم يلزمه بالالتزام بموقفهم أو إلغاء مناقشته وحسم القرار النهائى بشأنه، قائلا: "الدستور لم يلزمنى أن التزم برفضهم، لكن الدستور ألزمنى باستطلاع الرأى فنحن لا نختلف مع الجهات القضائية وهذا شأنهم ولكن قناعتى أن المشروع لا يمس استقلال القضاء بل ينظم طريقة الاختيار فقط " .
و بذلك يعد موقف البرلمان سابقة لم يقدم عليها أى برلمان سابق , مما سيدفع القضاة للحفاظ على حقوقهم التاريخية بلا هوادة .